عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2011, 07:10 PM
المشاركة 4
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
-1- آداب النية

المسلم يؤمن بخطر شأن النية،وأهميتها لسائر أعماله الدينية والدنيوية،إذ جميع الأعمال تتكيف بها،وتكون بحسبها فتقوى وتضعف،وتصح وتفسد تبعاً لها،وإيمان المسلم هذا بضرورة النية لكل الأعمال ووجوب إصلاحها،مستمدّ أولاً من قول الله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (5) سورة البينة.
وَقَدْ تَفَرَّقَ هَؤُلاَءِ وَاخْتَلَفُوا بَغْياً وَعُدْوَاناً،وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالتَّفَرُقِ وَالاخْتِلاَفِ،وَإِنَّمَا أُمِرُوا بِمَا يُصْلِحُ دِينَهُمْ وَدُنْيَاهُمْ،وَبِمَا يُحَقِّقُ لَهُمُ السَّعَادَةَ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ:مِنْ إِخْلاَصٍ للهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ،وَتَطْهِيرِ أَعْمَالِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ بِهِ،وَاتِّبَاعِ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ المُنْحَرِفَةِ عَنِ الشَّرْكِ،وَإِقَامَةِ الصَّلاةِ وَأَدَائِهَا حَقَّ الأَدَاءِ،وَدَفْعِ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ...وَهَذَا هُوَ الدِّينُ الحَقُّ الذِي جَاءَ فِي الكُتُبِ القَيِّمَةِ المُسْتَقِيمَةِ التِي لا عِوَجَ فِيهَا .
وقوله سبحانه:{قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} (11) سورة الزمر.
وَقُلْ يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي قَوْمِكَ:إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِأَنْ أَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَأَنْ أُخْلِصَ لَهُ العِبَادَةَ .
وقال تعالى :{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (2) أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3)} [الزمر:2،3]
إِنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ الذِي أَنْزَلَ إِلَيْكَ القُرْآنَ ( الكِتَابَ ) آمِراً بِالحَقِّ وَالعَدْلِ الوَاجِبِ اتِّبَاعُهُمَا،والعَمَلُ بِهِمَا،فَاعْبُدْهُ يَا مُحَمَّدُ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ والعِبَادَةَ،وَادْعُ الخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ.أَلاَ للهِ وَحْدَهُ العِبَادَةُ والطَّاعَةُ،وَلاَ شَرِكَةَ لأَحَدٍ مَعَهُ فِيهِمَا،لأَنَّ كُلَّ مَا دُونَهُ هُوَ مُلْكٌ لَهُ،وَعَلَى المَمْلُوكِ طَاعَةُ مَالِكِهِ،وَعَلَى العَبْدِ أَنْ يُخْلِصَ العِبَادَةَ للهِ،والذِينَ يَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ مِنَ المُشرِكِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الذِي يَحْمِلُهُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا هُوَ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَصْنَامِ المَلاَئِكَةَ،فَعَبَدُوا تِلْكَ الصُّورَ تُنْزِيلاً لَهَا مَنْزِلَةَ المَلاَئِكَةِ،لِيَشْفُعُوا لَهُمْ عِنْدَ اللهِ فِي حَاجَاتِهِمْ .وَكَانَ المُشْرِكُونَ يُبَرِّرُونَ عِبَادَتَهُمْ لِمَنْ هُمْ دُونَ اللهِ بِأَنَّ الإِلَهَ الأَعْظَمَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَعْبُدَهُ البَشَرُ مُبَاشَرَةً،فَهُمْ يَعْبُدُونَ هَذِهِ الآلِهَةَ،وَهِيَ تَعْبُدُ الإِلَهَ الأَعْظَمَ.واللهُ تَعَالَى يَحْكُمُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خُصُومِهِمْ،مُتَّبِعِي الحَقِّ وَسُبُلِ الهُدَى،فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالشِّرْكِ،وَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ بِعَمَلِهِ .وَاللهُ تَعَالَى لاَ يُرْشِدُ إِلَى الحَقِّ مَنْ هُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ عَلَيْهِ،فَيْزْعُمُ أَنَّ لَهُ وَلَداً أَوْ صَاحِبَةً.تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً .
وثانياً من قول المصطفى -r- " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى،فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ،وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا،أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا،فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ " .
ولحديث أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ،وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ. .
فالنظر إلى القلوب نظر إلى النيات،إذ النية هي الباعث على العمل والدافع إليه،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،عَنْ رَسُولِ اللهِ r،عَنِ اللهِ جَلَّ وَعَلاَ،قَالَ:مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا،كَتَبْتُ لَهُ حَسَنَةً،فَإِنْ عَمِلَهَا،كَتَبْتُهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِ مِائَةٍ وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا،لَمْ أَكْتُبْ عَلَيْهِ،فَإِنْ عَمِلَهَا،كَتَبْتُهَا عَلَيْهِ سَيِّئَةً وَاحِدَةً..
وعَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ الأَسَدِيِّ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ r: النَّاسُ أَرْبَعَةٌ،وَالأَعْمَالُ سِتَّةٌ:مُوجِبَتَانِ وَمِثْلٌ بِمِثْلٍ،وَحَسَنَةٌ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا،وَحَسَنَةٌ بِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ،وَالنَّاسُ مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَمُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا،مَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ،وَمَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ فِي الآخِرَةِ،وَمَقْتُورٌ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،وَشَقِيٌّ فِي الدُّنْيَا،وَشَقِيٌّ فِي الآخِرَةِ،وَالْمُوجِبَتَانِ مَنْ قَالَ:لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ،أَوْ قَالَ:مُؤْمِنًا بِاللَّهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ،وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ دَخَلَ النَّارَ،وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا،وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ،وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ،وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُضَعَّفَةٍ،وَمَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فَاضِلَةً فِي سَبِيلِ اللهِ فَبِسَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ.
فبمجرد الهم الصالح كان العمل صالحاً يثبت به الأجر وتحصل به المثوبة وذلك لفضيلة النية الصالحة،وعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْمَارِيِّ،قَالَ:ضَرَبَ لِي رَسُولُ اللَّهِ r مَثَلُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَرْبَعَةُ نَفَرٍ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَمَالا،فَهُوَ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي مَالِهِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالا،فَيَقُولُ: لَوْ آتَانِي اللَّهُ مِثْلَ مَا آتَى هَذَا لَعَمِلْتُ فِيهِ كَمَا يَعْمَلُ فَهُمَا فِي الأَجْرِ سَوَاءٌ،وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي غَيْرِ الْحَقِّ لا يَتَّقِي فِيهِ رَبًّا وَلا يَصِلُ فِيهِ رَحِمًا،وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يُؤْتِهِ مَالا فَهُوَ يَقُولُ: لَوْ آتَانِي اللَّهُ مِثْلَ مَا آتَى هَذَا لَعَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ فَهُمَا فِي الْوِزْرِ سَوَاءٌ ".
فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح،ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد،وكان مردّ هذا إلى النية وحدها .
وعَنْ أَنَسٍ،قَالَ:لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ rمِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ،وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ،قَالَ:إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ،وَلاَ قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ،إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ،قَالُوا:يَا رَسُولَ اللهِ،وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ:نَعَمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ."
فحسن النية إذا هو الذي جعل غير الغازي في الأجر كالغازي،وجعل غير المجاهد يحصل على أجر كأجر المجاهد .
وعَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ ذَهَبْتُ لأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ،فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قُلْتُ أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ.قَالَ ارْجِعْ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - r- يَقُولُ « إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِى النَّارِ ».فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ قَالَ « إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ » .
فسوَّت النية الفاسدة والإرادة السيئة بين قاتل مستحق للنار وبين مقتول لولا نيته الفاسدة لكان من أهل الجنة .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى صَدَاقٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لا يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهَا فَهُوَ زَانٍ،وَمَنِ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لا يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ،أَحْسِبُهُ قَالَ:فَهُوَ سَارِقٌ " .
فبالنية السيئة انقلب المباح حراماً،والجائز ممنوعاً،وما كان خالياً من الحرج أصبح ذا حرج .
كل هذا يؤكد ما يعتقده المسلم في خطر النية،وعظم شأنها،وكبير أهميتها فلذا هو يبني سائر أعماله على صالح النيات،كما يبذل جهده في أن لا يعمل عملاً بدون نية،أو نية غير صالحة،إذ النية روح العمل وقوامه،صحته من صحتها وفساده من فسادها،والعمل بدون نية صاحبه مراء متكلف ممقوت
وكما يعتقد المسلم أن النية ركن الأعمال وشرطها،فإنه يرى أن النية ليست مجرد لفظ باللسان (اللهم نويت كذا ) ولا هي حديث نفس فحسب،بل هي انبعاث القلب نحو العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع،أو دفع ضر حالا،أو مآلا،كما هي الإرادة المتوجهة تجاه الفعل لابتغاء رضا الله،أو امتثال أمره .
والمسلم إذ يعتقد أن العمل المباح ينقلب بحسن النية طاعة ذات أجر ومثوبة وأن الطاعة إذا خلت من نية صالحة تنقلب معصية ذات وزر وعقوبة،لا يرى أن المعاصي تؤثر فيها النية الحسنة فتنقلب طاعة،فالذي يغتاب شخصاً لتطييب خاطر شخص آخر هو عاص لله تعالى آثم لا تنفعه نيته الحسنة في نظره،والذي يبني مسجداً بمال حرام لا يثاب عليه،والذي يحضر حفلات الرقص والمجون،أو يشتري أوراق اليانصيب بنية تشجيع المشاريع الخيرية،أو لفائدة جهاد ونحوه،هو عاص لله تعالى آثم مأزور غير مأجور،والذي يبني القباب على قبور الصالحين،بنية محبة الصالحين هو عاص لله تعالى آثم على عمله،ولو كانت نيته صالحة كما يراها،إذ لا ينقلب بالنية الصالحة طاعة إلاّ ما كان مباحاً مأذوناً في فعله فقط،أما المحرم فلا ينقلب طاعة بحال من الأحوال .

______________





هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني