الموضوع: التهويدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-25-2017, 11:13 PM
المشاركة 29
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ..
اقتباس " بالخارج لم أعد أتذكر.. كل تلك الأشياء الصغيرة, كالورقة المكورة الملقاة في الشارع, كالموجة الصغيرة, التي من بين ملايين الأمواج ارتمت على أصابع قدمي, كربطة شعرها حينما خطفتها الهبائب, فتعلقت على مقود دراجتي قليلا, لتخطفها هبة أخرى, لتكمل طريقها إلى حيث لا أدري." .

في الفقرة الثانية من الجزء الثاني يعود القاص ليكرر كلمات "في الخارج لم اعد اتذكر " وهذا يذكرنا بانه في الجزء الاول كان يقف في الخارج والباب خلفه مغلق عندما جاءه عملاق النسمات ليصطحبه الى تلك البوابة السماوية، وها هو مرة اخرى نجده في الخارج !؟ فهل هذا مؤشر على تكرار الحلم حيث يجد بطل النص نفسه خارج المنزل مرة اخرى !؟ حيث تدور احداث الحلم الذي لا يتذكر منه الكثير سوى ما يسرده علينا ؟

ولكن ان لم يكن يتذكر فكيف يسرد لنا قائمة الاشياء تلك ، فهل استخدام كلمات لم اعد اتذكر تكتيك يستخدمه القاص للتشويق وجذب الانتباه ؟ هذا ممكن ولكن هناك احتمال اخر ان يكون عدم تذكره ناتج عن حاله مرضيه خلفتها تجارب الفقد التي إصابته في امه اولا ثم في حبيبته.....اذا افترضنا ان المرأة الاخرى هي حبيبته ؟

ومؤشر ذلك انه لم يعد يتذكر سوى تلك الاشياء الصغيره ككرة الورق الملقاة في الشارع والموجة الصغيرة التي أرتمت على اصابع قدميه و ربطة شعرها التي خطفتها الهباهب.

وهنا يكرر القاص موضوع الخطف لربطة الشعر وذلك على الغالب اساقط على تجربة الفقد الثانية حيث يعبر عنها بالحديث على خطف هبات الريح ربطة شعر حبيبته بعد ان تعلقت لفترة على مقود دراجته ثم مضت الى حيث لا يدري.

وفي وصف القاص التفصيلي لهذه الامور دون غيرها ما يؤشر الى الحالة النفسية لبطل النص وكانه وعلى اثر تجربة الفقد لحبيبته التي أيقظت جرحه بفقد امه اصابه ما اصابه من الخلل النفسي حتى انه احس بعزلة شبه تامه عن محيطه وكانه اصبح يعيش في عالمه الخاص، وصار لا يرى سوى تلك الاشياء البسيطة والتي ينصب عليها تركيزه وهي كلها مرتبطة بالحبيبة، ولو ان الشيء الثالث هو الذي يوحي بحديثه عن حبيبة خطفتها الهباهب وفي تكرار كلمة هبة اخرى نفهم ان القاص يقصد في الهباهب الرياح ، وكانه يقول بان حبيبته ذهبت مع الريح الى حيث لا يدري.

وكل ذلك انما يؤشر الى حالة الفقد التي يعاني منها بطل النص.

ورغم قول ذلك لا يمكننا ان نستثني بان هذا الجزء هو حلم اخر يروى لنا بطل النص ما يتذكر منه، ومؤشر ذلك انه وجد نفسه في الخارج، كما حصل معه في الحلم الاول عندما جاءه عملاق النسمات.

وقد يكون هذا الحلم أيضاً تعبير عن مشاعر الفقد الدفينة التي يعاني منها البطل تلك التي سببها موت امه، وهو صغير ، وهذه المشاعر الدفينة تخرج على شكل حلم بسيناريوهات متعددة لكنها كلها توحي بوجود خلل تسبب فيه فقد الام في الطفولة .

ولا يكمننا الا ان نرى رابط مهم بين الجزء الاول من النص والجزء الثاني وهو في حديث بطل النص عن فراش النوم في الجزء الاول والسرير في الجزء الثاني ثم انه في كلا الحالتين وجد نفسه مرة في الخارج وخلفه الباب مغلق وفي الجزء الثاني يقول في الخارج مباشرة وهذا يؤكد على وحدة النص ووحدة الموضوع رغم وجود فاصل يوحي وكانه مركب من سيناريوهات ثلاثة لأحداث ثلاثة منفصلة .او كما اسماها الاستاذ ياسر اسفار ثلاثه والثاني منها والذي نحن بصدده سفر مع الحبيبة .

وهذا الربط يرجح احتمالية ان يكون الجزء الثاني حلم آخر يؤشر الى الحالة النفسية التي يعاني منها بطل النص نتيجة لحالة الفقد التي اختبرها في طفولته وربما تكررت في شبابه من خلال فقد امراءة اخرى لتضاعف الالم لديه ويصير الحلم هو المهرب الذي يعبر عن تلك الحالة المرضية او لنقل على الاقل التي تعتبر ميكانزم يعبر عما يجول في ثنايا اللاوعي من الم وفقد عند بطل النص .


يتبع