عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2011, 07:11 PM
المشاركة 5
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-2- الأدب مع الله سبحانه وتعالى

المسلم إذا نظر إلى ما لله تعالى عليه من منن لا تحصى ونعم لا تعد اكتنفته من ساعة علوقه نطفة في رحم أمه وتسايره إلى أن يلقى ربه سبحانه وتعالى فيشكر الله تعالى عليها بلسانه بالثناء عليه بما هو أهله وبجوارحه بتسخيرها في طاعته فيكون هذا أدبا منه مع الله سبحانه وتعالى،إذ ليس من الأدب في شيء كفران النعم وجحود فضل المعم والتنكر له ولإحسانه وإنعامه والله سبحانه يقول: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} (53) سورة النحل،ويقول سبحانه {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} (18) سورة النحل،ويقول الحق سبحانه {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} (152) سورة البقرة.
وينظر المسلم إلى علمه تعالى به واطلاعه على جميع إحواله فيمتلئ قلبه منه مهابة ونفسه له وقارا وتعظيما فيخجلُ من معصيته ويستحيى من مخالفته والخروج عن طاعته فيكون هذا أدبا مع الله سبحانه وتعالى،إذ ليس من الأدب فى شيء أن يجاهر العبد سيده بالمعاصي أو يقابله بالقبائح والرذائل وهو يشهده وينظر إليه قال تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14)} [نوح:13،14]،وقال تعالى:{وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} (19) سورة النحل
وقال تعالى:{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس.
يُخْبِرُ اللهَ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِمٌ بَجِمِيعِ أَحْوَالِ رَسُولِهِ وَأُمُورِهِ،سَوَاءٌ مِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌ بِهِ،أَوْ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِشُؤُونِ الدَّعْوَةِ،وَأَنَّهُ لاَ يَتْلُو مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرْآنٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ اللهُ تَعَبُّداً وَتَهَجُّداً بِهِ،أَوْ تَبْلِيغاً لَهُ لِلنَّاسِ،وَلاَ يَقُومُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،مِنَ المُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمْ،بِعَمَلٍ صَالِحٍ أَوْ غَيْرِ صَالِحٍ،كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ،إِلاَّ كَانَ اللهُ تَعَالَى رَقِيباً عَلَيْهِمْ فَيَحْفَظُهُ لَهُمْ،وَيَجْزِيهِمْ بِهِ،وَأَنَّهُ تَعَالَىلاَ يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيءٌ صَغُرَ أَوْ كَبُرَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ،أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ،فَكُلُّ شَيءٍ مُحْصًى عِنْدَهُ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ .
وينظر المسلم إليه تعالى وقد قدر عليه وأخذ بناصيته وأنه لا مفرَّ له ولا مهرب ولا منجا ولا ملجأ منه إلا إليه فيفر إليه تعالى ويطرح بين يديه ويفوض أمره إليه ويتوكل عليه فيكون هذا أدباً منه مع ربه وخالقه إذ ليس من الأدب في شسء الفرار مما لا مفر منه ولا مهرب ولا الاعتماد على مَن لا قدره له ولا الاتكال على مَن لا حول ولا قوة له،قال تعالى: {إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (56) سورة هود
إِنِّي وَكَّلْتُ أُمُورِي إلى اللهِ،وَهُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمُ الحَقُّ،خَلَقَ المَخْلُوقَاتِ كُلَّها،وَجَعَلَهَا تَحْتَ قَهْرِهِ وَسُلْطَانِهِ،وَهُوَ الحَاكِمُ العَادِلُ الذِي لاَ يَجُوزُ فِي حُكْمِهِ.وَأَفْعَالُهُ تَعَالى،تَجْرِي عَلَى طَريقِ الحَقِّ وَالعَدْلِ فِي مُلْكِهِ .
أَمَّا الأَصْنَامُ وَالأَوْثَانُ فَهِيَ حِجَارَةٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ وَلاَ تَمْلِكُ لِنَفْسِهَا ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً .
وقال: {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} (50) سورة الذاريات
فَالجَؤوا إلى اللهِ يَا أَيُّها النَّاسُ،وَأسْرِعُوا إلى طَاعَتِهِ،وَاعتَمِدُوا عَلَيه في جَميعِ أُمُورِكُمْ،فَإني لَكُم مِنْهُ نَذيرٌ،أنذِرُكُم عِقَابَه،وَأخَوِّفُكُمْ مِنْ عَذابِه الذِي أنزَلَهُ بالأمَمِ الخَاليةِ التي كَذَّبَتْ رُسُلَها،وَكَفَرتْ بِرَبِّها،وَإِني مُبَيِّنٌ لَكُم مَا يَجِبُ عَلَيكُمْ أنْ تَحْذُروه .
وقال تعالى:{قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (23) سورة المائدة.
وينظر المسلم إلى الطاف الله تعالى به في جميع الأمور وإلى رحمته له ولسائر خلقه فيطمع في المزيد من ذلك فيتضرع له بخالص الضراعة والدعاء ويتوسل إليه بطيب القول وصالح العمل فيكون هذا أدبا مع الله مولاه،إذ ليس من الأدب في شيء اليأس من رحمة التي وسعت كل شيء ولا القنوط من إحسانه الذي قد عم البرايا .
قال تعالى: { وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} (156) سورة الأعراف .
وَأَثْبِتْ لَنَا،بِرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ { واكتب لَنَا } حَيَاةً طَيِّبَةً فِي هذِهِ الدُّنيا،مِنْ عَافِيةٍ وَبَسْطَةٍ في الرِّزْقِ،وَتَوْفِيقٍ لِطَاعَةِ،وَمَثُوبَةٍ حَسَنَةٍ فِي الآخِرَةِ بِدُخُولِ الجَنَّةِ،وَنَيْلِ رِضْوَانِكَ،إِنَّنَا تُبْنَا إِلَيْكَ { هُدْنَآ إِلَيْكَ } مِمَّا فَرَطَ مِنْ سُفَهَائِنَا مِنْ عِبَادَةِ العِجْلِ،وَمِنْ تَقْصِيرِ العُقَلاءِ مِنّا فِي نَهْيِهِمْ وَالإِنْكَارِ عَلَيهِمْ.وَرَدَّ اللهُ تَعَالَى عَلَى دُعَاءِ مُوسَى قَائِلاً:لَقَدْ أَوْجَبْتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابِي خَاصّاً أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ مِنَ الكُفَّارِ وَالعُصَاةِ،الذِينَ لَمْ يَتُوبُوا،أَمَّا رَحْمَتِي فَقَدْ وَسِعْتَ كُلَّ شَيءٍ،وَسَأُثْبِتُ رَحْمَتِي بِمَشِيئَتِي لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الكُفْرَ وَالمَعَاصِيَ،وَيُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ،وَيُؤْتُونَ الصَّدَقَاتِ التِي تَتَزَكَّى بِهَا نُفُوسُهُمْ،وَلِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ وَيُصَدِّقُونَ بِجَمِيعِ آيَاتِي الدَّالَّةِ عَلَى الوحْدَانِيَّةِ،وَيُصَدِّقُونَ رُسُلِي،وَمَا جَاؤُوهُمْ بِهِ .
وقال تعالى:{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ } (19) سورة الشورى.
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ لُطْفِهِ بِعِبَادِهِ سَوَاءٌ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ البَرُّ والفَاجِرُ،فَهُوَ يُوسِّعُ الرِّزْقَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ،وَيَدْفَعُ عَمَّنْ يُرِيدُ البَلاَءَ،وَهُوَ القَوِيُّ الذِي لاَ يُغَالَب،العَزِيزُ الذِي لاَ يُقْهَرُ .
وقال تعالى على لسان النبي يعقوب عليه السلام:{يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ } (87) سورة يوسف.
وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر
قل -أيها الرسول- لعبادي الذين تمادَوا في المعاصي،وأسرفوا على أنفسهم بإتيان ما تدعوهم إليه نفوسهم من الذنوب: لا تَيْئسوا من رحمة الله؛ لكثرة ذنوبكم،إن الله يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها مهما كانت،إنه هو الغفور لذنوب التائبين من عباده،الرحيم بهم.
وينظر المسلم إلى شدة بطش ربه وإلى قوة انتقامه وإلى سرعة حسابه فيتقيه بطاعته ويتوقاه بعدم معصيته فيكون هذا أدبا منه مع الله تعالى.إذ ليس من الأدب عند ذوي الألباب أن يتعرض بالمعصية والظلم العبدُ الضعيفُ العاجز للرب العزيز القادر والقوي القاهر وهو يقول:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} (11) سورة الرعد .
لله تعالى ملائكة يتعاقبون على الإنسان من بين يديه ومن خلفه،يحفظونه بأمر الله ويحصون ما يصدر عنه من خير أو شر. إن الله سبحانه وتعالى لا يغيِّر نعمة أنعمها على قوم إلا إذا غيَّروا ما أمرهم به فعصوه. وإذا أراد الله بجماعةٍ بلاءً فلا مفرَّ منه،وليس لهم مِن دون الله مِن وال يتولى أمورهم،فيجلب لهم المحبوب،ويدفع عنهم المكروه.
ويقول:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} (12) سورة البروج،ويقول: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ} (4) سورة آل عمران.
وينظر المسلم إلى الله تعالى عند معصيته والخروج عن طاعته وكأن وعيده قد تناوله وعذابه قد نزل به وعقابه قد حلَّ بساحته كما ينظر إليه تعالى عند طاعته واتباع شرعه وكأن وعده قد صدقه له وكأن حلة رضاه قد خلعها عليه فيكون هذا من المسلم حسن الظن بالله،إذ ليس من الأدب أن يسيء المرء الظن بالله فيعصيه ويخرج عن طاعته ويظن أنه غير مطلع عليه ولامؤاخذه على ذنبه وهو يقول:{ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) } [فصلت:22 - 24]
كما أنه ليس من الأدب مع الله أن يتقيه المرء ويطيعه ويظن أنه غير مجازيه بحسن عمله ولا هو قابل منه عبادته وطاعته وهو الحق يقول: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ } (52) سورة النــور،ويقول تعالى: {مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (160) سورة الأنعام،ويقول سبحانه:{مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (84) سورة القصص،ويقول سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل.
وخلاصة القول إنَّ شكر المسلم ربه على نعمه وحياءه منه تعالى عن الميل إلى معصيته وصدق الأنابة اليه والتوكل عليه ورجاء رحمته والخوف من نقمته وحسن الظن به في إنجاز وعده وإنفاذ وعيده فيمن شاء من عباده هو أدبه مع الله وبقدر تمسكه به ومحافظته عليه تعلو درجته ويرتفع مقامه وتسمو مكانته وتعظم كرامته فيصبح من أهل ولاية الله تعالى ورعايته ومحط رحمته ومنزل نعمته،وهذا أقصى ما يطلبه المسلم ويتمناه طوال حياته.
فالأدب مع الله هو سلوك الأنبياء والصالحين وإذا كان التأدب مع أصحاب الفضل واجباً فإن من أوجب الواجبات التأدب مع الله سبحانه وتعالى ومن صور التأدب مع الله ما يلي :
الإخلاص :
الإخلاص له سبحانه في العمل قال الله تعالى:{ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (110) سورة الكهف
عَنِ الْحَسَنِ،قَالَ:لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ بِخَيْرٍ إذَا قَالَ لِلَّهِ وَإِذَا عَمِلَ لِلَّهِ.
وقال أَبُو الأَشْهَبِ:سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ:يَا ابْنَ آدَمَ،إنَّ لَك سِرًّا،وَإِنَّ لَك عَلاَنِيَةً،فَسِرُّك أَمْلَكُ بِكَ مِنْ عَلاَنِيَتِكَ،وَإِنَّ لَك عَمَلاً وَإِنَّ لَكَ قَوْلاً فَعَمَلُك أَمْلَكُ بِكَ مِنْ قَوْلِك. "
الشرك :
الحذر من الوقوع في الشرك صغيرة وكبيره فهذا مما لا يحبه الله ولا يرضاه قال الله تعالى: ( وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) الأنعام 88
الشكر:
شكر نعمته عليك والاعتراف بها قال الله تعالى:( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ) النحل 88
وقوله تعالى :( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) إبراهيم 7
التعظيم :
تعظيمه وتوقيره وتعظيم شعائره قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) الزمر 67،وقال تعالى: ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً ) نوح 103،وقال أيضاً :( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج 32
التقوُّل على الله:
عدم القول على الله بغير علم لقوله تعالى: ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) النحل116
المراقبة :
استشعار مراقبة الله لك في السر والعلانية وأنه مطلع عليك وأنت في ملكه وقبضته قال تعالى:( وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) التغابن 4
الخشية والإنابة :
الخشية والخوف منه ورجاؤه قال الله تعالى :( فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ) البقرة 105،وقال سبحانه وتعالى :( فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) آل عمران 175،وقال :( وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ) الإسراء 75
الـتـوبة :
التوبة والإنابة إليه وطلب المغفرة منه قال الله تعالى: ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ) النساء 64
الدعـاء:
دعاؤه والتضرع إليه والانكسار بين يديه قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) البقرة 186.
وقوله عز وجل: ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّع َ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ) النمل 62

______________





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني