عرض مشاركة واحدة
قديم 11-23-2011, 01:41 PM
المشاركة 130
حميد درويش عطية
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

من روائع البيان في قوله تعالى
( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان )
ذكر علماء اللغة و البيان عنها ما يلي:
1- أنها الآية الوحيدة التي خالفت بقية الآيات التي تبدأ بسؤال الناس للنبي الكريم
حيث كلها تأتي بصيغة ( يسألونك ) مثل ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل ...
يسألونك عن الخمر و الميسر قل …، يسألونك عن الأنفال قل …
و يسألونك عن اليتامى قل … ،يسألونك ماذا أحل لهم قل …
و يسألونك ماذا ينفقون قل … ، يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل …
ويسألونك عن الروح قل … ، و يسألونك عن الجبال فقل … )إلا هذه الآية !
فمن عظمة الله أنه سبق المؤمنين بالسؤال و هم لم يسألوا بعد !
و كأنه سؤال افتراضي ، فإن الله هو الذي وضع السؤال و بادر بالإجابة من قبل أن يُسأل
حباً منه بالدعاء و بسرعة الإجابة ! فانظر إلى واسع رحمته !
2- على غرار ( و يسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا ))
كان القياس أن يقول ( و إذا سألك عبادي عني فقل ربي قريب يجيب دعوة الداع )
لكنه تبارك و تعالى تكفل بالإجابة بنفسه وقال ( فإني قريب أجيب دعوة الداع )
فابتدأ جوابه بأنه قريب للدلالة على عدم حاجته للوسطاء أولاً
وللدلالة على حفاوته بالدعاء و بالسائلين ثانياً
فلم يتحدث بضمير الغائب عن ذاته فلم يقل
( يجيب دعوة الداع ) لأنه يدل على البعد و العلو
بل نسبها لنفسه للدلالة على دنوه و قربه من السائلين !
3- أنه تعالى لم يعلق الإجابة بالمشيئة كأن يقول ( أجيبه إن أشاء )
بل قطع و أكد بأنه يجيب دعوة الداع .
4- أنه قدم جواب الشرط على فعل الشرط فلم يقل ( إذا دعان أستجب له ) و ذلك للدلالة على قوة الإجابة و سرعتها .
5- أنه قال ( أجيب دعوة الداع إذا دعان) و لم يقل ( أجيب دعوة الداع إن دعان )
و في هذا معانٍ بلاغية غاية في الدقة
منها أنه استخدم أداة الشرط ( إذا ) و لم يستخدم أداة الشرط ( إن )
، فما الفرق بينهما؟
السبب أن ( إن ) تستخدم للأحداث المتباعدة و المحتملة الوقوع و المشكوك فيها
و النادرة و المستحيلة
كقوله ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) و قوله ( و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) لأن الأصل عدم اقتتال المؤمنين
و قوله ( ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني ) و لم يقل (إذا) استقر مكانه
و قد علمنا أن الجبل دك دكاً ! و كقوله ( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا ) .
بينما ( إذا ) تعني المضمون حصوله أو كثير الوقوع مثل قوله
( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ) لأن الموت واقع لا محالة !
و قوله ( و ترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ) و قوله ( فإذا انسلخ الأشهر الحرم )
و قوله ( فإذا قضيت الصلاة )
و لذلك نرى أن كل أحداث يوم القيامة تأتي ب ( إذا ) و لم تأت بـ ( إن )
مثال ذلك قوله ( إذازلزلت الأرض زلزالها )
و قوله ( إذا الشمس كورت و إذا النجوم انكدرت و إذا الجبال سيرت … )
و قوله ( إذاوقعت الواقعة ) و غيرها من أحدث يوم القيامة
حيث لم تأت أيا ًمنها بأداة الشرط ( إن ) لأنها تحتمل الندرة و عدم الوقوع
و من روعة هذا البيان هو
حينما تأتيان معاً في موضع واحد فيستخدم ( إذا ) للكثرة و ( إن للندرة )
مثل قوله تعالى ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم .. و إن كنتم جنبا )
فجاء بِ ( إذا ) للوضوء لأنه كثير الوقوع و ( إن ) للجنب لأنه نادر الحصول
و مثل قوله ( فإذا أحصن فإن أتين بفاحشةٍ ) فالإحصان متكرر و الفاحشة من النوادر!
فمن هذا نفهم أنالمعنى من قوله تعالى ( إذا دعانِ )
أنه يشير إلى كثرة الدعاء و بأنه دعاء متكرر مستمر كثير و ليس نادراً قليلاً !
لأن الله يغضب إن لم يدعَ و القلب الذي لا يدعو قلبٌ قاسٍ
ألم تر إلى قوله تعالى( فأخذناهم بالبأساء و الضراء لعلهم يضرعون ، فلولا إذ جاءهم باسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم )
و قوله ( و لقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم و ما يتضرعون ).
6- ثم لاحظ أنه قال ( أجيب دعوة الداع ) و لم يقل ( أجيب الداع ) !
لأن الدعوة هي المستجابة و ليس شخص الداع ،\و في هذا إشارة دقيقة جداً إلى مكانة الدعوة بغض النظر عن شخصية الداع !
7- قال ( عبادي ) بالياء و لم يقل ( عبادِ ) فما الفرق؟
( عبادي ) تشير إلى عدد أكبر من ( عباد ) فالياء تعني أن مجموعة العباد أكثر
أي يجيبهم كلهم على اختلاف ايمانهم و تقواهم
كقوله تعالى للدلالة على الكثرة ( قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ) و المسرفون كثر
و كقوله (قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ) لأن أكثرهم يجادل
أما للقلة فيقول ( فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ) و هؤلاء قلة
و قوله ((وقل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم)) و المتقون قلة !
8- لاحظ أنه قال : ( أجيب دعوة الداع ) و كان القياس أن يقول ( أجيب دعوتهم )!
و ذلك للدلالة على أنه يجيب دعوة كل داع و ليس فقط دعوة السائلين
فوسع دائرة الدعوة و لم يقصرها على السائلين .
9- قال ( فإني قريب ) و لم يقل ( أنا قريب ) و هذاتوكيد بـ ( إن ) المشددة للتوكيد
لأن أنا غير مؤكدة.
10 – أن الآية توسطت آيات الصوم ، وهذا يعني أن الدعاء ديدن الصائم و أن للصائم دعوة لا ترد كما ورد في الأثر ( ما لم تكن بقطيعة رحم ) .
الدعاء شعار الصائمين ومن عظمة الدعاء و منزلته عند الله أن الله أحاطه بآيات الصوم
الذي قال عنه في الحديث القدسي ( الصوم لي و أنا أجزي به )
لأن الصوم من شعائر الإخلاص لله لأنه شَعيرة غير ظاهرة الأثر على صاحبها ما لم يرائي
فكذا الدعاء أراده الله أن يكون خالصاً له و هو الذي يجزي به
من دون شرك فيه لأحد
من دون واسطة نبي أو ولي أو شرطي أو موظف. !
************************************************** ******************************
حميد
عاشق العراق
23
11
11
الأربعاء 27 ذو الحجة 1432

معكم ألتقي ............ بكم أرتقي