الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-20-2019, 08:17 AM
المشاركة 2134
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: ( مليون رد ) ك ش ك و ل = م ن ا ب ر
(6)
فتأمل كيف يضيع الشاعر وقته، وينفق مجهوده في وضع حرف مكان حرف، وكلمة مكان أخرى حتى يخرج مجموع الحروف في قوله: (نظام الملك محمود بهاه) (1223) وأية ناحية من نواحي الجمال في مثل هذين البيتين.

وراح الشعراء لنضوب الأذهان من المعاني الجليلة يطرزون اللفظ والمعنى بشتى ألوان المحسنات، فكان بعضهم يوفق في اصطياد المحسنات فتأتي سهلة لا يشق وقعها على السمع، ولا تنبو على الذوق. من مثل الاقتباس في قول البرير حينما هجاً تاجراً سها عن الآخرة:

يا تاجرا لا يزال يرجو ... ربحا ويخشى الخسارة

عبادة الله كل حين ... خير من اللهو والتجارة

وكان يخطئهم التوفيق أحياناً فيسمجون. فتأمل قول الشيخ مصطفى بن أحمد المعروف بالصاوي في وصف دار للجبرتي:

سما في سماء الكون فأنتهج العلا ... برفعته وازداد سرا سروره

ومن مجد بانيه تزايد بهجة ... وقلد من دار المعالي نحوره

ودام بعد سعد المعالي مؤرخا ... حمى العز بالمولى الجبرتي نوره

وقول علي الدرويش في وصف قصر أيضاً:

وقصر كالسماء به نجوم ... مطالعه السعادة والبدور على أقطاره تبكي عيون ... إذا ابتسمت لوارده زهور

فليس بوافد وافاه نهر ... وقد نضدت لمدحه البحور

لئن أضحى لمبناه متون ... فقد شرحت لرونقه الصدور

ولقد كان هؤلاء الشعراء أنفسهم ومن في طبقتهم إذا تجاوزوا هذه الموضوعات إلى موضوعات أخرى فيها حديث النفس وتصوير العواطف؛ أصابوا بعض التوفيق فتأمل قول السيد عمر اليافي وكان من المتصوفين:

أنا بالله اعتصامي ... لا أرى في ذاك شكا

موقنا أن لا سواه ... كاشف ضرا وضتكا

راجيا فيه نوالا ... ورشادا ليس يحكى

لم أزل لله عبدا ... وبهذا أتزكى

ولعلك واجد في هذه الأبيات طبعاً وانسجاماً وسهولة لا تحسها في الأشعار السابقة.