عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2014, 09:30 AM
المشاركة 1755
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحاكم بأمر الله

هذا الحاكم يتيم في سن الحادية عشرة وهو مثال آخر على الاثر السلبي لليتم على الدماغ خاصة في مجال القيادة ويلاحظ بأن يتم هذا الحاكم وقع في سن الحادية عشرة وهو يشترك في ذلك مع القادة الدمويين امثال ستالين ولينين وهتلر والاسنكدر ونابليون...

فاحيانا يؤدي اليتم في هذه السن، اي في مرحلة المراهقة، الى بروز عدد من السمات والصفات لدى الشخص اليتيم من هذه الفئة وهي تشكل في مجموعها حالة مرضية ذُاهنية قد تتمثل في الغرور والكبر والاعتقاد بأنه قائد ملهم ويمارس بذلك دكتاتورية دموية لاعتقاده انه دائما على صواب ويمثل ارادة الله وارادة الحق...

وهو يقع في حب ذاته وقد يتصرف بسادية ملفتة وقد يشعر بانه مختار من الله في مهمة مقدسة وقد يصل به الامر للشعور بأنه ممثل الله على الارض وانه المسيح المنتظر او المهدي المنتظر واحيانا قد تصل به الحالة الذاهنية للاعتقاد بأنه تجسيد لروح الله فيدعي الالوهية ...

وكل ذلك ناتج عن فقدان للتوازن الذهني كنتيجة لمرور الشخص بتجارب مأساوية في الطفولة خاصة فترة المراهقة والتي تترك اثرها على دماغ الشخص وهو في الغالب لا يدرك بوجود مثل تلك الحالة المرضية خاصة اذا ما خدمته الظروف ووصل الى الحكم...

وذلك على الرغم من بروز بعض مظاهرها للعيان مثل الشك والريبة والوسوسة القهرية والغرور والاعتقاد بانه معصوم وهو القائد الضرورة الملهم وانه الخيار الامثل لحكم الشعب...

وتكون تصرفات وممارسات مثل هذا القائد اقرب الى الجرائم منها الى القيادة الحكيمة ...

والمصيبة ان مثل هذا الشخص يمتلك من الطاقات الذهنية ومن الكرزما ما يجلعه قادر على التأثير على الناس من حوله فيكتسب شعبية عند الكثير من الناس الذين يقعون تحت تأثيره وسحره الدماغي وبذلك يتعزز شعوره بالعظمة والغرور والظن انه على صواب فيتمادى في تصرفاته الجنونية وممارسته الاجرامية ..فله صفة الاعور الدجال من حيث قدرته على التأثير وسحر العقول.

وغالبا ما تؤدي هذه الممارسات الى رد فعل عنيف وقد تنتهي الامور بالانقلاب على مثل هذا الشخص انقلابا مدويا وقد تنتهي الامور بقلته حتى يتخلص الناس من شروره...

صحيح ان الطاقات الذهنية لمثل هذا الشخص اليتيم وقدراته الذهنية المهولة قد تؤدي الى انجازات مبهرة في عدة مجالات بعضها قد يكتسب صفة الخلود والعبقرية وقد تقدم اضافة مهمة للبشرية ..

وهو يظل حتما باعماله سواء الايجابية او السلبية ومن واقع اثر هذه الاعمال على التاريخ خالدا الى زمن بعيد قادم ويترك بصمة واضحة على صفحات التاريخ..وغالبا ما يكن هذا الاثر دمويا في صفته.

لكنه في المحصلة هو انسان ذهاني اقرب الى الجنون من القائد الفذ الملهم...وهو اداة تدمير وليس اداة تعمير...وعلى الناس ان تجتهد في منع وصول مثل هذا الفئة الى الحكم وان وصلت عليها ان تسارع في التخلص منها لتقليل الضرر الذي يرتكب في حق البلاد والعباد والانسانية ككل الذي قد يتخذ اشكال عدة ويحاول صاحبه تسويقه على انه اعمال نضالية بطولية مقدسه تستحق التصفيق بينما هي جرائم منها جلي ومنها مبطن يندى لها جبين البشرية...

الحاكم بأمر الله يخلف أبيه علي حكم مصر 996م..يتيم في سن الحادية عشرة.

تولي الحاكم بأمر الله السلطة خلفاً لأبيه العزيز بالله سنة 996 م / 386 هج و كان في 11 من عمره فتولي الوصاية عليه أبو الفتوح برجوان، الذي تنسب إليه حارة برجوان. ثم انفرد الحاكم بالسلطة و هو في الخامسة عشر من عمره.
يعد عهد الحاكم من أغرب العهود التي عاشتها مصر، فبعد أن أمسك الحاكم بمقاليد السلطة من برجوان تحول إلي سفاك للدماء و أتي بأمور تشير إلي أنه ربما كان مختلاً عقلياً ، فقد قتل الحاكم أبا الفتوح برجوان خوفاً من سلطانه، و اضطهد العلماء و كتب علي المساجد سب الصحابة ولكنه عاد و محاه، و اضطهد أهل الذمة و هدم كنائسهم و أجبرهم علي لبس أجراس ثقيلة في رقابهم ، و لكنه عاد و عدل عن سياسته.
كما أدعي الحاكم بأمر الله الألوهية و معرفته بالغيب، و هناك مخطوط اسمه “رسائل الحاكم بأمر الله و القائمين بدعوته” تبين ما يدعيه الحاكم من صفات الألوهية.
وساعد الحاكم بأمر الله علي ظهور و انتشار المذهب الدرزي ، ففي سنة 1018 م / 408 هج ظهر رجل شيعي متطرف يدعي حمزة بن علي الزوزني أخذ يدعو لتأليه الحاكم بأمر الله عن طريق حلول روح الله تعالي –معاذ الله – في آدم عليه السلام ثم انتقالها إلي علي بن أبي طالب ثم الحاكم بأمر الله.
و صدق الحاكم مذهب الزوزني فانتشرت الفكرة بين كثير من السذج في الشام . و لما قتل الحاكم في القاهرة لم يعترف هؤلاء بموته بل اعتقدوا أنه سيرجع في آخر الزمان لأنه المهدي المنتظر.
و لقد انتشرت أفكار حمزة بن علي الزوزني في الشام علي يد محمد بن اسماعيل البخاري الدرزي الذي ينسب إليه المذهب الدرزي، و يتركز معظم معتنقي هذا المذهب في سوريا و لبنان و فلسطين الآن.

أعمال الحاكم بأمر الله في مصر و نهايته
أتم الحاكم بأمر الله المسجد الحاكم الذي بدأه أبوه العزيز بالله . كما انشأ دار الحكمة سنة 1005 م / 395 هج لنشر المذهب الشيعي لتنافس المكتبات الكبري في بغداد العباسية و قرطبة الأموية، و كانت تضم عدداً من القراء و الفقهاء و المنجمين و النحاة و الغويين و الأطباء، و كان بدار الحكمة مكتبة سميت بدار العلم حوت ما لم يجتمع مثله في مكتبة من المكتبات.
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلةمسجد الحاكم بشارع المعز بالقاهرة

اغتيل الخليفة الحاكم بأمر الله عام 1020 م / شوال من عام 411 هج بعد أن أمضي 24 عاماً في الحكم ، و لا يعرف يقيناً كيف و لا من قتله ، و تقول المصادر التاريخية أن أخته ست الملك تآمرت مع الوزير سيف الدين بن رواس عليه فبعثوا بعبيد خلفه فقتلوه و هو يتنزه في صحراء حلوان.
خلف الحاكم في الخلافة الفاطمية ابنه الظاهر لدين الله
تولي الظاهر لدين الله الحكم خلفاً لأبيه سنة 1020 م / 411 هج ، و لكنه كان في 16 من عمره، فقامت عمته بالإشراف علي شؤون البلاد لمدة أربعة أعوام حتي توفيت عام 1024 م / 415 هج ، فأكمل الظاهر حكم الدولة. من أبرز معالم عهده أنه ألغي القوانين الشاذة التي أصدرها أبوه الحاكم بأمر الله ، كما عمل علي كسب ود أهل الذمة و أطلق لهم حرية إقامة شعائر دينهم.
أصيب الظاهر بمرض شديد حتي وافته المنية سنة 1035 م / شعبان 427 هج و هو في 31 من عمره ، فخلفه ابنه أبو تميم معد الذي لقب بالخليفة المستنصر بالله