عرض مشاركة واحدة
قديم 11-18-2014, 11:36 AM
المشاركة 1275
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع...والان مع العناصر التي صنعت الروعة في رواية رقم 74- المرأة الوردة محمد زفزاف المغرب



- ولد الشاعر والقاص والروائي المغربي الكبير محمد زفزاف عام 1942م في مدينة الغرب في المغرب. كاتب له خصوصيته التي ميّزت أعماله، نشر أولى محاولاته الشعرية في الستينيات.

- كتب عن المجتمع المغربي وانتقده في أغلب أعماله التي تكاد تكون سيرا ذاتية مموهة،

- ترجم جل أعماله إلى عدة لغات عالمية،

- امتازت كتاباته بحوار ممتع مكثف ولغة سهلة وراقية.

- لأعماله قيمة معرفية وفكرية واجتماعية لا حدود لها، ترك مهنة التدريس وتفرغ للكتابة، عاش فقيراً ومات فقيراً مريضاً عام 2001م.

- يتحدث في روايته "محاولة عيش" عن معاناة الطبقة المسحوقة في المغرب، أولئك الذين يسكنون في "البراريك" أو بيوت الصفيح قرب الميناء، منطقة تعج بالغربيين الذين أفسدوا أهلها، والفقر أفسد أهلها كذلك، منطقة بغاء وحشيش وخمور.

- شكلت أعمال الراحل الكبير محمد زفزاف (1942-2001) لقصة عربية / مغربية من نوع مختلف وأدب سار ضد كل تحاليل وتصنيفات الأكاديميين.

- أدب مبتكر، حداثي، جميل، وغارق في تفاصيل الهم اليومي للإنسان العادي البسيط.

- نصوص زفزاف العالقة في الأذهان لا تنسى،

- فيها يصور المواطن العادي مهلل الملابس يمشي خائفا متلفتا وراءه وهو يعبرالشاعر ويتقيأ يوميا متقززا من كل شئ.

- عاش "بوهيميا" لا يعرف غيرالكتابة بين شقته ومقاهيه المفضلة مثل مقهى ماجستيك بحي المعاريف بالدار البيضاء.


- إنه الفوضوي المنظم، كان بنظر الكثير من النقاد العرب، أحد أكبر كتاب المغرب.

- وظل طيلة حياته لا تستسيغه مدينة الإسمنت ولا يستسيغها.

- كان دائما يمثل الوجه الاخر.

- الصورة المتناقضة مع "ثقافة المدينة" وبريقها الخادع وأصحاب البدلات الشيك والجهل الثقافي المطبق.

- كيف لا يراهم جهلة وهم من هدموا مسرح المدينة الوحيد في الثمانينات؟

- مثله مثل المبدع المغربي الراحل محمد شكري، كانا معا يجوبان الحانات يبحثان عن إجابة للمسائل الكبيرة.

- يقول الكاتب العراقي فيصل عبد الحسن: "كنت أعرف ان المبدع محمد زفزاف كريم اليد ويجود بما يملكه، كان بيته ممتلأ دوما بالأدباء الشباب الذين يأكلون معه في صحن واحد ويدخنون من علبة سجائره ويشربون معه بذات القدح.. لكنه، بسبب افتقاره الي مورد مال ثابت كان لا يستطيع في بعض الأحيان حتي شراء الجريدة."

- زفزاف، الذي لم يحظى بأية جائزة أدبية وطنية في بلاده. يعكس حالة معروفة تماما في الأدب العربي بشكل عام.

- فالثقافة واجهة للسياسة وساحة لها أيضا. وليس ثمة رابط حقيقي بين الإبداع والشهرة.

- يفسر الشاعرالعراقي الكبير سعدي يوسف قلة الإهتمام بزفزاف ويرجعها إلى سببين: الأول أن أعمال زفزاف العفوية الصادقة تحترم جمهورها وتعنى بقضاياه ولا تقدمها كما يشتهي الآخر، والثاني: أن زفزاف لم يكتب بلغة أجنبية.

- من بين كتّاب القصة المغاربة، ظل محمد زفزاف الأكثر نصَباَ ازاء الفن، يحزم أمره، ويأخذ نفسه بالشدة.

- ومن بين كتاب القصة المغاربة، ظل محمد زفزاف الأكثر وفاء لمسحوقي شعبه، حريصا الحرص كله على ان يظل هذا الوفاء متألقاً واضحاً عبر الفن، لا عبر البيان الصحافي او السياسي.

- يقول سعدي يوسف في رثاء زفزاف: تشبّثه بالحرية، حرية الفنان والمواطن، أورده شظف العيش، بل المقاطعة والعزلة أحيانا. وبينما كانت النُّهزة سبيلاً الى الرفاهة كانت الشدة لدى محمد سبيله الى قامة الفنان الفارعة.

- لقد كان الأدب المغربي بحاجة الي مسيح، يعذبه الفقر والمرض، ويموت بدلا عن جميع الكتاب والأدباء المغاربة، ويتحمل بموته عذاباتهم وغربتهم وقلة حيلتهم ازاء واقع متغير لا يرحم أحدا.

- لقد خسر الأدب العربي محمد زفزاف مبكرا وربما ربح العرب والمغاربة "اسطورة أدبية"، كما فعل العراقيون حين ربحوا بموت السياب المفجع نموذجهم الأدبي الخاص بهم.

- ( محمد زفزاف صريح إلى درجة الإحراج،


- صادق إلى درجة الفضح،


- وأنه رجل المبدأ إلى درجة التهور).

- قد يكون الروائي محمد زفزاف من بين روائيين عرب قلائل من الذين استطاعوا أن يخفوا بمهارة وحرفية عالية صوت الراوي أو الحاكي ويدمجه في ثنايا النص كلغز حتى يصعب التفريق ـ ولا يستحيل ـ بين صوت السارد من صوت المؤلف في عفوية مدهشة مصنوعة بحس عفوي يحاول إعادة بناء كل شيء ببراءة نصية تقترب لتلقائيتها من الجمال غير المدرك لنفسه، مثل جمال البراري والنجوم والينابيع الصافية العذبة.

- ومع أن هذا الروائي الذي يظهر ويختفي( عنوان رواية رائعة لمحمد زفزاف هو: الثعلب الذي يظهر ويختفي) لم يكتب نصا صريحا تحت عنوان سيرة ذاتية أو سيرة روائية ذاتية، غير أن جميع رواياته هي نصوص سيروية رغم أن عقد القراءة الأولي بينه وبين القراء يشير دائما على الغلاف باسم رواية وليس سيرة روائية ذاتية، وهذه اللعبة الروائية شائعة على يد كبار كتاب الرواية في العالم.

- فمن المرأة والوردة إلى الحي الخلفي إلى بيضة الديك ومحاولة عيش وحتى قبور في الماء أو الأفعى والبحر أو الثعلب الذي يظهر ويختفي، هناك دائما، تحت طبقات الخطاب الروائي المخفي بعناية، أو النص الصريح، جزء من سيرة هذا الروائي المبدع.

- وقد تكون روايته( الثعلب الذي يظهر ويختفي) تلخيصا مركزا للخطاب الروائي الزفزافي وهو خطاب يحاول فيه الكاتب تجنب فخاخ الكلام السياسي الفخم الذي يثقل النص، والاعتماد على السرد الحكائي القصصي المشذب والبعيد عن كلام الآيديولوجيا التي دمغت نصوص الأدب الروائي العربي لفترة طويلة.

- لا يمكن طبعا عزل أعمال محمد زفزاف عن تاريخ الرواية المغربية وهي رواية نشأت بين حضنين ترك كل واحد منهما فيها أثرا خاصا: الحضن العربي، والحضن الحداثي الغربي، وتحديدا الفرنسي، والروائي محمد شكري هو أول أمطار الرواية المغربية الحداثية التي تأثرت بالغيم القادم عبر البحر، مع الطاهر بن جلون.

- إن صفات الوصف السردي غير المنتظم وتكسير الأزمنة والشخصيات الضبابية غير المحددة المعالم ( في عالم ضبابي يضيع فيه الفرد) والكشف الجريء عن المخبوء والمسكوت عنه والتعرية والفضح، والرواية التشردية، والبحث عن معنى، والتمرد، وتفكيك البنية الاجتماعية، والرفض أو العصيان على التقاليد الادبية والاجتماعية، والتركيز على اللغة كمكون روائي عضوي، والبوح، والصدمة، والفرادة، والعلنية، والجسد، واللعب المدروس خلال الحكي، وهو شرط جوهري في الرواية الجديدة، كل ذلك شكل أبرز ملامح هذه الرواية رغم أنه جاء في نصوص كثيرة من خارجها أو ملصوقا عليها وهذه طبيعة أي تقليد لحداثة مجلوبة لا تنبع من شروطها التاريخية والنفسية كالحداثة الروائية في أمريكا اللاتينية، علي يد غابريل ماركيز مثلا، وأنخيغل اوستاريس مؤلف رواية( السيد الرئيس) أو ماريو فارغاس يوسو مؤلف رواية (حفلة التيس) وكلهم حصلوا على جائزة نوبل وتركوا أثرا في الحداثة الروائية العالمية بما في ذلك الاوروبية دون الوقوع تحت سطوة الرواية الغربية.

- لا يمكن عزل زفزاف الروائي والإنسان عن هذه المدينة (الدار البيضاء )، ولا يمكن قراءة أدبه خارجها، فهذه المدينة بكل ما فيها من بشر وأمكنة وروائح وتيه وضياع وأمل وخوف وجمال هي صورته السرية، هي متاهته الشخصية مثل أية متاهة أخرى، كمتاهات بورخيس، أو متاهات امبرتو ايكو، أو بصرياثا محمد خضير، فكل كاتب يصنع متاهته الخاصة بنفسه.

- إنها مدينة، نص، ينتفح، وينغلق، على الروائي، وهذا التقلب هو سر الحنين الدائم في الهرب منها والعودة إليها من هذا القنيطري ( نسبة إلى بلدة القنيطرة المغربية التي ولد فيها زفزاف) ثم دخل في غرام البيضاء حتى يوم حفل التكريم الذي قال عنه ضاحكا( هذا حفل تكريم أم حفل تأبين؟!)لأن العرب لا يكرمون كتابهم إلا بعد قراءة آخر تقرير طبي يشير إلى الحالة الميئوس منها، أو بقايا الفقيد، وعندها تبدأ حالات تبرئة الذمة وحفل الزور.

- هذه هي عادة زفزاف في كونه يضفي على الواقعي شكلا أسطوريا، أو يحول العادي إلى حكائي، سواء في الهامش النصي، أو في المتن، أو في الحقيقة.

- إن مقاهي الدار البيضاء مثل مقهى لاكوميدي، المسرح البلدي، مقهى الكابتول، أو مقهى ميشيل، مدام غيران، ميرسلطان، مقهى الرونيسانس، أو الزنقات التي عاش فيها مثل زنقة البريني، أو زنقة ليستريل، أو زنقة الجبل الأبيض، والمطاعم التي كان يرتدها( هو غير محب للطعام) مثل مطعم التيرمينوس، كلها ستكون في نصوصه الروائية أمكنة أخرى مع الشخوص والروائح، رائحة الناس، أو رائحة النبيذ، أو رائحة الزمن الذي يمر على رصيف الأزهار السري حيث الخطى المتسارعة لأقدام الزمن.

- وعودة إلى سلم منزل الروائي محمد صوف الشبيه بسلالم كافكا ( ضحك صوف كثيرا لهذا الوصف حين عثرت عليه في المقهى) فإن روايات زفزاف مشبعة بهذه الأجواء البيضاوية( نسبة إلى المدينة) حيث البحث عن مأوى وسرير وكأس نبيذ هي الخاتمة أو اللازمة التي تتكرر في جميع روايات هذا الروائي الكبير ولا أدري كيف حصل ذلك وهل كان واعيا به أول الأمر أم لا وحتى اليوم الأخير؟

- هذا الهاجس الثلاثي( السرير والنبيذ والمأوى) هو هاجس شخصي قبل أن يكون روائيا، أي أن نصوص الروائي هنا تأخذ تطابقها( التطابق هنا ليس التناسخ بل التشابه وهذا افتراق عن الأصل) من التجربة الحية للروائي، وهذا هو هاجس السرية الذاتية الروائية.

- أدناه نهايات سبع من روايات محمد زفزاف تبين بوضوح أن هذا الروائي المنهك بأعباء كثيرة كان يستعجل، يستعجل تماما، الوصول إلى الغرفة أو المدينة التي فارقها، أو السرير أو الدخول إلى بار أو كأس أو الأمل بالعثور على مكان دافئ نظيف حسن الإضاءة بتعبير أرنست همنغواي.