عرض مشاركة واحدة
قديم 11-27-2011, 12:09 AM
المشاركة 2
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أهلا بالأخ الكريم نبيل عودة ..
والله ما كنت أظن أن للماركسية والشيوعية لا زالت لها ذكر بعد هذا الإنهيار المدوى فى النظرية والتجربة بانهيار سور برلين وتحطم الإمبراطورية السوفياتية وانكشاف عوار هذا الفكر
ولا يسعنى فى الواقع إلا مناقشة بعض ما جئت به هنا ..
منها قولك :
لم يعرف تاريخ الفكر الحديث نظرية اجتماعية،فلسفية، اقتصادية وسياسية، بمثل اتساع الفكر الماركسي. ولم يعرف عالمنا تيارا فكريا عاصفا بمثل التيار الماركسي. ولم يؤثر أي فكر سابق، بالقوة الهائلة التي ميزت الفكر الماركسي منذ اواسط القرن التاسع عشر.

الماركسية عصفت بكل الفكر الفلسفي السابق، بكل النظريات الاجتماعية التي سبقتها،بكل الفكر الاقتصادي والسياسي الذي سبقها.
الماركسية لم ينحصر تأثيرها في بقعة جغرافية محددة، بل شملت عالمنا كله، بكل قاراته، بكل مجتمعاته، بكل طبقاته وفئاته الاجتماعية.لم تظل بقعة جغرافية ، ومجتمع إنساني لم يطوله تأثير الفكر الماركسي



ألا يبدو لك غريبا مثل هذه الإطلاقات الحالمة التى تصف بها الفكر الماركسي !
لا سيما إن وضعته بالمقارنة مع الفكر الإسلامى فى نظرية الإقتصاد والدولة , حيث تنتهى هذه الأسطورة التى تعبر عنها بأنها أكثر ما أثر فى التاريخ الإقتصادى والفكر الإنسانى فى العالم !!!
والمشكلة أنك تتحدث عن نظرية كان واقعها كارثيا على العالم ..
فبينما بشرت الماركسية بالمساواة وإنهاء العبودية والحرية ما نال العالم منها إلا الحروب الساخنة والباردة والوحشية الفوق خيالية فى التعامل مع الشعب ..
حيث أعيدك لتقرير الحزب الشيوعى الذى تحدث فيه خروشوف بعد وفاة ستالين الذى حكم الإتحاد السوفياتى وحمل مشعل الماركسية مع لينين واشتمل على فظائع لم نسمع بها حتى فى الأساطير اليونانية القديمة سواء فى القمع الوحشي أو حتى عدد الضحايا الذين استعصي على الباحثين حصر أعدادهم ..
وإن كانت هناك بعض الأرقام الشهيرة فى هذا المجال منها 5 ملايين فلاح روسي قتلهم ستالين بالأمر المباشر لرفضهم تطبيق أحكام الماركسية على محصولات زراعاتهم , وحوالى 25 ألفا من المثقفين البولنديين ( خارج حدود روسيا ) من الذين عارضوا النظرية أيضا ..
واشتمل التقرير على العديد من الفضائح وانتشر فى العالم بعد أن تمكنت المخابرات المركزية من الحصول على نسخة منه , وفى والمؤتمر ذاته أرسل أحد الأشخاص سؤالا إلى خروشوف بلا توقيع يسأله فيه قائلا :
إذا كان ستالين دكتاتورا وفعل كل هذا فأين كنت أنت يا خروشوف ؟
فصمت خروشوف قليلا ثم وجه سؤالا للحاضرين قائلا :
من منكم صاحب هذا السؤال ؟
فلم يجبه أحد .. فضحك خرشوف قائلا :
جوابي أننى كنت مثلك يا صاحب السؤال !
والمشكلة أن ناقل القصة وراويها هو أحد الماركسيين المصرييم ورددها بلا حياء وبلا خجل ثم تمسك بنظريته التى لم تجلب على العالم إلا الخراب سواء بسواء مع الوحشية الغربية الحديثة التى اتخذت نفس المنهج وإن اختلفت فى الأسلوب ..
وبمثل هذا وأفظع فعل ماوتسي تونج ( الذي يلقبونه فى الصين بالإله )
فأجبنى بالله عليك ..
أى نظرية تلك التى تدعى أنها أكثر النظريات رقيا وهى أفظعها تأثيرا من ناحية الوحشية فى العالم , وجوهر النظرية نفسه قائم على ديكتاتورية البروليتاريا ( حكم الطبقة العاملة ) أى أنهم يصرحون علانية بأن معانى الديمقراطية والشورى أمر ليس فى خيالهم وأن الحرية ليس لها عنوان عندهم .. وهو ما نفذوه فعلا !!
ولعل هذا الفيلم الوثائقي يفيد القارئ عن طبيعة تاريخ الماركسيين
http://www.aflamw.com/2010/02/bloody-history-of-communism.html

وهو ما تسبب أصلا فى السقوط المريع الذى تآكلت به الجبهة السوفياتية وفى التخلف الرهيب الذى عانت منه بقية أقطار الشيوعية ,
هذا إلى جانب إلى الفشل الإقتصادى الذريع والمريع الذى جعل روسيا تهرع إلى الغرب تلتمس منه النجدة عندما نفذ جورباتشوف سياسة البروسترويكا والجلاسوسنت وصارح الشعب بكل الحقائق وأعلن أن سابقيه من حكام الإتحاد السوفياتى ( لينين وستالين وخروشوف والثلاثي برينجنيف وكوسيجين وبادجورنى ثم أخيرا أندروبوف ) أغرقوا الشعب الروسي فى الوهم وقتلوه ومزقوه فى سبيل وهم كاسح ..
فما كان من الجماهير إلا اعلنت الثورة ,
وقامت بانتزاع جثة لينين ( المحنطة فى الميدان الأحمر بموسكوا ) وألقوها لكلاب الشوارع واستنزلوا اللعنات عليه وعلى نظريته ومن تبعها ..!

فعن أى إصلاح تتحدث وعن أى فكر وعن أى نقد فى نظرية مهترئة فشلت فشلا ذريعا على الأرض وانهارت دولها , وهو فكر ساقط يعتمد على أن يبذل عامة الناس قصاري جهدهم فى سبيل الحد الأدنى من كفاف العيش مع انعدام الحرية انعداما مطلقا ..
فهل ترى فى هذا الفكر بالله عليك ما يصلح للترميم أو التحديث أو التطوير ؟!!
وأنت جئت بموضوعك تنتقد النظرية انتقادا داخليا , دون أن تنتبه إلى أن الترميم لا يفيد مع الفكر المنحرف ,
ولست أدرى كيف تصورت أنك وغيرك تستطيعون ترميم فكر وتطبيق نظرية عجز أهلها أنفسهم عن تطبيقها ..
فإذا كان لينين وستالبين وهم تلامذة أستروسكى وماركس عجزوا عن أن يطبقوا التجربة وهم فى مثل ما كانوا عليه من القوة وتحت أيديهم دولة عظمى بموارد طبيعية لا محدودة ..
فهل تنجحون أنتم معشر الماركسيين الجدد

وأقول بصراحة مطلقة، لا يبدو ان قوة جذب الماركسية في تراجع او ضمور . ما زال الفكر الماركسي يشكل عنصرا مركزيا في حياة عالمنا. لا فرق بين مؤيد او رافض لهذا الفكر.

الماركسية شملت في طروحاتها مختلف المواضيع، من الاقتصاد الى الفلسفة الى الثقافة الى علم الإجتماع الى التاريخ الى السياسة. الماركسية لم تتوقف على التنظير فقط، بل كانت ايديولوجيا ثورية انتفاضية،


لست أدرى كيف ترى هذا ميزة للماركسية ..
إن كان الإنتشار والجدل والجذب متوافرا للماركسية فليس فى هذا دلالة على رقي الفكر أو صحته ..
فمثلا فكر التحلل الجنسي يحصد أضعاف أضعاف معجبي الماركسية وكذلك فكر الإلحاد .. والعياذ بالله ,
فهل فى هذا دلالة على صحته إلا بين حيوانات الغابات ؟!

في العلوم تجري انقلابات . قوانين فيزيائية كانت حتى وقت قريب تعتبر نهائية، تبين انها نقضت. وتتطور نظريات جديدة مكانها. ليس نفيا لها انما تطويرا وتجديدا.

ان تطور العلوم يجري عبر نقدها ومحاولة نقضها أيضا. في الفكر يجب ان نفهم ان النقض والنقد هما ميزة للتطور والتطوير ، وليس للنفي والالغاء.


نعم .. صحيح أن الفكر يتعرض لانقلابات والعلم كذلك ..
إنما لا يكون هذا فى أساس القواعد وثوابتها ..
فالقوانين الفيزيائية قد تتغير ..
ولكن الثوابت الفيزيائية كيف يمكن تغييرها ..
ولو أن هناك ثابتا فيزيائيا أثبت العلم التجريبي أنه كان خاطئا فهو ليس ثابتا من الأصل وإنما نظرية خاطئة ..
وكذلك نظريات الفكر ..
فهى قائمة على الفكر الوجودى والإلحادى الذى يعتبر الإنسان إله نفسه ..
وهذه النظرية لا تحتاج إلى انقلابات ولا يمكن أن نسمى ما يجرى فيها على أنه تغييرات قد تثبت صحة بعض النظرية وجوهرها ,.
لأن أساس النظرية وبنيناها نفسه كان دائما أبدا خاطئا ..

أخى الكريم ..
إن من يلهثون وراء الشيوعية من مثقفي المسلمين .. سعيا إلى قيم المساواة وإلغاء التسلط ورقابة الدولة على رأس المال .. كلها موجودة فى ديننا فى الحنيف فلماذا نبتغي الهدى فى غيره ؟!
بل إن جوهر الماركسية النظرى موجود فى نص حديث النبي عليه الصلاة والسلام ..
( ثلاث للناس جميعا .. الماء والكلأ والنار )
ببساطة كما يقول هيكل ـ وهو المثقف ذو الهوى الماركسي ولا علاقة له بالثقافة الإسلامية ــ أن هذا الحديث أرسي قواعد تأميم وسائل الإنتاج فى الدولة قبل ماركس بأربعة عشر قرنا ..
ناهيك ما يحث عليه الإسلام من المساواة وفتح المجال أمام الرزق الحلال وغلق الباب أمام الربا والإحتكار وكل قواعد ومساوئ الرأسمالية ..
سبحان الله
هذه القيم العميقة التى يبحثون عنها ليست موجودة فى الإسلام وحسب بل موجودة ضمن نظام وسطى شامل لا يمنع الفرد من حق التجارة وتحقيق الطموح الشخصي على النحو الذى تبيحه الشيوعية , وتقتل فيه رغبات الأفراد والقطاع الخاص
وهو الأمر الرئيسي الذى تسبب بانهيارها نظرا لأن الدولة أممت كافة وسائل الإنتاج وجعلت الشعب كله موظفا لدى الحكومة أو متعاملا تجاريا معها وحدها على سبيل الحصر
مما فتح الباب على مصراعيه أمام التواكل الروتينى وأمام الإهمال وأمام الفساد الإدارى
ما أدى بالطبع إلى انهيار الاتحاد السوفيتاتى ووقوعه فى بؤرة التضخم الإقتصادى وسقوط الإنتاج


كيف تتمسكون بنظرية ثبت فشلها الذريع على الأرض ونترك نظريتنا الإسلامية التى أثبتت نجاحا أسطوريا فى تأسيس الإمبراطورية الإسلامية بدولها المختلفة منذ قيام الخلافة وحتى الدول المتتابعة نهاية بالإقتصاد العثمانى ..
ولم تفشل أى دولة قامت بنظام الإقتصاد الإسلامى مرة واحدة فشلا إقتصاديا أو انهارت بسبب ذلك كما انهارت الشيوعية , والرأسمالية فى طريق الانهيار منذ السقوط الشهير للبورصة ,
فهل سمعتم فى التاريخ أن دولة من دول الإسلام سقطت وانتهت حضارتها بسبب نظامها الإقتصادى الإسلامى ؟!
اعطونا مبررا واحدا لكى نتمسك بنظرية فشل أصحابها وواضعوا مذهبها أنفسهم فى تطبيقها ؟!

والشكر لك ..