عرض مشاركة واحدة
قديم 10-17-2020, 06:45 AM
المشاركة 2130
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: مَجْمعُ الأمثال
.... سِرْ عَنْكَ ....

قالوا : إن أول من قال ذلك خِدَاش بن حابس
التَّميمي ، وكان قد تزوج جارية من بني سَدوس
يقال لها الرَّباب ، وغاب عنها بعد ما مَلَكها أعواماً ،
فعلقها آخر من قومها يقال له سلم ، ففضحها ، وإن
سلماً شَرَدَت له إبل فركب في طلبها ، فوافاه خِدَاش
في الطريق ، فلما علم به خداش كتَمَهُ أمرَ نفسِه ليعلم
علم امرأته ، وسارا ، فسأل سلم خداشاً : ممن
الرجل؟ فخبره بغير نسبه ، فقال سلم :

أَغِبْتَ عَنِ الرَّبَابِ وَهَامَ سَلْمٌ
بِهَا وَلَهَا بِعِرْسِكَ يَا خَدَاشُ

فَيَا لَكَ بَعْلَ جَارِيَةٍ هَوَاهَا
صَبُورٌ حينَ تَضْطَرِبُ الكِبَاشُ

وَيَا لَكَ بَعْلَ جَارِيةٍ كَعُوبٍ*
تَزِيدُ لَذَاذَةً دُونَ الرِّيَاشِ

وَكَنْتَ بِهَا أَخَا عَطَشٍ شَدِيدٍ
وَقَدْ يَرْوَى عَلى الظَّمَأِ العِطَاشُ

فَإِنْ أَرْجِعْ وَيَأْتِيها خِدَاشٌ
سَيُخْبِرُهُ بِمَا لَاقى الفِرَاشُ


فعرف خداش الأمر عند ذلك ، ثم دنا منه فقال :
حدثنا يا أخا بني سَدُوس ، فقال سلم : علقتُ
امرأةً غاب زوجُها ، فأنا أَنْعَمُ أهلِ الدّنيا بها ، وهي
لذة عيشي ، فقال خِداش : سِرْ عَنْكَ ، فسار
ساعة ، ثم قال : حدثنا يا أخا بني سَدُوس عن
خليلتك ، قال : تَسَدَّيتُ خِبَاءها ليلاً فبتُّ بأقر
ليلةٍ أعلُو وأُعْلَى وأعانِقُ وأَفْعَلُ متا أهوى ، فقال
خِداش : سر عنك ، وعرف الفضيحةَ ، فتأخَّرَ
واخترط سيفه وغَطَّاه بثوبه ، ثم لحقه وقال : ما
آية ما بينكما إذا جِئْتَها ؟ قال : أذهَبُ ليلاً إلى
مكان كذا من خِبائها وهي تخرج فتقول :

يَا لَيْلُ هَلْ مِنْ سَاهِرٍ فيكَ طالبٍ
هَوَى خلَّةٍ لا يَنْزَحَنْ مُلْتَقَاهُمَا

فأجاوبها :

نَعمْ سَاهِرٌ قَدْ كَابَدَ اللَّيْلَ هائِمٌ
بِهائِمَةٍ ما هَوَّمَتْ مُقْلَتَاهُمَا


فتعرف أني أنا هو ، ثم قال خداش : سر عنك ،
ودنا حتى قَرَنَ ناقته بناقته ، وضربه بسيفه فأطار
قِحْفَهُ وبقي سائره بين سرجي الرَّحْل يضطرب ، ثم
انصرفَ فأتى المكان الذي وَصَفَه سلم ، فقعد فيه
ليلاً ، وخرجت الرَّباب وهي تتكلم بذلك البيت ،
فجاوبها بالأخر ، فَدَنَتْ منه وهي ترى أنه سلم ، فقنَّعها
بالسيف فَفَلقَ ما بين المفرق إلى الزور ، ثم ركب
وانطلق .
يضرب في التغابي والتغاضي عن الشيء .
قلت : بقي معنى قوله " سر عنك " قيل : معناه دَعْنِي
واذْهَبْ عَنّي ، وقيل : معناه لا تربع على نفسك ، وإذا
لم يربع على نفسه فقد سار عنها ، وقيل العربُ تزيد في
الكلام "عن" فتقول : دع عنك الشك ، أي دع الشك،
وقيل : أرادوا بعنك لا أبالك ، وأنشد :

فصارَ واليوم له بَلَابِلُ
من حُبِّ جُمْلٍ عَنْكَ ما يُزَايِلُ


أي لا أبالك ، فعلى هذا معناه : سر لا أبالك ، على
عادتهم في الدعاء على الإنسان من غير إرادة الوقوع .

* كذا ، ولعله "لعوب" أو "كعاب"