عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2011, 09:01 PM
المشاركة 89
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
قلت:ويجوز أن يكون المعني بالشدة والرخاء غير هذا التقدير،فيريد بالشدة:القحط والجدب،وأنه إذا أخرج حقها في سنة الجدب والضيق كان ذلك شاقّا،لأنه إجحاف به وتضييق على نفسه،ويريد بالرخاء: السعة والخصب،وحينئذ يسهل عليه إخراج حقها،لكثرة ما يبقى له،ويكون المراد بالرسل:اللبن،وإنما سماه يسيرا ؛ لأن اللبن يكثر بسبب الخصب،ولذلك قيل:«يا رسول الله،وما نجدتها ورسلها ؟» قال:عسرها ويسرها،فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب والضيق،وهو المراد [ بالعسر،وفي حال الخصب والسعة،وهو المراد] باليسر،،والله أعلم.
كأغذ ما كانت:أغذ:أسرع،والإغذاذ:الإسراع في السير.
وأبشره:البشارة:الحسن والجمال،ورجل بشير،أي:جميل،وامرأة بشيرة [ أي:جميلة]،وفلان أبشر من فلان،وقد ذكرنا أن قوله:«كأغذ ما كانت» من الإغذاذ،ورأيت الخطابي قد ذكر الحديث قال: فتأتي كأكثر ما كانت وأعده وأبشره،ولم يذكر لها غريبا ولا شرحا،فلو كانت من الإغذاذ لشرحها كعادته،وتركُ شرحها يوهم أنها بالعين بالمهملة من العدد،أي:أكثر عددا،فلذلك لم يشرحها،والله أعلم.
وليس للإنسان من هذه الدنيا إلا أكلة أو لبسة يفنيها ويبليها ولا يبقى له إلا ما ادّخره عند ربه.
فعن شَدَّادَ بْنِ عَبْدِ اللهِ،قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ،يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r: " يَا ابْنَ آدَمَ،إِنَّكَ إِنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ،وَإِنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ،وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ،وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ،وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى " رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،فَذَكَرَ حَدِيثًا،ثُمَّ قَالَ:وَلَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rأَمَرَ أَنْ تُذْبَحَ شَاةٌ فَيَقْسِمَهَا بَيْنَ الْجِيرَانِ،قَالَ:فَذَبَحْتُهَا فَقَسَمْتُهَا بَيْنَ الْجِيرَانِ،وَرَفَعْتُ الذِّرَاعَ إِلَى النَّبِيِّ r،كَانَ أَحَبَّ الشَّاةِ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ،فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ rقَالَتْ عَائِشَةُ:مَا بَقِيَ عِنْدَنَا إِلا الذِّرَاعُ،قَالَ:كُلُّهَا بَقِيَ إِلا الذِّرَاعَ."
وعن قَتَادَةَ،قَالَ:سَمِعْتُ مُطَرِّفًا،يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ rوَهُوَ يَقْرَأُ:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر:]،قَالَ:يَقُولُ ابْنُ آدَمَ:مَا لِي مَا لِي،وَإِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ،أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ،أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ.
وعَنْ مُوَرَّقٍ الْعِجْلِيّ،قَالَ:قرَأَ رَسُولُ اللهِ r: {أَلْهَاكُمَ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمَ الْمَقَابِرَ} قَالَ:فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: لَيْسَ لَك مِنْ مَالِكِ إِلاَّ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ،أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ،أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ.
وهذه جملة من آداب الزكاة:
إخراج الزكاة خالصة لوجه الله واحتساب الصدقات عند الله وحده ورجاء ثوابه ومرضاته.
قال تعالى:{ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21) } الليل 17-21.
وَهَذِهِ سَيَنْجُو مِنَ العَذَابِ فِيهَا الإِنْسَانُ المُؤْمِنُ التَّقِيُّ الصَّالِحُ،الذِي خَافَ رَبَّهُ،وَخَشَعَتْ نَفْسُهُ لَهُ.الذِي يُنْفِقُ مَالَهُ فِي وُجُوهِ البِرِّ وَالخَيْرِ طَالِباً بِذَلِكَ طَهَارَةَ نَفْسِهِ،وَالفَوْزَ بِرضْوَانِ رَبِّهِ .وَهُوَ لاَ يَبْذُلُ مَالَهُ رَدّاً لِجَمِيلٍ أُسْلِفَ إِلَيهِ وَأُسْدِيَ .وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا فَعَلَ مِنْ إِنْفَاقِ المَالِ،ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّهِ،وَطَلَباً لِمَثُوبَتِهِ وَحْدَهُ.( وَهَذِهِ الآيَة نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ) .وَلَسَوْفَ يُرضِي اللهُ بِثَوَابِهِ العَظِيمِ مَنْ بَذَلَ مَالَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ رَبِّهِ .
العلم بأن الزكاة حق مفروض للفقير،والتيقن بأن المال مال الله،آتاه الله إياه،فهو مؤتمن عليه،ومستخلف فيه،فهو عبد لله ينفذ أوامر سيده فيما أعطاه،والله يجزيه الأجر الكبير على ذلك.
قال تعالى: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (7) سورة الحديد
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِالإِيْمَانِ بِهِ،وَبِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ r،عَلَى الوَجْهِ الأَكْمَلِ،وَيَحثُّهُمْ عَلَى الإِنْفَاقِ فِي أَوْجُهِ الطَّاعَاتِ،مِنَ المَالِ الذِي أَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ،وَجَعَلَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ عَلَى سَبِيلِ الأَمَانَةِ أَوِ الإِعَارَةِ،لأَنَّ هَذَا المَالَ كَانَ مِنْ قَبْلُ،فِي أَيدِي أُنَاسٍ آخَرِينَ،فَصَارَ إِلَيْهِمْ،ثُمَّ يَمُوتُونَ هُمْ وَيَتْركُونَهُ فَيَخْلُفُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ .وَيُرَغِّبُ اللهُ تَعَالَى العِبَادَ فِي الإِنْفَاقِ فِي أَوْجُهِ الطَّاعَاتِ،فَيَقُولُ لَهُمْ:إِنَّ الذِينَ آمِنُوا وَأَنْفَقُوا فِي أَوْجُهِ الخَيْرِ وَالبِرِّ سَيَجْزِيهِمْ رَبُّهُمْ جَزَاءً حَسَناً،وَسَيُؤْتِيهِمْ أَجْراً كَبِيراً .
وقال سبحانه: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } (33) سورة النــور
أي: من ابتغى وطلب منكم الكتابة،وأن يشتري نفسه،من عبيد وإماء،فأجيبوه إلى ما طلب،وكاتبوه،{ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ } أي: في الطالبين للكتابة { خَيْرًا } أي: قدرة على التكسب،وصلاحا في دينه،لأن في الكتابة تحصيل المصلحتين،مصلحة العتق والحرية،ومصلحة العوض الذي يبذله في فداء نفسه. وربما جد واجتهد،وأدرك لسيده في مدة الكتابة من المال ما لا يحصل في رقه،فلا يكون ضرر على السيد في كتابته،مع حصول عظيم المنفعة للعبد،فلذلك أمر الله بالكتابة على هذا الوجه أمر إيجاب،كما هو الظاهر،أو أمر استحباب على القول الآخر،وأمر بمعاونتهم على كتابتهم،لكونهم محتاجين لذلك،بسبب أنهم لا مال لهم،فقال: { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } يدخل في ذلك أمر سيده الذي كاتبه،أن يعطيه من كتابته أو يسقط عنه منها،وأمر الناس بمعونتهم.
ولهذا جعل الله للمكاتبين قسطا من الزكاة،ورغب في إعطائه بقوله: { مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } أي: فكما أن المال مال الله،وإنما الذي بأيديكم عطية من الله لكم ومحض منه،فأحسنوا لعباد الله،كما أحسن الله إليكم.
ومفهوم الآية الكريمة،أن العبد إذا لم يطلب الكتابة،لا يؤمر سيده أن يبتدئ بكتابته،وأنه إذا لم يعلم منه خيرا،بأن علم منه عكسه،إما أنه يعلم أنه لا كسب له،فيكون بسبب ذلك كلا على الناس،ضائعا،وإما أن يخاف إذا أعتق،وصار في حرية نفسه،أن يتمكن من الفساد،فهذا لا يؤمر بكتابته،بل ينهى عن ذلك لما فيه من المحذور المذكور.
ثم قال تعالى: { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ } أي: إماءكم { عَلَى الْبِغَاءِ } أي: أن تكون زانية { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا } لأنه لا يتصور إكراهها إلا بهذه الحال،وأما إذا لم ترد تحصنا فإنها تكون بغيا،يجب على سيدها منعها من ذلك،وإنما هذا نهى لما كانوا يستعملونه في الجاهلية،من كون السيد يجبر أمته على البغاء،ليأخذ منها أجرة ذلك،ولهذا قال: { لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } فلا يليق بكم أن تكون إماؤكم خيرا منكم،وأعف عن الزنا،وأنتم تفعلون بهن ذلك،لأجل عرض الحياة،متاع قليل يعرض ثم يزول.
فكسبكم النزاهة،والنظافة،والمروءة -بقطع النظر عن ثواب الآخرة وعقابها- أفضل من كسبكم العرض القليل،الذي يكسبكم الرذالة والخسة.





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني