عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
19

المشاهدات
4044
 
هيثم المري
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


هيثم المري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,700

+التقييم
1.00

تاريخ التسجيل
Jul 2019

الاقامة
في مكان ما على الأرض

رقم العضوية
15882
11-19-2019, 10:12 PM
المشاركة 1
11-19-2019, 10:12 PM
المشاركة 1
افتراضي "كنديد" تلميذ بنغلوس
"كنديد" تلميذ بنغلوس
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

"كنديد" ما بين التفاؤل الأعمى والتشاؤم المفرط

تصنف الرواية بأنها فلسفية سياسية والبعض يصنفها فلسفية خيالية، لكن الدوافع التي أدت إلى كتابتها حقيقية واقعية، لذلك قبل الحديث عن الرواية سنذكر بعض الأسباب التي جعلت فولتير يقدم على كتابتها.

انتشر مبدأ التفاؤل في العصر الذي ولد فيه فولتير وهو
"إن كل شيء هو أحسن ما يكون في أحسن ما يمكن من العوالم " للفيلسوف الألماني ليبتز

لكن بالنسبة لفيلسوف مثل فولتير لا يمكن أن يتبنى هذا المبدأ وهو يرى الظلم والقهر والتعصب الديني والاستبداد، وحرب السنين السبع التي أودت بحياة عشرات الألوف من البشر، بجانب الكوارث الطبيعية مثل زلزال أشبونة، بالإضافة إلى تاريخ العالم الذي ينطوي على حروب ومصائب وكوارث من صنع البشر، كيف يقتنع بهذا المبدأ الذي يؤمن بالتفاؤل الأعمى، أنه لم ينكر التفاؤل على الإطلاق ولكن ينكر التفاؤل المطلق الذي يجعل الناس ترضى بأي شيء، رغم أنه من الممكن إصلاح الوضع، لذالك كان دائماً مناهضاً للحريات وينشر التسامح، وكتب الشعر الهجائي وكتب المقلات والرسائل لرفض القمع والاستبداد، لذلك تم اعتقاله أكثر من مرة وحرم عليه دخول فرنسا في عهد لويس الخامس عشر .

ولم يكن يريد أكثر من الإصلاح فقد قال:
"لا نقصد إشعال ثورة كما في زمن لوثر، ولكن نقصد إحداث ثورة في نفوس من يقومون بالحكم "

أعتقد أن اغلب الثورات التي لم تنجح، لأنها قامت لتغير الهيكل الخارجي للنظام، لكن لم يحدث أن قامت ثورة في نفوس من يقومون بالحكم، ولنكون منصفين بحاجة لثورة في نفوس الشعب أيضا، نحن بحاجة إلى الإصلاح، إصلاح النفوس والضمائر والقوانين، الإصلاح في كل شيء .

أما بالنسبة للرواية فبطلها كنديد الذي يعيش في قصر البارون ويدرس فلسفة التفاؤل على يد معلمه الفيلسوف بنغلوس الذي يرى دائماً أن ليس في الإمكان أفضل مما كان، ليأخذ منه كنديد المعلومات كما هي محنطة دون أن يفلترها أو يحللها بنفسه، ويؤمن بها بشدة، إلى أن يطرد من القصر ويبدأ يحتك بالحياة وجها لوجه، ويبدأ في دوامة ما بين الحروب والترحال والموت والشنق والعبيد والمرض والأديان والمعتقدات، وكيف انتقلت الملوك من على كرسي العرش إلى بلاط السجون، وكيف يتحول الجمال إلى قبح، وكأنه يؤكد أن لا شيء ثابت كل شيء يمكن تغيره، ملك اليوم عبد الغد، فقير اليوم أغنى أغنياء الغد، لا يمكن أن تتنبأ بما يحدث غداً .

تدور أحداث الرواية بين فلسفة التفاؤل التي يؤيدها ويؤمن بها ويروج لها الفيلسوف بنغلوس، وبين فلسفة التشاؤم الذي يثبتها الواقع له وما يدور به من أحداث، وفلسفة مارتن بعد ذلك الذي يؤيد أن الإنسان خلق ليعاني ويشقى.
الرواية مليئة بالجدل والتساؤلات التي يطرحها الواقع ويطرحها العقل، ويتفلسف الجميع في إجابته على تلك الأسئلة، ستؤيد بعضها وسترفض بعضها، وستجادل في البعض الأخر لتنتج فلسفتك الخاصة .

الرواية شيقة جداً، لا يمكنك أن تتنبأ بما سيحدث ستظل تتفاجئ إلى نهايتها، غرب ما في الرواية بلدة ألدورادوا، بلدة تؤمن بإله واحد يسودها الخير والرحمة والأمن والمال والتواضع والأخلاق، لا يوجد ما ينقصهم فهم لا يطلبون من الله شيء فقد حباهم كل شيء، يشكرونه دائماً على كل تلك النعم، لكن هذه البلدة المثالية للأسف لا وجود لها على أرض الواقع .

في رحلتك وأنت تقرأها ستطرح على نفسك العديد من الأسئلة والتي ستعجز على الإجابة على بعضها
رواية أعجبتني ترجمتها
.