عرض مشاركة واحدة
قديم 12-14-2010, 07:56 PM
المشاركة 13
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


بكائية من أجل إغناثيو سانشيز ميخِيّاس(4 أجزاء)





(ج3)



تلك الشُخبة التي أخذت تنوّر (6)


المدرّجات وتَنصَبُّ


فوق مخامل


جمهور ظمآن وجلوده


من ذا الذي يناديني كيما أُطِلُّ!


لا تقولوا لي عليّ أن أرى دمه!


....


لم يُغمض له جَفنٌ


حين رأى القَرنين قريبين


لكنّ الأمّهات الرهيبات


أشرأبت رؤوسهنّ


ومن مَربى المواشي


ارتفعت نَدْهةُ أصواتِ سرّية


أصواتِ رعاة الضباب الشاحب


صارخةً إلى الثيران السماوية


....


أميرٌ وليس كمثله


في إشبيلية أميرٌ


ولا من سَيفٍ كسيفه


ولا من شجاعة حقيقية إلى هذا الحد


كسَيلٍ من الأُسود


قوّتُه المدهشة


وكتمثالٍ نصفي من المرمر


فطنته المرسومة


سيماءُ روما الأندلسية


كانت تكلل رأسَه بالذهب


بحيث غدت ضحكته سُنبُلاً


من المُلْحة والذكاء


ما أعظمه من مصارع


ما أجوده من جبليّ!


ما أنعمه مع السنابل!


ما أقساه مع المهاميز!


ما أرقّه مع الندى!


ما أبهره في الأعياد!


ما أرهبه مع أخر


مناخس الظلمات! (7)


لكنّه الآنَ نائم نومةً سرمديّة


ها هي الطحالب والأعشاب


تفتحُ بأصابع وثيقة


زهْرةَ جُمجمتِه


هو ذا دمُه مغنّيا:


مغنّياً عبر المستنقعات والسُّهول


ينزلق طوال القرون المتصلّبة من البرد


يترنّح بلا روح في الضباب


يتعثر بآلافِ الحوافر


كلسانٍ مستطيل، قاتم، كئيب


مكوّناً قرب “وادي” النجوم “الكبير


بِركةً من النزع الأخير


آه يا جدارَ أسبانيا الأبيضَ!


آه يا ثورَ الحزن الأسودَ!


آه يا دمَ إغناثيو العسيرَ!


آه يا عندليبَ أوردتِه!


لا


لا أريد أن أرى دمَه!


فما من كأس يحتويه


ولا من سنونو يشربه


ولا من صَقعة نورٍ تبرّده


ما من أغنية ولا فيضان زنابق


ولا من بلّور يُفضِّصَهُ


لا


لا أريد أن أرى دمَه!


جسدٌ حاضر (8)


بَلاطةُ الحجر (9)


جبهةٌ حيث تنوح الأحلام


ليس لها ماء متعرّجٌ ولا سَرْو جليدي


إنّها ظَهْرٌ محمولٌ فوقه الزمنُ


وأشجارُه المجبولة من الدمع، أشرطتُه وأجرامُه النّيّرة

رأيتُ أمطارا رماديّةً تهرع تجاه الموج


رافعةً رهيفَ أذرعتِها المُثَقَّبةِ كالغربال


كي لا يقتنصها الحجرُ الممدّد


الذي يطلق أعضاءها دون أن يتشرّب بالدّم


....

يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)