الموضوع: روائع رمضانية
عرض مشاركة واحدة
قديم 05-17-2020, 08:06 PM
المشاركة 3
فيصل الغامدي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي رد: روائع رمضانية
ذكريات رمضانية من زمان

لا زلت أذكر أيام شهر رمضان زمان جيداً وهى تمثل مرحلة الطفولة وكأنها بالأمس، فالذاكرة تحتفظ بذكريات جميلة لا يمكن أن تنسى، فقرى الجنوب تتشابه في عاداتها وتقاليدها خاصة في رمضان، ولقدوم شهر رمضان المبارك في هذه القرى ذكريات تختزن تاريخًا لعادات وتقاليد الأهالي واحتفالاتهم بقدوم الشهر الكريم، فمن عاش تلك الأيام يعرف أن حلول رمضان له وقع خاص، وطقوس جميلة تستشعر من خلالها عبق رمضان وقدسيته وروحانيته التي تعبر عنها تلك الأجواء الرمضانية المشبعة بدفء العلاقات والتواصل بين الأهالي وروائح الأكلات الشعبية التي تنتشر في أنحاء القرية.
فقد كان لقدوم شهر رمضان فرحة خاصة لدى الجميع، ونظرًا لعدم وجود وسائل إعلام في تلك القرى في ذلك الوقت سوى الراديو، فلا تلفزيونات ولا مسلسلات ولا فوازير، كان الناس ينتظرون بفارغ الصبر متى يتم الإعلان عن الشهر من خلال الراديو ليستمعوا بعدها لصوت المدفع معلناً شهر رمضان، فيبدأ الأطفال والشباب الانطلاق في ساحات القرية ابتهاجاً بقدوم الشهر، ويبدأ الرجال بتنظيف المسجد وفرشه وساحته لاستقبال المصلين، وتبدأ النساء في الاستعداد لإفطار رمضان، فتشم رائحة الأكل المميزة لهذا الشهر الفضيل من تلك الليلة، وتسهر القرية بكاملها طوال تلك الليلة وكأنها في عرس.
وفي أول أيام الشهر الكريم كان الجيران يتبادلون أطباق الأطعمة بينهم، وكان الأهل والأقارب يتجمعون لتناول الإفطار، وبعد ذلك يؤدون صلاة العشاء والتراويح، ثم تتجمع النساء مرة أخرى مع الجيران ويتجمع الرجال أمام المسجد حيث يتحدثون ويتسامرون حتى وقت متأخر من الليل، أما الشباب والأطفال فينتشرون في ساحات القرية يلعبون ويمرحون حتى وقت السحور، وكانت ألعابهم من وحي البيئة التي يعيشون فيها مثل الطيرة والكبوش والبرجون وبعض الألعاب الشعبية التي يمارسها الشباب.
أما في نهار رمضان فان المسجد لا يخلو من المصلين وقراء القرآن من الكبار والشباب والأطفال حتى قبل المغرب، حيث ينصرف الكبار والشباب إلى بيوتهم، ويبقى الأطفال في ساحة المسجد لانتظار أذان المغرب لينطلقوا بعد سماع الأذان مسرعين وفرحين إلى منازلهم وهم يرددون (افطروا يا صيام).
لقد كان أحلى ما في تلك الأيام البساطة في كل شيء، في العلاقات بين الناس، في المحبة، في التراحم، والمودة، والصدق، والإيثار، والترابط فيما بينهم، والتسابق في عمل الخير، بالرغم من ضيق ذات اليد، من عاصرها يتمنى أن تعود.
علي أحمد صحفان