عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2013, 03:32 AM
المشاركة 12
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أراشدي الرَّاجِحُ. إنِّي امُرؤٌ=غاض مَعيني.. وخَبَتْ جَذْوتي!
كيف تُرَجِّي الماءَ من ناضبٍ؟!=وكيف تبغي الجمر من رَغْوَةِ؟!
قد أرْمَدَتْ جَمْري الخُطوبُ التي=عَدَتْ. فلم تُبْقِ على وَقْدي!
وجَفَّفَتْ نَبْعي فَلَمْ تُبْقِ لي=ما يَنْفَعُ الغُلَّةَ مِن مُهْجتي!
فليس لي بعد شبابي الذي=وَلَّى سوى رَاعِشِ شَيْخُوخَتي!
كانَ الهوى يُشْجِي بآلائِهِ=ويَسْتَفِزُّ الحُسْنُ مِن صَبْوَتي!
واليَوْمَ لا حُسْنَ.. ولا صَبْوَةٌ=بعد أُفُولِ البَدْرِ من لَيْلَتِي!
البَدْرُ كانَ العَزْمَ يا صاحِبي=وقد تَوَلَّى. فَطَغَتْ ظُلْمَتي!
وأَنْتَ تَدْعوني لأُمِّ القُرى=للِشَّدْوِ.. للتَّرْنِيمِ في مَكَّتي..!
مكَّةَ ما أَكْرَمَها مَوْطِناً=فإِنَّها –رَغْمَ الجَوَى- جنَّتي!
وُلِدْتُ في بَيْتٍ بِها مُشْرِقْ=بالحُبِّ تَخْتالُ بِها حَبْوَتي..!
كُنْتُ صَبِياً يَكْتَوِي بالنَّوى=بِاليُتْمِ.. بالشَّوْقِ إلى صُحْبَةِ!
يَشْتاقُ صَدْراً حانِياً.. حابِياً=مِن التي وَلَّتْ بلا رَجْعَةِ!
ويَكْتُمُ الشَّوْق لِكَيْلا يَرى=إشْفاق من شَبَّ بلا لَوْعَةِ!
كنْتُ سَرِيعَ الدَّمْعِ لكنَّني=ما تُبْصِرُ الدَّمْعَ سوى خَلْوتي!
ومن حِمى مكَّةَ كنْتُ الفَتى=والرَّجُلَ الطّامِحَ لِلرِّفْعَةِ!
دَرَسْتُ في صَرْحٍ بِها شامِخٍ=بالعِلْمِ.. بالأَفْذاذِ.. بالصَّفْوَةِ!
كانُوا رجالاً.. أنْجُماً في الدُّجى=تَكْشِفُ للسَّارِي صُوى الرِّحْلَةِ!
يا رَحْمَةَ الله تَجَلِّي لَهُمْ..=فإنَّهُمْ أَجْدَرُ بالرَّحْمَة.!
ولِلرِّفاقِ الشُّمِّ.. من رَاحِلٍ=وعائِشٍ في السَّفْحِ والذُّرْوَةِ!
كُنَّا أشِقَّاءَ.. فما نَسْتَوي..=إلاَّ على الوُدِّ بلا جَفْوَةِ..!
أَوَّاهِ ما أَحْلا الزَّمانَ الذي..=كُنَّا به نَرْفُلُ في نِعْمَةِ..!
فَقَفْرَتِي كانَتْ بِه رَوْضَةً=فكيف لا أَصْبُو إلى رَوْضَتي؟!
وشِقْوَتي كانَتْ به رِقَّةً=تَحْنُو.. فما أَحْلا بِهِ شِقْوَتي!
كم أَلْهَمتْني الشِّعْرَ أَشْدو بِهِ=كالطَّيْرِ في العُشِّ.. وفي الدَّوْحَةِ!
ثم اسْتَرَدَّتْ ما أفاءَتْ بِهِ=فَعُدْتُ بَعْد اللِّينِ كالصَّخْرةِ
يا راشِدي الرَّاجِحُ.. لَيْتَ المُنى=تَسْخُو على المُبْيَضِّ من لِمَّتي..!
فانْظُمُ الشِّعْرَ بلا عائِقٍ..=يَعُوقُ من هذا الخَوى المُسْكِتِ!
أَصْغَيْتُ.. أَصْغَيْتُ. وصَدَّ الهوى=عنِّي. وغابَ الحُسْنُ عن مُقْلَتي!
فهل أَنالُ الصَّفْحَ من سَيِّدٍ=يَطْلُبُ مِنِّي الشَّدْوَ في عِزْوتي؟!
يا ليْتَني أَقْوى فَأَطْوِي المدَى=إليه كَيْ أَسْعَدَ من رِحْلَتي!
وأَلْتَقِي بالصَّحْبِ من مكَّةٍ..=طابَتْ وطابُوا.. فهو أُمْنِيَتي..!
يا راشِدي الرَّاجِحُ.. كُنْ عاذِري=فَهذِهِ يا سَيِّدي قِصَّتي
.

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....