عرض مشاركة واحدة
قديم 06-20-2011, 11:42 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،


قرءاه نقدية مغايرة لقصة "انتقام" لكاتبها مبارك الحمود
محاولة لفكفكة لغة القصة الكودية واستخراج عناصر الجمال منها:

اقتباس "
-2-
اعتقدت أني لن أعرف مكانها, وأن بعدها سيجنبها القتل على يدي, اعتقدت ذلك بسذاجة غريبة.. دوسي يا أقدامي بقوة, فالفارق بيني و بينها خطوة واحدة على دواسة الوقود.. ما أجمل الانتصارالذي يطول, فالاستمتاع فيه لذيذ.. آآآه الغبية ظنت أنها من فعلتها ستنجو.. ويحها! كيف تجرأت وتسلل إليها هذا التفكير, ألا تعرفني؟؟!.. سأجعلها تدرك ذلك كله, فكما يبدو أنها طالبة بليدة لم تستوعب الدروس التي قدمتُها لها في السابق.

في هذه الفقرة والتي يبدأها القاص برقم ( 2 ) مسخرا بذلك من جديد سحر الأرقام، نجده يقدم لنا بعض من ملامح شخصية البطلة فيجعلها وكأنها اختارت أن تختفي عن ناظري البطل عن قصد، وكنتيجة لما اقترفت هي من فعل، وفي ذلك ما يعزز حالة الصراع بين ندين متناظرين في القوة والذكاء والخبث والقدرة، وفي ذلك إبراز لحالة الصراع في النص، وهو عامل في غاية التأثير لان في ذلك محاكاة للحياة التي تقوم على الصراع في كل جوانبها، فالرجل البطل في القصة يسعى لقتل وتقطيع امرأة ذكية وقادرة وماكرة، حتى ولو أن البطل ظن أن في تصرفها ذلك سذاجة كونه اقدر منها.

ونجد أن البطل يستعجل الوصول إلى مكان تواجد تلك المرأة فباستخدام كلمة ( دوسي يا أقدامي بقوة ) تشخيص للأقدام، وكأنها كائن حيّ قادرة على الفعل بذاتها، وفي ذلك تعزيز مهول للحركة التي تجعل النص اكثر حيوية، وتسريع لها، لا بل ودفع صاروخي باتجاه الهدف، وهو ما يترك أثرا مهولا على ذهن المتلقي...ثم يعود القاص لتسخير سحر الأرقام من جديد بقوله (بيني وبينها خطوة واحدة) لكنه يُسخر التناقض أيضا، فعلى الرغم أن المسافة بين البطل والبطلة (تسعة وسبعون كيلو ) لكن البطل يراها ( خطوة واحدة على دواسة الوقود) وفي نفس الوقت يرى أن المسافة طويلة، مما يتيح له أن يستمتع بفعل الانتصار الذي هو قتلها، والذي يصوره القاص بأنه أمر قد حسم في عقل البطل، لا بل قد أنجز على اعتبار ما سيكون، وما تبقى التنفيذ فقط.

وباستخدام كلمات ( آآآه الغبية ظنت أنها من فعلتها ستنجو.. ويحها! كيف تجرأت وتسلل إليها هذا التفكير, ألا تعرفني؟؟!..) تعزيز للصراع بين البطل والبطلة في القصة ومزيد من التشويق حول ما سيحدث وشد المتلقي بمتابعة الحدث. وفي كلمات ( التفكير + الإدراك + والاستيعاب ) تسخير للتناقض مع كلمة ( طالبة بليدة ) وهي الصفة الأخرى التي يقدمها القاص هنا لوصف تلك المرأة التي عقد البطل العزم على قلتها. وفي كلمات ( لم تستوعب الدروس التي قدمتها لها في السابق) تعزيز للصراع من جديد حيث يقدم القاص فعل القتل الذي سيقوم به على انه حلقة من حلقات مسلسل مرعب من التصرفات العنيفة التي ارتكبها بحق تلك المرأة.

ولا شك أن القاص ينجح في هذه الفقرة من شد المتلقي وتوريطه في الحدث بصورة أعمق، وعلى الرغم انه يقدم لنا بعض ملامح البطلة وكأنها امرأة ماكرة وذكية وقادرة وجريئة وذلك بهدف تضخيم الصراع وجعله بين ندين، مما يستدعي من البطل أن يجيش له كل قواه ويحتفل بالنصر المستحق، نجد أن القاص يقدم لنا في هذه الفقرة المزيد من الملامح التي تساهم في استكمال الصورة الذهنية لشخصية البطل...والذي يبدو هنا سادي الطبع في تعامله مع تلك المرأة، وهو يتلذذ في شعوره بالنصر الذي يراه يطول وهو في الواقع فعل القتل.

ولا شك أن القاص ينجح في جعل البطل قادر على استعطاف المتلقي ويدفعه للاصطفاف إلى جانبه، وذلك على الرغم من ساديته وبشاعة ما ينوي القيام به من فعل قتل بواسطة المنشار، ذلك لان القاص ينجح أيضا في بث الشك في نفس المتلقي حول شخصية تلك المرأة وما اقترفته من ذنب، والذي يبدو ورغم عدم التصريح به حتى هذه اللحظة من تطور الحدث انه فعل خيانة، فيدفع القاص المتلقي إلى الاصطفاف إلى جانب البطل في سعيه للانتقام كونه مبرر وكنتيجة لتعرضه للخيانة...وفي ذلك تسخير واستحضار ذكي للتراث الشعبي والذاكرة الشعبية في المجتمعات الشرقية، التي غالبا ما تبرر جرائم الشرف وتخفف العقوبة على من يقترفها حتى ولو كانت بتلك البشاعة والعنف، وحتى لو أن الجريمة ارتكبت على أساس ظني...أو ربما كنتيجة لأوهام دارت في مخيلة البطل.

يتبع،،