عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-2011, 01:42 PM
المشاركة 13
الدكتورة مديحة عتيق
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
ص11
1970- الآن : منفى أم شتات؟
تؤثّر فيّ حقيقة الهجرة بشكل غير عاديّ، فهذه الحركة من نمط حياة واضح ودقيق يتحوّل و ويتغيّر إلى نمط آخر (...) وبالتالي تندرج ضمنه بالطبع إشكالية المنفى والهجرة أو الناس الذين لا ينتمون ببساطة إلى أيّ ثقافة، هذه هي الحقيقة الحداثية ـ أو إن شئت ما بعد الحداثية ـ العظيمة: الوقوف خارج كلّ الثقافات"(37).
على مدى قرن من الكتابات العربية الأنجلوفونية يمكن أن نحدّد ثلاثة اتجاهات متميّزة :
*المهجريون (المهاجرون الأوائل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن العشرين)
*الطموحون المتأوربون (Europeanized aspirants) {ظهروا} في منتصف خمسينيات القرن العشرين.
* الكتّاب المحدثون الهجناء، ذوو الصول المختلطة، وعبر ـ الثقافيون (transcultutral)، والمنفيون/ المشتّتون الذين ظهروا في العقود الأربعة الأخيرة أو الذين تبعثروا في أرجاء العالم.
خلّف المهاجرون الأوائل وراءهم بيئة يسودها الفقر وحتّى الجهل، و شقّوا طريقهم نحو الحلقات الأدبية النخبوية، و الأكثر من ذلك، فقد تمكّنوا ـ كما أقرّوا سابقا بذلك ـ من أن يحتفظوا بتوازن مريح بين الشرق والغرب، وبين الوطن الأمّ والوطن المضيف على عكس الجيل اللاحق الذي ظهر قي خمسينيات القرن العشرين ـ كما وصفناه منذ قليل ـ فقد كان ذا خلفية نخبويّة، وعمل بجدّ كي يعتنق/ يتبنّى هويّة "الآخر" الأوروبي" وعليه فقد جسّد مثالا حيّا للصدمات والتجارب المؤلمة التي عايشها "المستعمَر" ثقافيا كما حدّده بحذق فرانز فانون. أخفق هؤلاء{الطموحون المتأوربون} في مواجهة رفض القوة الميتروبولية لهم كما أنّهم توقّفوا عن الحداد عن أوطانهم الأصلية لذا لم يعد هناك من خيار أمامهم سوى احتضان غربتهم واغترابهم الشخصي.
كان الفريق الثالث ـ وهم الذين بدؤوا الكتابة بعد سبعينيات القرن العشرين ـ الأقلّ تناسقا، فقد كان هناك جيل ثان وثالث وحتّى رابع للعرب المختلطين الذي ولدوا وترعرعوا في بيئة لم تعد تستشعر غربة أسلافهم المهاجرين أو أولئك الذين عملوا في بيئة بعيدة عن تجربة العبور/التقاطع القافي (transculturation) وقدمت الفئة الأخيرة من بيئات تنوّعت خلفياتها الاجتماعية ،والفكريّة، والعقائدية، والمهنية، وميولاتها السياسية ، واستقرّت في كندا والولايات المتحدة، (38) وأستراليا، وبريطانيا ، وكانت روابطها نحو الوطن الأمّ متنوّعة ومتشعّبة
ص12
لم يكن المهاجرون العرب الجدد سوى جزءا من الحركات السكانية الحاشدة التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، وكانت أسباب الهجرة عديدة: فهجرة الفلسطينيين عن أرضهم عام 1948، حرب 1967 و 1973 ضدّ إسرائيل، الحرب الأهلية اللبنانية وتداعياتها، حربا الخليج، هزيمة العراق وحصاره ـ سواء المفروض بالقوّة أو المفروض ذاتيا ، الفرار من الدكتاتورية ـ المنزلية (العائلية) أو السياسية ـ متابعة تحسين الذات من خلال التعليم والعمل اللائق – الحركيّة المتوسّعة للعاصمة/ رأس المال (39)، ورغبة الناس في البحث عن فرص تحسين حياتهم بعضُ من هذه الأسباب.
قَدَّر تقرير(40) قدّمته"الرابطة البريطانية للعرب البريطانيين" (National Association of British Arabs) (41)(NABA) العدد الحالي للعرب في المملكة المتّحدة بـ 500000 مقارنة بـ 200000 عربيا في كندا (الإحصاء السكاني لعام 1991) (42) و قُدِّر بثلاثة ملايين عدد الأمريكيين من أصول عربية (وهم الفئة الأسرع نموّا بين المهاجرين)وهم يبلغون تقريبا عدد سكّان أمريكا الأصليين (شكّل العرب الأمريكان 1.2% فحسب من مجموع سكّان الولايات المتحدة الأمريكية) (43) وفي استراليا زعم أكثر من نصف مليون شخص أنّ أسلافه عرب.
لدى الكتّاب العرب الأنجلوفونيين الكثير من القواسم المشتركة: اللسانية والثقافية، فقد انحدروا من موروث خصب، ولديهم تاريخ مشترك،...
هوامش الصفحة 11

(37) Edward Said ; The Mind of Winter; Reflection on Life in Exile “Harper’s Magazine”269 (September1984) :51
(38) نبّه (Steven Salaita) في كتابه (In Arab American Literary Fiction ; Culture & Politics) الصادر في (London ; Palgrave Macmillain 2007) إلى تنوّع العرب ـ الأمريكان، فقد كانوا مسلمين ( سنّة وشيعة وعلويين وإسماعيليين) ، مسيحيين (كاثوليك و أرثودوكس ،أنجليكان وإيفانجيكال وبروتستانت Mainline) ويهودا (أرثودوكس ومحافظين و Haredi إصلاحيين) ودروز، وبهائيين، ومزدوجي المواطنة ( عرب ـ إسرائيليين) وذوي لغات متعدّدة أو لغة واحدة، تقدّميين ومحافظين، assimilationists ووطنيين، وPluralists cosmopolitanist مهاجرين وأمريكيي الجيل الخامس، أثرياء وعمّال، ريفيين وحضرييّن، حداثيين وتقليديين، متديّنين وملحدين، بيضا وسودا، من أمريكا الجنوبية وكنديين..(لمعلومات أكثر حول العرب الأمريكان انظر: عنان أميري : العرب الأمريكان في Metro Detroit : التاريخ المصوّر(Detroit MI : Arcadia20017
هوامش ص12
(39)The Canadian Encyclopedia nhttp://www.thecanadianencyclopedia.com
على مدى عشر سنوات (1983-92) كان مجموع 13379 المستثمرين/ المقاولين قدموا بكثرة من لبنان، والكويت، والعربية السعودية، و الإمارات العربية المتّحدة ، مع تمثيل قويّ من مصر، والعراق، والأردن، وسوريا.
(40) NABA : www.britisharabs.net / or www.naba.org.uk
(41) قدّم التقرير السيد (I.K Jalili) وهو مدير NABA
(42) The Canadian Encyclopedia nhttp://www.thecanadianencyclopedia.com
(43) Randa Kayyali : The Arab Americans (Westport CT: Greenwood,2005):97.