الموضوع
:
المُهَذَّبُ في الآدابِ الإسلاميَّةِ
عرض مشاركة واحدة
11-27-2011, 08:36 PM
المشاركة
66
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
تاريخ الإنضمام :
Jan 2010
رقم العضوية :
8605
المشاركات:
1,313
قَدِيرٌ} (29) سورة آل عمران.
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِأنَّهُ يَعْلَمُ سَرَائِرَهُمْ وَضَمَائِرَهُمْ وَظَوَاهِرَهُمْ،وَأنَّهُ لا يَخْفَى عَلَيهِ شَيءٌ مِنْ أمْورِهِمْ،وَيَعْلَمُ مَا فِي الكَوْنِ جَمِيعاً مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ،وَأنَّهُ قَادِرٌ عَلَى عُقُوبَةِ المُخَالِفِينَ عَنْ أَمْرِهِ،وَالمُوَالينَ أَعْدَاءَهُ،فَمَا مِنْ مَعْصِيَةٍ خَفِيّةٍ،أوْ ظَاهِرَةٍ إلاّ وَهُوَ مُطَّلعٌ عَليها،وَقَادِرٌ عَلَى عِقَابِ فَاعِلِهَا عَلَيهَا .
وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،قَالَ:خَرَجَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ،فَقَالَ:مَا يُجْلِسُكُمْ ؟ قَالُوا:جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ،قَالَ:آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ ؟ قَالُوا:وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَلِكَ،قَالَ:إِنَّ رَسُولَ اللهِ rخَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ،فَقَالَ:مَا يُجْلِسُكُمْ ؟ قَالُوا:جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ وَمَنَّ عَلَيْنَا بِهِ،قَالَ:آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ ؟ قَالُوا:وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَلِكَ،قَالَ:أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ،وَلَكِنْ جِبْرِيلُ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ. رواه مسلم.
وَمِنْ هُنَا قال النَّوَوِيُّ:يُسْتَحَبُّ الْجُلُوسُ فِي حِلَقِ الذِّكْرِ
الابتداء بتطهير النفس بالاستغفار والتوبة إلى الله من كل الذنوب والخطايا والغفلات.قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (135) سورة آل عمران.
وَمِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الجَنَّةِ أَنَّهُمْ إذَا صَدَرَ عَنْهُمْ فِعْلَ قَبيحٌ يَتَعَدَّى أثرُهُ إلَى غَيْرِهِمْ ( كَغَيبَةِ إِنْسَانٍ )،أَو صَدَرَ عَنْهُمْ ذَنْبٌ يَكُونُ مُقْتَصِراً عَلَيْهِمْ ( كَشُرْبِ خَمْرٍ وَنَحْوَهُ )،ذَكَرُوا اللهَ تَعَالَى وَوَعِيدَهُ،وَعَظَمَتَهُ وَجَلاَلَهُ،فَرَجَعُوا إلَى اللهِ تَائِبِينَ،طَالِبِينَ مَغْفِرَتَهُ،وَلَمْ يُقِيمُوا عَلى القَبِيحِ مِنْ غَيْرِ اسْتِغْفَارٍ،لِعِلْمِهِمْ أنَّ اللهَ هُوَ الذِي يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً،وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى الذَّنْبِ،لأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أنَّ مَنْ تَابَ إلَى اللهِ،تَابَ اللهُ عَلَيهِ،وَغَفَرَ لَهُ .
وعَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِىِّ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -r- قَالَ « إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِى وَإِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِى الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ». رواه مسلم.
يفضل إغماض العينين،لئلا يشتغل بشيء من متاع الدنيا،ولصرف القلب والفكر إلى تدبر معاني الذكر،ومراقبة الله سبحانه وتعالى.
إختيار الأوقات المناسبة لذكر الله تعالى،والتي يكون فيها المرء خاليا من الشواغل،ونفسه مستعدة لتلقي النور والفيض الإلهي،وقلبه مشتاق لمناجاة الله تعالى،كأوقات السحر،والأصيل،وعقب الصلوات المكتوبة،وفي الليالي المباركة،والأيام الفضيلة..
قال تعالى:{ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (25)} الإنسان.
وَدُمْ عَلَى ذِكْرِ رَبِّكَ وَتَسْبِيحِهِ في البُكُورِ وَفِي الأَصَائِلِ أَيْ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ .
وقال سبحانه:{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (26)} الإنسان.
هذا هو الزاد. اذكر اسم ربك في الصباح والمساء،واسجد له بالليل وسبحه طويلا .. إنه الاتصال بالمصدر الذي نزّل عليك القرآن،وكلفك الدعوة،هو ينبوع القوة ومصدر الزاد والمدد .. الاتصال به ذكرا وعبادة ودعاء وتسبيحا .. ليلا طويلا .. فالطريق طويل،والعبء ثقيل. ولا بد من الزاد الكثير والمدد الكبير.
وهو هناك،حيث يلتقي العبد بربه في خلوة وفي نجاء،وفي تطلع وفي أنس،تفيض منه الراحة على التعب والضنى،وتفيض منه القوة على الضعف والقلة. وحيث تنفض الروح عنها صغائر المشاعر والشواغل،وترى عظمة التكليف،وضخامة الأمانة. فتستصغر ما لاقت وما تلاقي من أشواك الطريق! إن اللّه رحيم،كلف عبده الدعوة،ونزل عليه القرآن،وعرف متاعب العب ء،وأشواك الطريق. فلم يدع نبيه - r- بلا عون أو مدد. وهذا هو المدد الذي يعلم - سبحانه - أنه هو الزاد الحقيقي الصالح لهذه الرحلة المضنية في ذلك الطريق الشائك .. وهو هو زاد أصحاب الدعوة إلى اللّه في كل أرض وفي كل جيل. فهي دعوة واحدة. ملابساتها واحدة. وموقف الباطل منها واحد،وأسباب هذا الموقف واحدة.ووسائل الباطل هي ذاتها وسائله. فلتكن وسائل الحق هي الوسائل التي علم اللّه أنها وسائل هذا الطريق.
والحقيقة التي ينبغي أن يعيش فيها أصحاب الدعوة إلى اللّه هي هذه الحقيقة التي لقنها اللّه لصاحب الدعوة الأولى - r- هي أن التكليف بهذه الدعوة تنزل من عند اللّه. فهو صاحبها. وأن الحق الذي تنزلت به لا يمكن مزجه بالباطل الذي يدعو إليه الآثمون الكفار. فلا سبيل إلى التعاون بين حقها وباطلهم،أو الالتقاء في منتصف الطريق بين القائم على الحق والقائمين على الباطل. فهما نهجان مختلفان،وطريقان لا يلتقيان. فأما حين يغلب الباطل بقوته وجمعه على قلة المؤمنين وضعفهم،لحكمة يراها اللّه .. فالصبر حتى يأتي اللّه بحكمه. والاستمداد من اللّه والاستعانة بالدعاء والتسبيح - ليلا طويلا - هي الزاد المضمون لهذا الطريق .... إنها حقيقة كبيرة لا بد أن يدركها ويعيش فيها رواد هذا الطريق ..
وقال سبحانه:{ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ (17)} آل عمران.
وَهؤلاءِ العِبَادُ المُتَّقُونَ هُمُ:الصَّابِرُونَ عَلَى قِيَامِهِمْ بِطَاعَةِ رَبِّهِمْ،وَتَرْكِ مُحَرَّمَاتِهِ،وَهُمُ الصَّادِقُونَ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ مِنْ إيمَانِهِمْ بِمَا التَزَمُوا بِهِ مِنَ الأعْمَالِ الشَّاقَّةِ،والمُلْتَزِمُونَ بِطَاعَةِ اللهِ،وَالخُضُوعِ لَهُ ( القَانِتُونَ )،وَهُمْ المُنْفِقُونَ مِنْ أمْوالِهِمْ فِي جَمِيعِ مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ،وَصِلَةِ الأرْحَامِ وَمُوَاسَاةِ ذَوِي الحَاجَاتِ،وَهُمُ المُسْتَغْفِرُونَ رَبَّهُمْ فِي أوْقَاتش السَّحَرِ،حِينَما يَكُونُ النَّاسُ نَائِمِينَ.وَجَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أنَّ رَسُولَ اللهِ rقَالَ:" يَنْزِلُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كُلِّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى اللَّيْلِ الأخِيرِ فَيَقُولُ:هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأسْتَجِيبَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأغْفِرَ لَهُ؟ "
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ r؛ " فِيمَا يَذْكُرُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ:" ابْنَ آدَمَ،اذْكُرْنِي بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ سَاعَةً أَكْفِيكَ مَا بَيْنَهُمَا ".
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ فِى جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ». قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ ». رواه الترمذي.
وعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ،عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: مَنْ صَلَّى صَلاةَ الْفَجْرِ،ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ،وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ"
وعَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ حَدَّثَنِى عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -r- يَقُولُ « أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ فِى جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِى تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ ». رواه الترمذي
استحضار عظمة الله وجلاله،وأسمائه الحسنى،وصفاته العليا،بحسب حالة الذكر والفتح الذي يفتح عليه فيه،والتفكير في كل لفظ يذكره،ومراقبة القلب يردده مع اللسان،حتى يصل إلى الهيبة والتضرع والعبودية الحقة،ولا يفرغ حتى يشعر بطمأنينة القلب بذكر الله تعالى .
قال الراغب: ذكر اللّه تارة يكون لعظمته فيتولد منه الهيبة والإجلال وتارة لقدرته فيتولد منه الخوف والحزن وتارة لفضله ورحمته فيتولد منه الرجاء وتارة لنعمته فيتولد منه العز فحق المؤمن أن لا ينفك أبداً عن ذكره على أحد هذه الوجوه..
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (2) سورة الأنفال.
يُعَرِّفُ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمُ:الذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ فَزِعَتْ قُلُوبُهُمْ وَخَافَتْ ( وَجِلَتْ )،وَعَمِلَتْ بِمَا أَمَرَ اللهُ،وَتَرَكَتْ مَا نَهَى عَنْهُ.فَالمُؤْمِنُونَ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَهُمُّوا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ يَظْلِمُوا،وَقِيلَ لَهُمْ:اتَّقُوا اللهَ،ارْتَدَعُوا عَمَّا هَمُّوا بِهِ خَوْفاً مِنَ اللهِ.وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ عَلَيْهِمْ رَسَّخَ الإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ وَزَادَ فِيهِ،وَهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ،لاَ يَرْجُونَ سِوَاهُ،وَلاَ يَلُوذُونَ إِلاَّ بِجَناَبِهِ،وَلاَ يَسْأَلُونَ غَيْرَهُ .
وقال تعالى:{ وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205)} الأعراف.
يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى عِبَادَهُ بِذِكْرِهِ كَثِيراً فِي أَوْلِ النَّهَارِ وَفِي آخِرِهِ،كَمَا أَمَرَ عِبَادَه بِعِبَادَتِهِ فِي هَذينِ الوَقْتَينِ،( وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ ).وَيَأْمُرُ اللهُ بِأَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ فِي النَّفْسِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً،وَبِالقَوْلِ خُفْيَةً وَسِرّاً،لاَ جَهْراً،وَلِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الذِّكْرُ خَفِيّاً لاَ نِدَاءً وَلاَ جَهْراً بَلِيغاً،وَبِأنْ لاَ يَكُونَ الإِنْسَانُ غَافِلاً عَنْ ذِكْرِ اللهِ،وَأَنْ يَسْتَشْعِرَ قَلْبُهُ الخُضُوعَ لَهُ،وَالخَوْفَ مِنْ قُدْرَتِهِ .
وقال تعالى:{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)} الرعد.
وَهؤلاَءِ الذِينَ يَهْدِيهِمُ اللهُ هُمُ المُؤْمِنُونَ،الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ،وَتَطيبُ قُلُوبُهُمْ،وَتَهْدَأُ إِلَى جَانِبِ اللهِ،وَتَسْكُنُ عِنْدَ ذِكْرِهِ،وَتَرْضَى بِهِ مَوْلًى وَنَاصِراً.وَفِي الحَقِيقَةِ إِنَّ القُلُوبَ المُؤْمِنَةَ تَطْمَئِنُّ وَتَسْكُنُ وَتَهْدَأُ عِنْدَ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى .
ومعنى الاطمئنان سكونُ القلب واستقراره وأُنْسُه إلى عقيدة لا تطفو إلى العقل ليناقشها من جديد.
ونعلم أن الإنسانَ له حواسٌّ إدراكية يستقبل بها المُحسَّات؛ وله عقل يأخذ هذه الأشياء ويهضمها؛ بعد إدراكها؛ ويفحصها جيداً،ويتلمس مدى صِدْقها أو كَذِبها؛ ويستخرج من كل ذلك قضية واضحة يُبقِيها في قلبه لتصبح عقيدة،لأنها وصلت إلى مرحلة الوجدان المحب لاختيار المحبوب.
وهكذا تمرُّ العقيدة بعدة مراحلَ؛ فهي أولاً إدراك حِسِّي؛ ثم مرحلة التفكّر العقلي؛ ثم مرحلة الاستجلاء للحقيقة؛ ثم الاستقرار في القلب لتصبح عقيدة.ولذلك يقول سبحانه: { وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ... } [الرعد: 28]
فاطمئنان القلب هو النتيجة للإيمان بالعقيدة؛ وقد يمرُّ على القلب بعضٌ من الأغيار التي تزلزل الإيمان،ونقول لمن تمرُّ به تلك الهواجس من الأغيار: أنت لم تُعْطِ الربوبية حقها؛ لأنك أنت الملوم في أي شيء يَنَالُكَ.
فلو أحسنتَ استقبال القدر فيما يمرُّ بك من أحداث،لَعلِمْتَ تقصيرك فيما لك فيه دَخْل بأيِّ حادث وقع عليك نتيجة لعملك،أما مَا وقع عليك ولا دَخْل لك فيه؛ فهذا من أمر القَدَر الذي أراده الحقُّ لك لحكمة قد لا تعلمها،وهي خير لك.
إذن: استقبال القدر إن كان من خارج النفس فهو لك،وإن كان من داخل النفس فهو عليك. ولو قُمْتَ بإحصاء ما ينفعك من وقوع القدر عليك لَوجدتَّه أكثرَ بكثير مما سَلَبه منك. والمَثَل هو الشاب الذي استذكر دروسه واستعدَّ للامتحان؛ لكن مرضاً داهمه قبل الامتحان ومنعه من أدائه.
هذا الشاب فعلَ ما عليه؛ وشاءَ الله أن ينزل عليه هذا القدر لحكمة ما؛ كأنْ يمنع عنه حسَد جيرانه؛ أو حسدَ مَنْ يكرهون أًمه أو أباه،أو يحميه من الغرور والفتنة في أنه مُعتمِد على الأسباب لا على المُسبِّب. أو تأخير مرادك أمام مطلوب الله يكون خيراً.
وهكذا فَعَلى الإنسان المؤمن أن يكون موصولاً بالمُسبِّب الأعلى،وأنْ يتوكل عليه سبحانه وحده،وأن يعلم أنْ التوكل على الله يعني أن تعمل الجوارح،وأنْ تتوكَّل القلوب؛ لأن التوكل عملٌ قلبي،وليس عملَ القوالب.
ولينتبه كُلٌّ مِنّا إلى أن الله قد يُغيب الأسباب كي لا نغتر بها،وبذلك يعتدل إيمانك به؛ ويعتدل إيمان غيرك.
هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني