عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2011, 02:01 AM
المشاركة 4
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أخي العزيز


مداخلتك كتبت بمستوى حواري راق جدا.

أشكرك أخى الفاضل .. وبكم ومنكم يرتقي الحوار

ولكن اود التأكيد على مسائل اساسية
اولا لم اكتب دفاعا عن الماركسية انما سجلت حقائق سائدة. وما زالت الماركسية التي ارتكبت باسمها تجاوزات مخيفة، النظرية الأكثر تاثيرا حتى اليوم في عالمنا.


أنت كتبت فى نقد بعض أفكارها أو تطبيقاتها ..
ولكن بنقد المحب المكمل للنظرية , وهذا ما يبدو من تأييدك الكاسح لها .. ووصفها بالعظمة .. أليس كذلك ؟!


اعتقد ان المقارنة بين دين الهي ، الاسلام او المسيحية وبين نظرية من صناعة البشر ، هو أمر غير صحيح


نخلص من قولك هذا إلى نتائج خطيرة بالنقاش فى الواقع ..
قبل النتائج يتعين علىّ إثبات صحة المقارنة ..
فقولك أخى الفاضل أن المقارنة هنا لا تجوز باعتبار سماوية الرسالات غير مقبول .. لأن المقارنة إنما تنشأ من معالجات النظريات المختفة لذات الموضوع ..
هنا لابد أن تظهر المقارنة ..
فمثلا السحر والطب ..
لا تجوز المقارنة فيهما .. , إلا أثبت أهل الخيمياء ( كيمياء السحرة ) أنهم قادرون على علاج أمراض معينة هنا لابد أن تأتى المقارنة والرد من الأطباء الذين سيحملون لنا الرد والتبيان على هذه المقارنة رغم الفارق الهائل بين المجالين , فالأول مجال علم الطب يعتمد على التجريب والحقائق العلمية المجردة بينما الآخر يراه الأغلبية مجرد خزعبلات ..
بنفس هذا المنطق يا أخى الفاضل المقارنة نشأت بين الماركسية والدين الإسلامى ..
لأن الماركسية فى مبدئها الأساسي قدمت نفسها كبديل عن الدين والشريعة واعتبرت أن الدين هو أفيون الشعوب ولا تقدم إلا بنبذ خرافات الدين على حد زعمهم ..
وهنا حدثت المواجهة بين الدين وبين الماركسية ..
وداعى المقارنة الأكبر ,
هو الجانب الإقتصادى ..
فالشريعة الإسلامية تقنن مبادئ إقتصاد الدولة , والنظرية الماركسية جورها إقتصاد الدولة
وبالتالى اتفاق المجالين كان هو الحاصل لتسبيب المقارنة ..
فالنظرية الشيوعية والماركسية لم تأت لمعالجة أمور بعيدة عن الدين والعقيدة حتى يمكن القول أنها مذهب إنسانى لا علاقة للدين به بل إنها أكثر النظريات اصطداما بالدين لأن دستورها الأول قائم على جوهر الإلحاد من ناحية ومن ناحية أخرى فرضت الماركسية حظرا على حرية السوق والتجارة , وهو الأمر الذى عالجه التشريع بالإباحة ..
ومحاولة إخراج الشيوعية والماركسية من إطار المقارنة مع الدين هى محاولات مستميتة بذلها الشيوعيون العرب لدفع تهمة الإلحاد التى لاحقتهم إلا أنهم لم يستطيعوا الإجابة على أى إشكال تم طرحه عليهم وأهم هذه الإشكالات ماذا يفعل المسلمون بنظرية قامت على هدم مبادئ الإقتصاد الإسلامى فضلا على ضربها للعقائد الدينية والإجتماعية ؟!
هل نتبع ماركس أم نتبع محمد عليه الصلاة والسلام فى هذه الموضوعات المشتركة ؟!


وتأثيرها هائل في عالمنا.ولكن رغم ذلك الماركسية كان لها الأثر الأعمق ( وليس الأفضل شرطا) والأكثر تاثيرا على التاريخ البشري منذ طرحها ماركس في اواسط القرن التاسع عشر.


لست أدرى ماذا تقصد بالأعمق ( وليس الأفضل شرطا )
المفروض أن الأعمق هنا وصف للجانب الإيجابي فى النظرية ما لم تكن تقصد أنها الأعمق تأثيرا فى الجانب السلبي وهو ما أوافقك عليه تماما وينهى النقاش من الأصل !
ومفاهيم الأفضلية أخى الفاضل إنما تكون فى التأثير الإيجابي وحده ,
فكيف كانت الماركسية هى الأعمق تأثيرا فى نظرك دون أن تكون الأفضل ؟!
والأهم من ذلك كيف تكون الأعمق تأثيرا والأفضل فى وجود العقيدة الإسلامية التى كانت لها عشرات التجارب على الأرض فلم تفشل دولة واحدة إقتصاديا بالإقتصاد الإسلامى .. والمبادئ الإسلامية ..
بينما فشلت كل دول الماركسية !
هذا هو جوهر السؤال ..
وهذا ما ينبغي أن توضحه لنا باستخدامك ألفاظ ( الأكثر والأعمق تأثيرا ) بينما الماركسية هى الأكثر فشلا على أى مستوى واقعى ..
هي فكر فلسفي واقتصادي واجتماعي وثقافي وتاريخي أثرت على حياة المجتمعات البشرية سلبا وايجابا .وكان لها دورها في التاثير على التطورات في المجتمعات البرجوازية خوفا من صعودها . والكثير من المكاسب العمالية ومن حقوق الانسان والتأمينات الاجتماعية والخدمات الواسعة للدول الراسمالية التي اقرتها لمواطنيها كانت بفضل الخوف من طروحات الماركسية الثورية ولتلاشي تاثيرها على المجتمعات البرجوازية

هذا الكلام يصلح فى مواجهة البرجوازية الغربية ..
لكنه لا يصلح للرد عندما نضع فى الميزان النظرية الإجتماعية والإقتصادية لحضارة الإسلام ..
فهى أول الحضارات حضا على حقوق الفرد فى المجتمع المسلم وهى صاحبة الريادة فى الكفالة الإجتماعية لغير القادرين وكبار السن وغيرهم ولهم مصارف محددة تتولاها الدولة من الزكاة والصدقات ..
يقول الله عز وجل ..
[إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] {التوبة:60}

فأين كانت الماركسية بالله عليك من هذا الوحى الإلهى الذى عرف التطبيق طيلة 12 قرن كاملة وشرع من عند الله شريعة العقد الإجتماعى وضمن حياة الأفراد وحقق التكافل والتضافر الإجتماعى على أحسن ما يكون وشرع حقوق العمال والمطحونين عندما قال النبي عليه الصلاة وسلم
( أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه )
فأين كانت الماركسية من كل هذا ؟!
ولكننا لا نعتب على ماركس وأنجلز .. إنما العتب على المسلمين الذين لا يجهلون ما بشريعتهم فحسب , بل إنهم يباهون بحقوق تخيلوا عقائدا أخرى قامت بها وحققتها بينما حققها الإسلام فى كافة دول الخلافة من الخلافة الراشدة وحتى الخلافة العثمانية ..
فاسمح لى بعتابك فى هذه النقطة ..

ما طرحته في مقالي هو نقض لنظريات سائدة في الحركات الماركسية حتى اليوم دون فهم للتغييرات التي قلبت الكثير من المفاهيم وبات من الضروري تطويرها وتغييرها


هذا ما رددت عليه سابقا بأن سقوط النظرية كان فى عهد مؤسسيها ومنظريها الأصليين ..
فكيف تتصور منطقا أنه بامكانك او بإمكان الماركسيين المعاصرين إعادة إحياء تلك النظرية بعدما فشل مبتكروها أنفسهم فيها ..
هذه واحدة ..
الأمر الآخر ما حاجتنا يا آخى لفسلفة سقطت فى واقعها الأول وتحتاج الترميم وإعادة البناء , ومعنا فلسفتنا الإسلامية الإلهية التى أتت بوحى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
فلماذا نتركها لنظريات إنسانية مصنوعة بعقل البشر القاصر الذى تعترف أنت أنه عقل جامد لم يتطور وهذا سقط
ولما نترك نظرية أثبتت نجاحها عشرات المرات لنظرية ماتت واندثرت حتى فى قلب بوتقتها الأولى فى الإتحاد السوفياتى والذى أصبح رأسماليا أكثر من أمريكا نفسها , وبرجوازيا أكثر من البرجوازيين ؟!
فهل يكفر السوفيات بنظرية إلههم المعاصر ويحطمون رفاته , وتأتون أنتم فى محاولة إعادة إحيائه ؟!



قد نرفض الماركسية كمبدأ لدولة او اقتصاد



إذا نحن متفقون فى المبدأ ..

أن النظرية الإقتصادية والإجتماعية للماركسية ـ وهى أساس وجوهر الماركسية الأصلي ـ سقطت ولا تعتبر نظاما يصلح لا لدولة ولا لإقتصاد ولا لمجتمع ..
فماذا تبقي ؟!
تقول ..


ولكن من المستحيل رفض الديالكتيك لأنه موضوع علمي وليس سياسي .وهو في جذور عظمة الماركسية



سننتظر منك شرحا لمفهوم ما يسمى بالديالتيك أو الجدليات , وهل هو موضوع علمى فعلا أم موضوع فكرى فلسفي ..

وشرح آخر إذا سمحت يوضح لنا ما هى فائدة هذا المسمى وما هو أثره الإيجابي على ثقافة المجتمعات وماذا قدم للإنسانية يستحق به أن نعده مذهبا يستحق عليه أوصاف التفخيم التى أطلقتها على الماركسية فى عمومها فى مقالك ..
مع حيرتى الشديدة باعترافك الأخير بأن الماركسية لا تصلح كدولة ولا لاقتصاد ومع ذلك تصر على إسباغ أوصاف التفخيم عليها ..

تقديري لك