الموضوع: سأنكث عهدي
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
28

المشاهدات
7359
 
محمد فجر الدمشقي
من آل منابر ثقافية

محمد فجر الدمشقي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
745

+التقييم
0.16

تاريخ التسجيل
Oct 2011

الاقامة

رقم العضوية
10545
11-12-2011, 10:46 PM
المشاركة 1
11-12-2011, 10:46 PM
المشاركة 1
افتراضي سأنكث عهدي
على غرارِ معاهداتِ السَّلامِ الجوفاءِ وقَّعتُ معكِ تلكَ الاتِّفاقيَّةَ الجائرةَ التي فرضَتها عليَّ واقعيَتُكِ الجليديَّة

بنودُها تقتضي أن أغادرَ جسدي و أدخلَ شاشةً صغيرةً جسدُها لوحةُ مفاتيحَ سوداءَ أطبعُ من خلالِ أزرارِها إحساسَ هذيانٍ مفرَّغٍ منَ الشُّعورِ كقصيدةٍ سجينةٍ في ديوانِ قلبٍ مهجورٍ أو رسالةِ حبٍّ وُضِعَتْ في زجاجة


أن أكونَ جدولاً لا ماءَ فيهِ و فارساً بلا جواد و قلماً يكتبُ دونَ يدٍ أو ربما بيدٍ عروقُها زرقاء !
!

أن أكونَ كرةً صفراءَ صغيرةً على شكلِ وجهٍ مبتسمٍ أو أيقونةٍ على شكلِ قلبٍ مشطورٍ إلى نصفينِ على سطحِ مكتبكِ


و بما أن تلكَ الاتفاقيةَ خياري الاستراتيجيُّ الوحيدُ بحكمِ توازنِ القوى بين قلبَينا فأنا ملزمٌ بإلغاءِ كلمةِ الحبِّ من خارطتي و التعايشِ مع كيانٍ جديدٍ يمتصُّ ماءَ روحي و يبني مستعمراتِهِ في مكامنِ النُّورِ في أعماقي فأرى مقدَّساتِ عواطفي محتلةً تدنِّسُها أقدامُ الهروبِ و تعبثُ برونقِها جحافلُ ذريعةٍ واهيةٍ اسمُها صداقة ... فلا سقيا لمشاعري حتَّى يصدرَ الرِّعاءُ و لا مكانَ لأمنياتيَ إلَّا بينَ أضغاثِ أحلامٍ لن تتحققَ و لا أحدَ يَعبُرُها


و لأنَّكِ سيَّدةُ التقلُّباتِ و أميرةُ المزاجيَّةِ فعليَّ أيضاً أن اعتادَ على عواصفِ غيرتكِ الأنانيَّةِ و أن ألغيَ كلَّ مفرداتِ المجاملةِ من قاموسِ كلماتي و أن أكونَ أمامَ رومانسيَّتِكِ المفاجئةِ صخرةً لا تحرِّكُها الرغباتُ و عاشقا أخرسَ يتجرَّعُ كؤوسَ الصَّمتِ حتَى الثَّمالةِ و يكتمُ الآهاتِ في جوفِهِ كقبلةٍ تختنق ...

كما يتوجَّبُ عليَّ أن أتعايشَ مع نوباتِ الديكتاتوريَّةِ الَّتي تصيبكِ بينَ الفينةِ و الأخرى فأجدُني دميةً أطرافُها معلقةٌٌ بخيوطٍ تحملينَها بينَ أصابعكِ و تجبرينَها على الرَّقصَِ وفقَ نغمتِكِ و بما يسايرُ حالةَ الطقسِ في أجواءِ عقلِكِ

و تبقى الغيمة التي تظلنا رمادية فلا هي بيضاء فتمضي و لا سوداء فتمطر فأراني أراوحُ في الضياعِ لاهثاً وراءَ بسمةٍ هنا أو عبارةِ شوقٍ واهيةٍ هناك أو خاطرةِ حبٍّ موجَّهةٍ لحبيبكِ الخياليِّ فأخدعُ نفسي و أتوهَّمُ بأنَّ أحدَ مقاطعِها يخاطِبُني


أعترفُ بأنَّكِ أشدُّ وفاءًً للمعاهداتِ منِّي و بأنَّ مقاومةَ توغُّلِ أنفاسِكِ نحوَ مكامنِ الجنونِ في أعماقي أشبهُ بحرفِ كوكبٍ عن مسارِه ...
نعم أشتهي أن أقترفَكِ عشقاً في ليلةِ هذيانٍ أمزِّقُ فيها أوراقَ وعدي و أنكثُ بعهدٍ بدأَ يتسرَّبُ من بينِ أصابِعي

سأتمرَّدُ على صداقَتِنا الَّتي فقدَتْ شرعيَّتِها مع أوَّلِ نبضةِ قلبٍ قتلَها هروبُكِ و سأعلنُ ثورَتي على غرورِكِ الَّذي صنعَتْهُ نظراتي . فخيوطُ مقاومَتِكِ واهيةٌ أمامَ جبروتِ إحساسيَ المتدفِّقِ كسيلٍ جارف ... و ثقي بأنَّكِ تهربينَ منِّي إلى صدري و ملاذُك الأخيرُ هذياني

أحبُّكِ