عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
3840
 
محمد عبدالرازق عمران
كاتب ومفكر لـيبــي

محمد عبدالرازق عمران is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
850

+التقييم
0.18

تاريخ التسجيل
Jul 2011

الاقامة
البيضاء / ليبيا

رقم العضوية
10226
11-13-2011, 06:52 PM
المشاركة 1
11-13-2011, 06:52 PM
المشاركة 1
Smile الصيغة المثلى للفضائل
( الصيغة المثلى للفضائل )
[justify]كل ما يلفت الإنسان السّويّ من فضائل خلقية وإنسانية بمختلف معانيها ومبانيها في الأفراد والجماعات ، يوصف بصنيع الأم التي تزرع أخلاقها وطباعها وسيرتها في نفوس أبنائها الذين يؤلفون هؤلاء الأفراد وهذه الجماعات ، وفي هذا الواقع تكمن التحية المثلى للأم ويبرز الدليل السّاطع ويصدق قول الشّاعر :[/justify][justify][/justify][justify]

الأم مدرســـة إذا أعددتها

أعددت شعبا طيّب الأعراق

فكما تكون الأم يكون الأبناء ، وكما يكون الأبناء يكون الوطن ، وعلى هذا ، تكون تحية الأبناء للأم أشبه بفعل الصّلاة التي يتوجه بها الإنسان إلى القوة التي أوجدته ، ورسمت صفاته ، ووجهت خطاه ، وأهدته للحياة .
لو درست أحوال الأمم وحددت هوية كل منها ، لوجدت أنّ أكثرها تخلفا وأتعسها حالا هي الأمم التي تهان فيها المرأة وتهضم حقوقها الطبيعية وتصدم في مشاعرها وتعامل في قسوة وفظاظة ولا يقام لها أيّ وزن ، فتذل وتستكين وتعيش مقصوصة الجناح ، ولأنّ الأم هي هذه المرأة المستذلّة في مثل هذه المجتمعات ، تهون الأمة التي هي منها وتستكين وينهار بنيانها ويتخلف إنسانها ويسوء مصيرها حتى مشارف الهلاك .
بالأم التي تراعي طباعها الكريمة ومساعيها النبيلة وما فطرت عليه من حنان وعطف ومحبة ، يكبر الوطن ، ويصغر بمن يقودهم الغباء المتذاكي إلى تزييف إرادة الطبيعة ومعاداة نواميس الحياة ، وما أصدق نابليون بونابرت عندما قال : الأم التي تهزّ سرير طفلها باليمين تهزّ العالم بيسارها .. وما أروع قول الرّسول محمد صلى الله عليه وسلم : الجّنة تحت أقدام الأمهات .
الأم هذه الشمعة التي تحترق لتضيء كل ما حولها ، من أبرز ما في ذاتها من قيم رفيعة ، شعورها الغيري ، أي شعورها بوجود الغير ، ورغبتها العفوية في تأمين المسالك الصالحة التي تؤدي به إلى الحبّ والهناء والسعادة .
لم تخطئ لغتنا العربية ، لغة العقل والمنطق ومحاكاة القوانين الطبيعية ، عندما جعلت ، الأرض ، والسماء ، والشّمس ، والجنّة ، والدنيا ، والحياة ، والرّحمة ، والمحبة ، والطهارة ، والأمانة ، والمروءة ، والعبقرية ، والإنسانية ؛ كلمات مؤنثة الصيغة ، كما جعلت كل ما في الوجود من الأشياء التي يتكون منها هذا الوجود ، لا يوصف جمعه إلاّ بصيغة التأنيث .
وفي لغتنا قاعدة أساسية من قواعد الاشتقاق والبناء ؛ هي قاعدة " المصدر الصّناعي " ؛ وهي الصيغة التي تدلّ على خصوصية الصّناعة التي تؤدي إليها ممارسة الفعل ، هذه القاعدة تحوّل كل الأسماء ، أقول كل الأسماء بلا استثناء ، إلى صيغة المؤنث ، وكأنّ الدنيا في منطق لغتنا جزيرة تملؤها فضائل الأنوثة ومزاياها ، وأجمل بهكذا جزيرة .


الكلمة نفسها مؤنثة ، واللغة التي هي وعاء كل ما يدور في ذات الإنسان من خواطر ومشاعر وأحلام ، وأشواق ، مؤنثة كذلك ، وكأنّ في ذلك تذكيرا دائما ومباشرا بأنّ الأنوثة هي البداية والنهاية في كينونة الأحياء والأشياء على السواء .. والأمّ هي الصيغة المثلى لهذه الأنوثة .
[/justify]
( جورج جرداق / لبنان )





* ويأتيك بالأخــــبار من لم تزوّد .
( طرفة بن العبد )