عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
7448
 
أميمة البدري
من آل منابر ثقافية

أميمة البدري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
15

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
Jul 2011

الاقامة
السعودية

رقم العضوية
10246
09-01-2011, 09:05 PM
المشاركة 1
09-01-2011, 09:05 PM
المشاركة 1
Post مذكرات سيدة محترمة - قصة قصيرة
(( مذكرات سيدة محترمة ))
***************************************
*
الإهداء: إلى المرأة..* والمرأة الوحيدة..* فقط !


*
اليـــوم .. شعرتُ برغبة في البكاء ... وجدتُ بعض الوقت .. فبكيتُ كما لم أبكِ من قبل ..
بلل دمعي المنشفة التي كنتُ ألف بها وجهي .. بكيتُ .. وبكيتُ .. وبكيتُ .. الحسرة تأكل جزءاً كبيراً من قلبي ..
انطفأت الكهرباء ... فأزداد الجو لهيباً .. الهدوء يخيم على المنزل الخاوي ... إلاّ من جسدي .. وبقايا روحي .. والخادمة ..
اختلط دمعي بعرقي .. أحاول أن امسحهما .. الجو في الجنوب صيفاً .. لا يطاق .. لقد قرأتُ في جريدة اليوم أن صيف هذه العام أشد حرارة .
يتساقط .. العرق .. والدمع .. والدم .. !

دقات الساعة .. تزيدني بكاءاً ..
تمضي الساعات والأيام ..
والسنوات ..
تمزق الهدوء .. رنات الهاتف ..
*منْ يكون .. ؟
- منْ تكون .. ؟
- لا أحـــد ..

عاودتْ هدوءها .. وبعض بكاؤها تقلب صفحات دفترها : -
- اليوم كان بطيئاً ... مرّ وقت طويل و لازالت الساعة التاسعة صباحاً ..
- في السادسة والنصف أكون أول الحاضرات .. العم محمد..
والخالة آمنة يفتحان .. بوابة المدرسة..
حيث أذوب .. وتذوب كثير من آلامي ..
دفتر الحضور .. أمامي ..
تدلف الوكيلة ...
- صباح الخير ..
- أرد بابتسامة ..
تندلق باقي الوجوه .. الناسخة .. والمعلمات .. ثم المشرفة الاجتماعية .. دائماً متأخرة . !
بعض الوجوه كئيبة .. وأخرى سعيدة .. وبعض العيون سهرانة .. وأخرى تنطلق منها نشوة الشباب والفرح بالوظيفة الجديدة .. أوقع للجميع في دفتر تحضـير الدروس
.. " كل صفحة تحمل توقيعي الجميل " - كما تقول إحدى المعلمات* –
جو الفرح .. والحياة .. يملآن أرجاء المدرسة ..
*
في السابعة .. وكل النفوس راضية .. ُيقفل الدوام .. ونضع الخط الأحمر.. يقولون عني شخصية إدارية فريدة ..
لقد صقلتني أيام الدراسة وسنوات الخبرة كثيراً ..
.. *يا لها من سنوات ..
.. تعيد رأسها إلى الوراء .. تتراخى قليلاً ...
الخالة آمنة تضع بعض أغصان الريحان على المكتب .. ترتبها .. هكذا اعتادت منذ ثمانية وعشرين عاماً ..
.. يختلط صباحها .. بالروح .. والريحان ..

تسرح بخيالها ... سنوات من النجاحات المتتالية .. وشهادات التقدير .. وحسن القيادة .. والإدارة .. والإرادة ..
كانت هذه المدرسة حين تسلمتُ إدارتها عبارة عن فصلين للمرحلة الابتدائية .. وخمس معلمات .. وركن صغير مقصف للمدرسة .. وتراب يزكم الأنوف .. في القرية البعيدة .. عن مدينتي التي أسكن بها ..

مضتْ السنوات .. وكبُرت المدرسة .. وازداد عدد الطالبات وتعبد الطريق المؤدي إلى القرية ..
قطع تفكيرها صدى صوت جرس انتهاء الحصة الأولى .. " لابد من الخروج للجولة الصباحية " .. المكان هادئ .. المعلمات في حصصهن ..طالبات القرية يبدين أكثر انفتاحاً وبهاءاً .. تتبدل الأحوال .. والعلم نور ..
*
يمضي اليوم .. ككل الأيام .. وككل السنين ..
تعود للمنزل .. تدخل غرفتها وحيدة .. تغفو ..
عندما تستيقظ في الخامسة مساءاً تبدأ لتخطيط العمل في اليوم التالي ..
- كيف تشيع الفرح و التفاؤل في معلماتها ...؟ .
- كيف تكون عملية أكثر ؟ .
- كيف تسعد طالبات القرية و ماذا ستقدم في حفل مجلس أمهات الطالبات ؟ .
.. كل ذلك كانت تخططه في دفترها ...

تعاود القراءة .. تتوقف ..تقلب صفحات دفترها ...
غصة .. تذبح تجاويف صدرها .. وتقرأ : -
- في السابعة عشر:* كنتُ شابة جميلة .. يتوق للاقتران بها كثير من الشباب ..
- في التاسعة عشر:* الدراسة .. أولاً ..
- في الثانية العشرين*:*تخرجتُ من الجامعة .. وحصلت على وظيفة .. أصبحت معلمة وبدتْ قامتي .. أكثر طولاً ...
- في الرابعة والعشرين:*ما كانت عائلته تليق بي وقال أهلي : " أن أصله ضعيف " ..
- في الخامسة والعشرين:*كان أسمراً .. وشكله ..غير جميل .. ؟ .
- في السابعة والعشرين: أصبحتُ مديرة للمدرسة ..

- في الثامنة والعشرين:*كان متزوجاً.. ولن ابني سعادتي على تعاسة امرأة أخرى ولو أموت وحيدة*.. وبمعنى آخر لا أرضى أن أكون الزوجة الثانية!!..
- في الثلاثين:* كان أقل مني تعليماً .
- في الثانية والثلاثين:* " بدأت المدرسة تكبر .. تتوسع .. وتتشعب .. وكذا أفكاري " ..
- في الخامسة والثلاثين:* لم يطرق بابي طارق .. عدا والدتي وطرقاتها على باب غرفتي لإحضار كوب الشاي .. وبعض من النظرات التي تشعرني بالتلاشي ثم دعوات متتالية .. إلى أن يغيب صوتها ..

- في السادسة والثلاثين:* كان رجلاً كبيراً ..تجاوز الخمسين .. وكنت أنا قد تنازلتُ عن بعض شروطي .. إلاّ أن أكون الزوجة الثالثة !.
- في السابعة والثلاثين:* كان حفلاً كبيراً لتكريمي على جهودي وتضحـياتي .. وتميزي ..ووحدتي .. !!.
- الجميع صفق ليّ بحماس .. إلاّ واحدة ..
.. أمي .. !!

- في الأربعين:* مات أبي .
- في الثانية والأربعين:* بدأت أنطفىء .... !!
- في الخامسة والأربعين:* ما الذي تريده المرأة بعد هذا العمر ؟..
- في الثامنة والأربعين:* كان من العيب لسيدة في مثل عمري أن تتزوج الآن ..
لقد مضى العمر ...
*
- في الخمسين:* كنت أخطط لجعل مدرستي ....... !!!
- في الثانية والخمسين:* ... ..!! ...
-في الخامسة والخمسين:* كان حفل تقاعدي وخروجي من هذه الحياة وحيدة إلاّ من شهادات التقدير ودروع التكريم .. وسجل حافل ... حافل بالعطاء .. .. وأجيال... تلي ... أجيال ...
..تصفق ...
كلهم يصفقون .....
إلاّ .. واحدة ....

............................
......لم تكن هذه المرة ....
إلاّ .. أنا....
إلاّ .. أنا .... ؟؟!!!!!



من مجموعة الكاتبة القصصية: للشمس شــروق – الصادرة عن نادي جازان الأدبي
*