عرض مشاركة واحدة
قديم 08-05-2011, 12:45 AM
المشاركة 10
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي تاريخ ما أهمله التاريخ
عبدالله علي باسودان



تاريخ ما أهمله التاريخ


عدي بن زيد العبادي.

هو عدي بن زيد بن حمَاد بن زيد بن أيوب العبادي ينتهي نسبه الى تميم. كان من دهاة وحكماء العرب، معظم شعره حكم ومواعظ خاصة في حياة الإنسان بعد الموت. وكان فصيحاً ويحسن الفارسية وكان من خيرة من يجيد الرمي بالنشاب، كان جده أيوب قد فر من اليمامة إلى الحيرة وكانت الحيرة في ذلك الوقت تحت إمرة المنذر وعندما توفي أيوب رأى نفر من أهل اليمامة ابنه زيد فقتلوه، وكان حمَاد بن زيد صغيراً فتربى عند المنذر أمير الحيرة فولد له زيد والد عدي، وعندما ولد عدي أرسله زيد إلى كسرى فتربى هذا الشاعر عند كسرى فأصبح أول سفير بين أعجميين هما فارس والروم.
كان زيد أول من كتب بالعربية في ديوان ملك فارس فجعله ترجماناً بينه وبين العرب، وعندما توفي المنذرسأل كسرى عدي فيمن يوليه من أبناء المنذر فأشار عليه بتولية النعمان لأنه كان صديقه وقريباً منه واحتال عدي في ذلك حتى ولاه من بين إخوته.
تزوج عدي هنداً بنت النعمان لكن لم تدم المودة بين عدي والنعمان طويلاً فقد وشى به أعداؤه إلى النعمان فزعموا له أنه يقول أنه لعب دوراً في توليته على الحيرة بعد أبيه دون إخوته وهكذا أوغروا صدره فانتهز النعمان فرصة مجيء عدي من عند كسرى ذات مرة وأمر بحبسه ولم ينفعه استعطافه ولا ما نظمه من أشعار في مديحه وقال في ذلك:

ألا من مبلغ النعمان عني علانية وما يغني السرارُ
بأن المرء لم يـُـخلق حديداً ولا هضباً تـوقَّله الوبار
ولكن كالشهاب سناه يخبو وحادي الموت عنه ما يحار
فهل من خــالـدٍ إمَا هلكنا وهل بالموت يا للناس عار

وقوله :
أبلغ النعمان عنّي مالكاً أنني قد طال حبسي وانتظاري
لو بغير الماء حلقي شرقٌ كنت كا لغصَّا ن بالماء اعتصاري

وقوله:
أَلا مَن مُبلِغُ النُعمانِ عَنّي فَبَينا المَرءُ أَغرَبَ إِذ أَراحا
أطَعتُ بَني نَفيلَةَ في وِثاقي وَكُنّا مِن حُلوقِهِمِ ذُباحا
مَنَحتُهُمُ الفُراتَ وَجا تبيه وَتَسقينا الأَواجِنَ وَالمِلاح

كتب عدي لأخيه أن يبلغ كسرى بما حدث وعندما وصل الخبر إلى كسرى أمر النعمان بإطلاق سراحه ولكن الوشاة غرروا بالنعمان فقتله في سجنه بالحيرة، غضب كسرى حين علم بذلك على النعمان غضباً شديدا وكان هذا الغضب من أهم الأسباب في قضائه عليه.
يقال أن عدي بن زيد العِباديّ ممن تنصَّر ودان بدين المسيح، وكانت له حظوة عند النعمان بن امرئ القيس، فحضر عنده يوماً والنعمان في أحسن زِيٍّ في مجلسه مع ندمائه فلما شرب النعمان وطرب قال لعدي: كيف ترى هذا النعيم الذي نحن فيه يا أبا زيد ؟ فقال: إنه حسن لو كان لا ينفَدُ، ومسرة لو كانت تدوم، فقال: أو كل ما أرى إلى نفاد؟ قال: نعم، أبَيْتَ اللّعْن، فقال النعمان: وأي خير فيما يفنى؟ فلما رأى عدي ذلك منه طمع في وعظه، فجعل يعظه، فلما خرج معه رأوا أثناء طريقهم مقبرة فقال عدي للنعمان أيها الملك أتدري ما تقول هذه القبور؟ قال: لا، قال: إنها تقول:

أيها المخبون على الأرض المجدون
مثلما أنتم كنا وكما نحن نكونوا

فظهر على النعمان خشية ورعدة من شدة الخوف. ثم إنهم مـّروا بشجرات متَناوِحاتٍ بينها عين ماء جارية فقال عدي : أتدري ما تقول هذه الشجرات أبَيْتَ اللّعْنَ؟ قال: لا، قال: إنها تقول:

مَن رآنا فليحد ث نفسه أنه موفٍ على قرن زوالِ
وصُروف الدهر لا يبقى لها ولما تأتي به صُمُّ الجبال
رب ركب قد أناخوا حولنا يشربون الخمر بالماء الزلالِ
ثمّ أضحوا عَصَفَ الدهرُ بهم وكذاك الدهر يُودي بالرجال
وكذاك الدهر يرقى بالفتى في طلاب العيش حالاً بعد حال

فوقع كلامه منه موقع الرهبة والخشية فقال له: ائتني عند السحر، فإن عندي أمراً أطلعك عليه، فأتاه فوجده قد لبس مِسوحاً.
وقيل إنه قال له: قد علمت أن القبور لا تتكلم، والشجرة لا تتكلم، وإنما أردت موعظتي، ففيم النجاة ؟ فقال له عدي: تترك عبادة الأوثان وتدين بدين المسيح عليه السلام، فتنصَّر النعمان.

ومن جيـِّد شعره في الحكم والمواعظ:

وعاذلة هبت بليل تلومني .
فلما غلت في اللوم، قلت لها: اقصدي

أعاذل إن الجهل من لذة الفتى .
وإن المنايا للرجال بمرصد

أعاذل ما يدريك أن منيتي
إلى ساعة في اليوم أو ضحى الغد

ذريني ومالي، إن مالي ما مضى
أمامي من مال إذا خف عوَّدي

وللوارث الباقي من المال فاترك
عتابي إ ني مصلح غير مفسد

كفى زاجرا للمرء أيام دهره
تروح له بالواعظات وتغتدي

بليت وأبليت الرجال، وأصبحت
سنون طوال قد أتت دون مولدي


فما أنا بدع من حوادث، تعتري
رجالا، أتت من بعد بؤس بأسعد

فنفسك فاحفظها من الغي والخنا
متى تغوها يغو الذي بك يقتدي

وإن كانت النعماء عندك لامرئ
فمثلا بها فاجز المطالب وازدد

ولا تقصرن عن سعي من قد ورثته
وما اسطعت من خير لنفسك فازدد

عن أبو زيد الأ نصاري النحوي لو تمنيت أن أقول الشعر ما قلت إلا شعرعديًّ بن زيد العبادي :

أتعرف رسم الدار من أم معبد:

أتعر ِفُ رَسمَ الدارِ مِن أُمِّ مَعبَدِ عَم وَرَماكَ الشَوقُ قَبلَ التَجَلُّدِ
َأعاذِلَ ما أَدنى الرَشادَ مِنَ الفَتى وأَبعَدَهُ مِنهُ إِذا لَم يُسَدَّدِ
َأعاذِلَ قَد لاقَيتَ ما يَزَعُ الفَتى وَطابَقتَ في الحِجلَينِ مَشيَ المُقَيَّدِ
أعاذِلَ ما يُدريكِ أَنَّ مَنِيَّتي لى ساعَةٍ في اليَومِ أَوفي ضُحى غَدِ
َأعاذِلَ مَن يُكتَب لِهُ المَوتُ يَلقَهُ كِفاحاً وَمَن يُكتَب لَهُ الفوزُ يَسعَدِ
أَعاذِلَ إِنَّ الجَهلَ مِن لَذَّةِ الفَتى وَإِنَّ المَنايا لِلرِجالِ بِمَرصَدِ
َفذَرني فَمالي غَيرَ ما أُمضِ إِمَضى أَمامِيَ مِن مالي إِذا خَفَّ عُوَّدي
َحُمَّت لِميقاتٍ إِلَيَّ مَنِيَّتي وَغودِرتُ قَد وُسِّدتُ أَو لَم أُوَسِّدِ
َلِلوارِثِ الباقي مِنَ المالِ فَاِترُكي عِتابي فَإِنّي مُصلِحٌ غَيرُ مُفسد
كَفى زاجِراً لِلمَرءِ أَيّامُ دَهرِهِ تَروحُ لَهُ بِالواعِظاتِ وَتَغتَدي
بَلَيتُ وَأَبلَيتُ الرِجالَ وَأَصبَحَت سِنونَ طِوالٌ قَد أَتَت دونَ مَولِدي
َأ لستُ بِمَن يَخشى حَوادِثَ تَعتَري رِجالاً فَبادوا بَعدَ بُؤسٍ وَأَسعُدِ
فنَفسَكَ فَاِحفَظها عَنِ الغَيِّ وَالرَدى متى تُغوِها يَغوَ الَّذي بِكَ يَهتَدي
َوإن كانَتِ النَعماءُ عِندَكَ لِاِمرِئٍ فَمَثِّل بِها وَاِجزِ المُطالِبَ وَاِردُدِ
وَإِن أَنتَ فاكَهتَ الرِجالَ فَلاتَجِم فقل مِثلَ ما قالوا وَلا تَتَزَنَّدِ
إِذا أَنتَ نازَعتَ الرِجالَ نَوالَهُم فَعِفَّ وَلا تَطلُب بِجَهدٍ فَتَنكَدِ
عَسى سائِلٌ ذو حاجَةٍ إِن مَنَعتَهُ ِمن اليَومِ سُؤلاً أَن يَسُرَّكَ في غَدِ
سَتُدرِكُ مِن ذي الفُحشِ حَقَّكَ كُلَّهُ حِلمِكَ في رِفقٍ وَلَم تَتَشَدَّدِ
وَساِسِ أَمرٍ لَم يَسُسهُ آبٌ لَهُ وَرائِمِ أَسبابِ الَّتي لَم تُعَوَّدِ
َوراجي أُمورٍ جَمَّةٍ لا يَنالُها سَتَشعَبُهُ عَنها شَعوبٌ لِمُلحِدِ
وَوارِثِ مَجدٍ لَم يَنَلهُ وَماجِدٍ أَصابَ بِمَجدٍ طارِفٍ غَيرِ مُتلِدِ
فَلا تَقعُدَن عَن سَعيِ ما قَد وَرِثتَهُ و َما اِسطَعتَ مِن خَيرٍ لِنَفسِكَ فَاِزدَدِ
إِذا ما رَأَيتَ الشَرَّ يَبعَثُ أَهلَهُ وَقامَ جُناةُ الشَرِّ بِالشَرِّ فَاِقعُدِ
وَبِالعَدلِ فَاِنطِق إِن نَطَقتَ وَلا تَجُر وَذا الذَمِّ فَاِذمُمهُ وَذا الحَمدِ فَاِحمَدِ
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وَفي الخَلقِ إِذلالٌ لِمَن كانَ باخِلاً ضَنيناً وَمَن يَبخَل يَذِلَّ وَيُزهَدِ
أَفادَتني الأَيّامُ وَالدَهرُ إِنَّهُ وَدادي لِمَن لا يَحفَظُ الوِدِّ مُفسِدي
وَلاقَيتُ لَذّاتِ الغِنى وَأَصابَني قَوارِعُ مَن يَصبِر عَلَيها يُخَلَّدِ
إِذا ما كَرِهتَ الخَلَّةَ السوءَ لِاِمرِئٍ فَلا تَغشَها وَاِخلِد سِواها بِمِخلَدِ
إذا أَنتَ لَم تَنفَع بِوُدِّكَ أَهلَهُ وَلَم تَنكِ بِالهَيجا عَدُوَّكَ فَاِبعُدِ
وَمَن لا يَكُن ذا ناصِرٍ عِندَ حَقِّهِ يُغَلَّب عَلَيهِ ذو النَصيرِ وَيَعتَدِ

وعن تقلبات الدهر يقول:
إِنَّ لِلدَهرِ صَولَةً فَاِحذَرنَها لا تَنامَنَّ قَد أَمِنتَ الدُهورا
قَد يَبيتُ الفَتى صَحيحاً فَيَردى بعدَ ما كانَ آمِناً مَسرورا
إنَّما الدَهرُ لَيِّنٌ وَنَطوحٌ يَترُكُ العَظمَ واهِياً مَكسورا
فسَلِ الناسَ أَينَ آلُ قُبَيسٍ طَحطَحَ الدَهرُ قَبلَهُم سابورا
خَطَفَتهُ مَنِيَّةٌ فَتَرَدّى وَهوَ في المُلكِ يَأمُلُ التَعميرا
وَبَنو الأَصفَرِ المُلوكُ كَذا لَم ترُكِ الدَهرُ مِنهُمُ مَذكورا
لا أَرى المَوتَ يَسبِقُ المَوتَ شَيءٌ نَغَّصَ المَوتُ ذا الغِنى وَالفَقيرا

والمتتبع لشعر أبي العتاهية في العصر العباسي يرى أنه أشبه بشعر المواعظ والحكم لشعرعدي بن زيد العبادي. ويقال أن بداية شعر عدي بن زيد العبادي أن كسرى بعثه إلى قيصر الروم في بيزنطة ببعض الهدايا و عند رجوعه مر بدمشق ومن هناك بدأ يقول الشعر.

وعن ابن قتيبة في كتابه طبقات الشعروالشعراء أن أبو عبيدة ذكرعن أبي عمرو بن العلاء قال: " كان عدي بن زيد في الشعراء بمنزلة سُهيل في النجوم يعارضها ولا يجري مجاريها، والعرب لا تروي شعره لأن ألفاظه ليست بنجدية وكان نصرانيً من عباد الحيرة قد قرأ الكتب.

وفي قول للأ صمعي: كان عديُّ لا يُحسن أن ينعت الخيل وأُّخذ عليه قوله في صفة الفرس فارهاً ولا يقال للفرس فاره إنما يقال له جزاد وعتيق ويقال للكودن والبغل والحمار فاره ووصف الخمر بالخضُرة ولم يعلم أحدٌ وصفها بذلك. بقوله:

والمَشرَفُ الهندي نسقي به أخضر مطمو ثاً بماء
[/size
]