عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2011, 02:14 AM
المشاركة 23
منى شوقى غنيم
انتقلت إلى أرحم الراحمين إن شاء الله
  • غير موجود
افتراضي
* إلاَّ الاسْتِثْنَائِيّة:
حرْفٌ دونَ غيرها من أدَواتِ الاستثْناءِ (=المستثنى). ولها ثلاثُ أحوال:
(1) وُجُوبُ نصب المُسْتَثْنَى بَعْدَها.
(2) إتْبَاعُه على البَدَليَّة.
(3) إعْرَابُ ما بَعدَهَا حَسْبَ العَوامِل وَهُو المُفَرَّغُ وهاكَ التفصيل:
(أ) وجُوبُ نصبِ ما بَعْدَها: له أحوالٌ ثلاثٌ:
الأُولَى: أنْ يكونَ المُسْتَثْنى مُتَّصلاً (المتصل: ما كانَ المُسْتَثْنى من جنس المستثنى منه، والمنقطع بخلافه). مُؤخَّراً. والكلامُ تامّاً (التَّام: ما ذُكِر فيه المُسْتَثْنى منه) مُوْجبَاً (المُوجِب: غير المنفي). نحو {فَشَربُوا مِنْهُ إِلاَّ قَليلاً مِنْهُمْ} (الآية "249" من سورة البقرة "2" ).
فقليلاً مستثنى من واو الجماعة في "وشربوا"، وخلا من النفيّ.
الثانية: أن يكون المستثنى منقطعاً والمنقطع ما لا يَكونُ المُسْتَثْنى مِنْ جِنْس المُسْتَثْنَى منه - سَوَاءٌ أَكَانَ مُوجباً نحو "اِشْتَغَلَ عُمّالُكَ إِلاَّ عُمَّالَ خَالِد". أوْ مَنْفِيّاً نحو قولِه تعالى: {مَا لَكُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتّبَاعَ الظَّنِّ} (الآية "156" من سورة النساء "4" ) فاتِّباعُ الظنِّ لَيْسَ مِنْ جنس العِلْم، سَوَاءٌ أمْكَنَ تَسَلُّط العامِل عليه كهذه الآية فإن الأصل: مالَكُمْ إلاَّ اتِّبَاعَ الظَّن، أَمْ لَمْ يُمْكِنْ تسلُّطُ العامِل عليه، نحو "ما نَفَع الأَحْمق إلاّ مَا ضَرَّ" إذ لا يُقَالُ: نَفَعَ الضُّرُّ.
الثالثة: أنْ يَتَقَدَّمَ المُسْتَثْنى على المستثنى مِنْه سَوَاءٌ أكانُ الكَلامُ مَنْفِيّاً كقول الكُمَيْت:
وَمَالِيَ إِلاَّ آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ * وَمَالِيَ إلاَّ مَذْهَبَ الحقِّ مَذهَبُ
أم مُوجبَاً نحو "يَنْقُصُ - إلاَّ العلمَ - كلُّ شيءٍ بالإنْفَاقِ".
(ب) التَّبَعِيَّةُ على البَدَليَّة وذلكَ إذا كانَ الكَلامُ تامَّاً مَنْفِيّاً مُتَّصلاً، مُقَدَّماً فيه المُسْتَثْنَى منه (أي على الأصل). على أنه بدلُ بعضٍ نحو {مَا فَعَلُوهُ إلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ} (الآية "66" من سورة النساء "4" ). و{وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلاَّ امْرَأَتُك} (الآية "81" من سورة هود "11" ) و "ما جَنَيْتُ الثَّمَرَ إلاَّ تُفَاحَةً".
ويجوزُ النَّصبُ في هذا على الاسْتِثْناءِ وسُمِعَ من العَربِ المَوْثُوقِ بعَرَبيَّته يقول: "مَا مَرَرْتُ بأحَدٍ إلاَّ زيداً" وقُرِئ به الآيتين (وقراءة الفتح في الآية الثانية أجود وأشهر) وإذا تَعَذَّرَ البدلُ على اللفظِ لِمَانِعٍ أُبْدِلَ على المَوْضِع، نحو "لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ" برفع لفظ الجَلاَلَةِ فلفْظُ الجلالة بَدَلُ من محلّ "لا" مع اسمها (وعند أبي حيان: لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم "لا" المقدر بـ "موجود") لا على اللفظ، لأنَّ "لا" الجِنْسِيَّةَ لا تعملُ في مَعرِفةٍ لأن البدلَ في نِيّةِ تَسلُّطِ عَامِلِ المُبْدَلِ منه عليه. ولا في موجبه ونحو "ما فيها من أحدٍ إلاَّ خالدٌ" بالرفع، فـ "خالد" بدل على المحل من أحَد، لأن "مِنْ" زَائدة في سياق النفي وهي لا تزاد في الإِيجاب.
(جـ) الاسْتِثْنَاء المُفرَّغُ: وهو الذي لا يُذْكَر فيه المُسْتَثْنى مِنْه، وحِينَئذٍ يكونُ المُسْتَثْنى على حَسَب ما يَقْضِيه العَامِلُ الذي قبله في التَّرْكيب، كما لو كانت "إلاَّ" غير موجودة، نحو "لا يَقَعُ في السُّوءِ إلاَّ فاعِلُه" "لا أَتَّبِعُ إلاَّ الحقَّ" و{لاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّءُ إلاَّ بِأَهْلِهِ} (الآية "43" من سورة فاطر "35" ). وشرطُهُ كَوْنُ الكَلامِ مَنْفِيّاً كَما مُثِّل، أَوْ وَاقِعاً بعْدَ نَهْي نَحْو: {وَلاَ تَقُولُوا على اللَّهِ إلاَّ الحَقَّ} (الآية "171" من سورة النساء "4" ) أَوْ الاسْتِفْهَام الإِنْكَارِي نحو: {فَهَلْ يُهْلَكَ إلاَّ القَوْمُ الفَاسِقُون} (الآية "35" من سورة الأحقاف "46").
(د) تَكَرُّرُ الاسْتِثْنَاء المُفرَّغِ: إذا تكرَّر المُسْتَثْنى المُفَرَّغ، وَجَبَ النَّصْبُ في الثَّاني، وذلكَ قولُكَ: "مَا أَتَاني إلاَّ زيدٌ إلا عمراً" فلا يجوز الرفع في عمروٍ، إن شئت قلتَ: "ما أَتَانِي إِلاَّ زَيْداً إِلاَّ عَمْروٌ" فتجعل الإِتْيَانَ لِعَمْروٍ، ويكونُ زَيْدٌ مُنْتَصِباً، فأنت في ذا بالخيار إنْ شِئتَ نَصبتَ الأَوَّلَ ورفَعْتَ الآخِرَ وإنْ شئتَ نصبتَ الآخِرَ ورفعتَ الأوَّلَ.
(هـ) حكم "إلاَّ" إذا تكررت:
إذا تَكَرَّرَتْ "إلاَّ" فهيَ على قسمين، إمّا مؤكَّدةٌ وإمَّ مؤسِّسَةٌ (المؤسسة: التي لها معنى أصلي). فالأولى حكمُها الإِلْغَاءُ عن العَمَل. وذلك إذا كان ما بَعْدَ "إلاَّ" الثَّانِيَةِ تَابِعاً لما بعدَ "إلاَّ" قَبْلَها وتُعْرَبُ: بَدَلاً، أو عطفَ بيان، أو نسَق "جاءَ الحُجَّجُ إلاَّ مُحَمَّداً إلاَّ أبَا عَبْد الله" فـ "أَبَا عبدِ اللَّهِ" بَدَلُ كلٍّ من محمدٍ و "ألاَّ" الثانية زائِدةٌ، لمُجَّردِ التَّأكِيد لأنَّ أبَا عبدِ الله هو محمَّدٌ ونحو "حضَرَ القومُ إلاَّ سعداً وإلاَّ سَعِيداً". فـ "سَعِيداً عطفٌ على سعدٍ، و "ألاَّ" الثانية لَغْوٌ، ومِن هذا قولُ أبي ذؤيب الهذلي:
هل الدَّهرُ إلاَّ لَيْلَةٌ ونَهَارُها * وإلاَّ طُلُوعُ الشَّمسِ ثُمَّ غِيارُها
(غيارها: من غارت الشمس إذا غربت)
ونحو "ما قَرَأَ إلاَّ محمَّدٌ إلاَّ أُسْتَاذُكَ" و "ما أصْلَحْتُ إلاَّ البيتَ إلاَّ سَقْفَه" "ما أَعْجَبَني إِلاَّ خَالِدٌ إلاَّ عِلْمُه" وقد اجْتَمَعَ العَطْفُ والبَدَلُ في قول الراجز:
مَالَكَ مِن شَيخِكَ إلاَّ عَمَلُهُ * إلاَّ رَسِيمهُ وإلاَّ رَمَلُهْ
(الرَّسيم: نوعٌ من السَّيْر سريعٌ مُؤثِّر في الأرض، والرَّمَلُ: سَيْرٌ فوق المَشْي، ودُونَ العَدْوِ، فالرسيم والرمَل: تَفْسِيران لـ "عمله")
والثَّانية وهي المُؤسِّسةَ أي لقَصْد اسْتِثْنَاءٍ بعدَ اسْتِثْنَاء، فإنْ كان العاملُ الذي قبلَ "إلاَّ" مُفرَّغاً شَغَلْتَ العامِلَ بِوَاحدٍ من المُسْتَثْنَيَات ونَصَبْتَ ما عَدَاه نحو "ما سَافَرَ إلاَّ عَلِيٌّ إلاَّ خَالِداً إلاَّ بَكْراً".
تَقَدُّم المُسْتَثْنى على المُسْتَثْنى منه:
كُلُّ ما تَقَدَّم من القَوَاعِدِ في المُستثنى في حال تأخُّرِه عن المُسْتَثْنى منه؛ أَمَّا إذا تَقَدَّمَ المُسْتَثْنى فإنه لا يكونُ إلاَّ مَنْصُوباً، ولو كان مَنْفياً، وذلك قولك: "ما فيها إلاَّ أَباكَ أحدٌ". و "مالي إلا أبَاكَ صَدِيقٌ" وقال كعبُ بنُ مالك:

والناسُ ألْبٌ علينا فِيكَ ليسَ لنا * إلاَّ السُّيوفَ وأَطرافَ القَنَا وَزَرُ
فإذا قلت: "مالي إلاَّ زيداً صديقٌ وعمراً وعمروٌ" فأنْتَ بالخيار بَيْنَ النَّصب والرَّفع في المُسْتَثْنى الثَّانِي، ومِثْلُه "وَمَنْ لي إلاَّ أَبَاكَ صَدِيقٌ وزيداً وزيدٌ". أما النَّصْب فَعلى الكلامِ الأَول، وأمَّا الرفعُ فكأنه قال: وعمروٌ لي.
إلاَّ بِمَنْزِلَةِ مِثْل وَغَيْر ولا تكُونُ إلاَّ وصْفاً -: وَذَلِكَ قَوْلُك: "لَو كَانَ مَعَنَا رَجُلٌ إلاَّ زيدٌ لغُلِبْنا" والدَّليلُ على أنه وَصْفٌ أنَّكَ لو قلت: "لو كان مَعَنا إلاَّ زيدٌ لَهَلَكْنا" وأَنْت تُريد الاسْتثناء لكُنْتَ قد أَحَلْتَ - أي أَتَيْتَ مُحَالاً - ونظيرُ ذلكَ قولُه عزَّ وجل: {لَوْ كَانَ فيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (الآية "22" من سورة الأنبياء "21").
ونظير ذلك في الشعر قول ذي الرُّمَّة:
أُيِيخَتْ فأَلْقَتْ بَلْدةً فوق بَلْدةٍ * قليلٍ بها الأَصْواتُ إلاَّ بُغَامُها
(البَلْدة الأولى: ما يقع على الأرض من صدرها إذا بركت، والثانية: الأرض. البُغام: أصلُه للظَّبي فاسْتَعَارَهُ للنَّاقَة)
كأنه قال : قَليلٌ بها الأَصْواتُ غيرُ بُغَامِهَا، - على أن إلاَّ صِفةٌ بمعنى غير - ومثل ذلك قولُه تعالى: {لاَ يَسْتَوي القاعدون من المؤمنين غَيْرُ أُولِي الضَّرَر" (الآية "95" من سورة النساء "21") فلو كان موضع غير: إلاَّ، لَمَا اخْتَلَفَ المَعْنَى.
فلا يجوزُ في "إلاَّ" في قوله تعالى: {لو كَانَ فِيهِما آلهة إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا} أنْ تَكُونَ للاستثناءِ من جِهَةِ المعنى إذ التقديرُ حينئذٍ: لو كانَ فيهما آلِهةٌ ليسَ فيهمُ اللَّهُ لَفَسَدَتَا، وذلك يَقْتَضِي: أنْ لوْ كانَ فيهما آلِهَةٌ فيهمُ اللَّهُ لم تَفْسُدَا ويَسْتَحيلُ أن يُرادَ ذلكَ البَتَّةَ، هذا مِنْ جِهَةِ المَعْنى.
وَلاَ يَجوزُ من جِهَةِ اللفظ، لأنَّ آلِهةً جمعٌ مُنَكَّرٌ في الإثبات فلا عمومَ له، ولا يَصِحُّ الاستثناءُ منه فلو قُلتَ "قامَ رِجالٌ إلاَّ زَيْداً" لم يصحَّ اتفاقاً.
ومثال المعرَّفِ الشَّبيهِ بالمُنكَّرِ قَوْلُ ذي الرُّمَّة وقد تقدم قبل قليل:
أُنِيخَتْ فَأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوقَ بَلْدَةٍ * قليلٍ بها الأصواتُ إلاَّ بُغَامُها
فإنَّ تَعْريفَ الأَصْواتِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ ومِثالُ شِبهِ الجَمْع قولُ لَبيد:
لو كانَ غَيْرِي - سُلَيْمى - الدهرَ غَيَّرَهُ * وَقْعُ الحَوَادِثِ إلاَّ الصَّارمُ الذَّكرُ
(وقبله:
فقلتُ ليسَ بياضُ الرَأْسِ عن كبَرٍ * لو تَعْلَمين، وعندَ العَالِم الخَبَرُ)
فـ "إلاَّ الصَّارمُ" صفة لغيري.
ومثله قولُ الشاعر وهو حضرمي بن عامر أو عمرو بن معد يكرب:
وكلُّ أخٍ مُفَارِقُه أَخُوه * لَعَمْرُ أبِيكَ إلا الفَرْقَدَانِ
كأنه قال غيرُ الفَرْقَدين.




هنا بين الحروف أسكن
http://monaaya7.blogspot.com/
من القلب سلامًٌ لمن زارني