عرض مشاركة واحدة
قديم 02-13-2013, 02:41 PM
المشاركة 916
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،

لكن السؤال الذييطرح نفسه: هل فعلا أن الصحراء بقسوتها هي التي صنعت إبراهيم الكوني، وأهلته لاستنطاق واستحضار بحر المعرفة الباطنية؟

هل فعلا كانت الصحراءالتي اختبرها إبراهيم الكوني في طفولته المبكرة، واختبر فيها حياة الشقاء والترحال والموت بعينه الذي يظل هاجس الصحراوي في بحثه الدائم عن الماء هي التي صنعت عبقريته؟

وهل ظلت الصحراء بتجاربها بالغة القسوة حد الموت تلك، تسكن عقل وقلب الكوني، حتى وهو يحط رحاله في جبال الألب، وتحيط به الثلوج من كل صوب وحدب في معظم أيام السنة، ليظل ينهل منها كل ما نطق وكتب؟

وهل كانت صحراء الروح: الغربة، والعزلة، والتأمل، امتدادا لصحراء الواقع؟ مما عزز دور الصحراء في صناعة إبراهيم الكوني وتأهيله لاستنطاق ما كمن في الذاكرة، واستحضار ما كان منسيا في بحر المعرفة الباطني؟

الصحيح انه لا احد ينكر دور البيئة بشكل عام في التأثير وامتلاك المعرفة، واكبر مثال على ذلك ما وصلنا عن قصة سيدنا إبراهيم الخليل مع الكواكب والشمس والقمر...فقد تأمل سيدنا إبراهيم الخليل بهذه الآيات الكونية وكانت سببا في امتلاكه للمعرفة العقلية.

ولا شك أن للبيئة الصحراوية بشكل خاص، خصوصية في التأثير...ذلك لان الصحراوي يعيش حياته وكأنه في رحلة عبور دائم إلى الموت.

ولطالما اشتهر الصحراوي بفراسته والتي هي تعبير عن حدة ذهنية ومقدرة معرفية هائلة. وقد ظلت هذه السمة ملاصقة للصحراوي ومقترنة به، إلى أن هجر الصحراء وحياة الترحال وبدأ يعيش حياة الاستقرار، وفي ذلك ما يشير إلى أهمية الصحراء في الوصول إلى المعرفة.

لكن كيف نفسر عبقرية...أولئك الذين لم يختبروا حياة الترحال إلى الموت عبر فيافي الصحراء وقلبها الملتهب؟

وهل عاش كل أصحاب الأفكار العظيمة في قلب الصحراء الواقعية واختبروا بيئتها القاسية؟

أم أن لصحراء الروح ما يكفي من التأثير لخلق العبقرية في مناطق الاستقرار وفي مناطق السهول وقمم الجبال؟

الجوب حتما لا!

مما يقودنا إلى الاستنتاج بأن عنصر التأثير الذي يخلق العبقرية ويوصل إلى المعرفة والحكمة لابد أن يكون شيء آخر حتما!

شيء يؤثر في الناس ويشحذ عقولهم ويستنفر قلوبهم على الرغم من بيئتهم الجغرافية!

شيء ربما يوجد في الصحراء بوفرة فوق عادية! فلذلك تكون البيئة الصحراوية غير عادية في تأثيرها، في صناعة العبقرية، وامتلاك المعرفة!

ولو أننا دققنا في سيرة حياة أصحاب الأفكار العظيمة، بغضن النظر عن بيئتهم الجغرافية، لوجدنا أنهم يشتركون في معظمهم بتجربة واحدة يبدو أنها هي التي تفجر أبواب المعرفة الموصدة في الدماغ .

وهذه التجربة هي الموت دائما!

يتبع،،