عرض مشاركة واحدة
قديم 08-24-2011, 04:06 AM
المشاركة 13
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
العلمانية عند العرب

أطرف ما يمكن أن يواجهه المرء حال مطالعته لتجربة العلمانيين والماركسيين العرب هى الجبن المعنوى الهائل الذى يحكمهم فلا يعبرون عن صريح ما ينادون به أبدا ويحاولون مرارا الخروج من المأزق بابتكار الشبهات التى تدفعنا للتسليم لهم بأن الشريعة الإسلامية للصلاة والصوم والزكاة وغير ذلك من أمور شخصية لا تحكم شأن المجتمع
وبداية الأمر تكون مع التساؤل المنطقي الذى لم نجد له إجابة منهم مطلقا
لقد استوردتم العلمانية ودعوتم بدعواتها الرافضة لرهابنية رجال الدين وتدخلهم فى شئون الحكم وتسلطهم بصكوك الغفران بل واستخدمتم نفس تلك المسميات كحجة أمام تطبيق الشريعة الإسلامية دون أن توضحوا لنا أين هذه الأمور فى الإسلام ؟
هل هناك من شيوخ الإسلام من نصب نفسه راهبا متحكما كراسبوتين بروسيا ؟!
وهل هناك صكوك غفران فى الإسلام ؟!
وهل عانت الحضارة الإسلامية فى ظل الشريعة ما عاناه الغرب فى ظل الكنيسة
أم أن الإسلام كان هو السبب الرئيسي فى تكوين الإمبراطورية الإسلامية والفكر الإسلامى فى سائر المجالات والتى لا زالت حتى يومنا هذا أساسا لعلوم الغرب باعتراف رجال الغرب لا اعترافنا نحن
وعندما شن الغرب مختلف حملاته الصليبية قديما وعندما وقف جورج بوش يعلن أنها حرب صليبية جديدة تلك التى يشنها على بلاد المسلمين لم نستمع من العلمانيين تفسيرا لدعواتهم باتباع الغرب والتخلى عن الدين وفكره فى حين أن هذا التخلى هو هدف كل تلك الحملات منذ ظهور الإسلام وحتى اليوم
فإذا كان كل أهداف الغرب العدو لأمتنا هى نزع عقيدة الإسلام ومحاربتها وتشويهها بشتى السبل وإقصائها عن كافة شئوننا ؟!
فكيف يمكن أن يكون صحيحا أو مفيدا للأمة أن تتخلى عنها طواعية أو تظن بها الضرر بينما يظن بها العدو نفس الظن ؟!

ومن عجائب ولطائف العلمانية المصرية أن بعضهم روج لأن الغرب لم يعادى الإسلام قط , وأن هذا الإدعاء هو مظهر مرضي من مظاهر الإضطهاد !!!
ولست أدرى كيف تجرأ هؤلاء على مثل هذا السؤال الفضيحة التى يتجاهل أربعة عشر قرنا من الصراع الدموى والفكرى بين الإسلام والغرب
ولست أدرى ما الذى يمكن أن يفعله الغرب أكثر مما فعل حتى نوقن بذلك
لا زال البعض يتساءل , هل هناك استهداف من الغرب للإسلام وحضارته أم لا ؟!
تماما كما فعل رهبان النصاري فى كنيسة القسطينينية , أثناء دك محمد الفاتح لأسوارها بمدافعه, بينما هم مجتمعون فى قلب الكنيسة يناقشون كم شيطانا يمكن أن يجتمع فى رأس دبوس !!

لقد توارثت النظم الغربية خططها للإسلام عبر القرون حتى اليوم ونفذتها ومارستها من الحملات الصليبية وحتى الاحتلال الأمريكى ومؤامرة سبتمبر
ومن تحريض القساوسة وحتى مذكرات ريتشارد نيكسون
ومن تصريح إمبراطور الروم قديما وحتى تصريح بوش وبيرلسكونى بأنهم بصدد حرب صليبية جديدة
وهؤلاء يستنكرون وجود مؤامرة !
ومصيبتنا الحقيقية أننا لم نكتف فقط بإهمال النظر إلى التاريخ بمعالجة الواقع واستشراف المستقبل
بل إننا أهملنا مجرد قراءة الخطط المعلنة والمنشورة ومذكرات أصحابها من قادة الغرب ومفكريه من المستشرقين وهم بالآلاف عبر العصور ومن السياسيين فى العصر الحديث مثل نيكيسون فى كتابه الفرصة السانحة , والتى تعلن بوضوح مدى فوبيا الإسلام حتى فى أكثر أزمنة المسلمين ضعفا
وهذا يؤكد على أن نظرة الغرب لنا كشعوب لا تقرأ ولا تفهم هو أمر صحيح لأنهم لم يهتموا حتى بإخفاء نواياهم !!
ولهذا صدقت فينا تماما حكمة ( أمة بلا تاريخ أمة سلمت نفسها لأعدائها )

فى مذكرات نيكسون الصادرة فى السبيعينات وضع نيكسون خطة ما أسماه نصر بلا حرب
وهى كيفية نجاح الولايات المتحدة فى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار الاتحاد الجزئي الذى تم بين العرب فى حرب أكتوبر , ورسم المنهج الكامل لكيفية دخول قوات الانتشار السريع لمنطقتنا بحجة الحماية وبقائها لحراسة منابع البترول وتدمير أى محاولة ليقظة كيقظة أكتوبر ,
وبعد خمس عشرة سنة بالضبط من مذكرات نيكسون دخلت القوات الأمريكية إلى منطقة الخليج بحجة حماية وتحرير الكويت ولبثت منذ ذلك الحين تحمى منابع النفط وتسيطر على المنطقة عسكريا بعد أن سيطرت عليها سياسيا
ونجحت السياسة الامريكية فى تنفيذ الخطة بإحكام وإتقان ,
وهى نفس الخطة التى وضعها نيكسون فى البيت الأبيض لتصبح خطة عمل الرؤساء القادمين لكى لا ينالوا تجربة مثل تجربة نيكسون فى حرب اكتوبر عندما وقفت السيارات والمصانع فى قلب أميركا عندما نفذ العرب حظر البترول
ونحن لا زلنا نسأل
هل هناك مؤامرة أم لا ؟!
والعداء الغربي للإسلام عداء تاريخى منذ انهيار امبراطورية الروم واتخذ أشكالا عدة , سواء بالحملات العسكرية المتوالية أو الهجوم الفكرى من خلال كتابات المستشرقين ..
والعداء الغربي ليس نسيجا واحدا
فالشعوب الغربية تنقسم إلى عوام ومفكرين
أما المفكرين
منها فئة صغيرة مستثناه من المفكرين الذين يدركون جرائم قياداتهم , أو أولئك الذين يدركون ويعترفون بفضل الإسلام على الغرب , لكنهم فئة قليلة كما سبق دفعها تفكيرها الحر المستقل إلى هذه النتيجة من أمثالهم روجيه جارودى وزيجريد هونكه صاحبة كتاب ( شمس العرب تشرق على الغرب )
والفئة الأكبر منها تدفعها العنصرية لتوظيف قدراتها الفكرية لهذا الحقد الأعمى , وهم لا يكتفون بالتأييد بل كثير منهم يعتبر هو المُنظّر وواضع القواعد التى تسير عليها السياسات الغربية , ولعل أشهرهم فى العصر الحديث الصحفي اليهودى الأمريكى توماس فريدمان الذى وضع الخطة الكاملة لمناصرة الشيعة الإثناعشرية فى العراق وتسليح عصاباتها وحمايتهم قهرا للسنة هناك وتنفيذا لمخططهم القديم بالحرب على العقيدة الصحيحة ورعاية أصحاب الفرق الشاذة عن السلوك القويم وتنمية النعرات المذهبية "[1]"
أما العوام ,
وهم يختلفون عن عوامنا كعرب ومسلمين إذ أنهم جميعا تقريبا لهم مستوى ثقافي عال ,
والأغلبية منهم تقع تحت تأثير التيار الفكرى الغالب فى العداء العنصري الشديد لأنهم يقرءون الإسلام من وجهة نظر مفكريهم المنحرفة , لا سيما إن وضعنا بأذهاننا أن هؤلاء المفكرين من الجبهة المعادية ليسوا هم الأكثر من ناحية العدد فقط بل هم الأقوى من حيث القدرة والشهرة والنفوذ فى الأوساط الثقافية , وامتلاكهم لإمبراطورية الإعلام العالمية
ولا ننسي أن الغرب عندما بدأ قبل قرون فى رحلة الاستشراق , أنتج أجيالا وراء أجيال من المستشرقين الذين كرسوا لتلك النظرة ,
وهناك بعض العوام وهم فئة غير قليلة , تتعامل من منطلق الفكر الليبرالى الذى يقوم على قراءة الأحداث وتحليل القضايا من واقعها الأصلي فجاءت الحملة الشرسة من الغرب على الإسلام كدافع لهم إلى محاولة فهم هذا الدين من منابعه الأصلية ,
وتحقق عندئذ قول الله تعالى
[ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ] {الأنفال:30}
إذ أن المبالغة الغربية فى بيان خطر المسلمين المزعوم على الحضارة الغربية والمبالغة الشديدة فى تجاهل حقهم المشروع فى الدفاع عن أنفسهم ضد الهجمة العسكرية والحضارية والثقافية عليهم جعلت الكثيرين لا يستسيغون هذا المنطق الرسمى فدرسوا الإسلام نفسه وكانت المفاجأة أمامهم أن الإسلام دين لم يتخيلوا مدى عظمته على نحو أبهرهم
فانضم منهم منذ أحداث الحادى عشر من سبتمبر قرابة مائتى ألف مواطن واعتنقوا الإسلام

وما ساعد على هذا
الماضي المخزى الذى يحمله الغرب على أكتافه , إذ أنه يقدم نفسه كشعلة حضارة ونور بينما حضارته ـ إن جاز تسميتها حضارة ـ قامت على انحطاط أخلاقي وإنسانى لم تتدنى البشرية إلى مثله منذ عهد الرومان
ولما انكشفت هذه الفضائح التى مارستها السياسة الغربية ضد مستعمراتها فى الشرق الأوسط والأدنى وفى افريقيا وفى الولايات المتحدة ضد الهنود الحمر , كان هناك العديد من أولئك المواطنين من ذوى الفطرة السليمة لا يستطيع أن يتقبل مثل هذه الممارسات بالغة البشاعة ,
ولو أننا ضربنا المثال بالولايات المتحدة مثلا
والتى تأسست من الغربيين أصحاب سجلات الإجرام الذين هاجروا لأرض الهنود الحمر , سنجد أمامنا جريمة إبادة لشعب كامل كان يغطى هذه الأرض بالملايين فلم يتبق من جنسهم فرد واحد
وكمثال آخر أيضا على ما وصلت به العنصرية الأوربية ما فعلته إيطاليا بعهد سفاحها الشهير بنيتو موسولينى فى غزو الحبشة , عندما قتل مائة ألف من سكان البلاد باستخدام الغاز السام عندما استعصت عليه العاصمة ورأى موسولينى أن الجيش استغرق وقتا أكثر مما ينبغي للسيطرة على الحبشة فأصدر أوامره باستخدام الغاز ,
ولكى نعطى فكرة بسيطة عن النظرة التى كان ينظر بها الجنود الإيطاليون لمواطنى الحبشة وكيف أنهم يرونهم أقل قيمة من حيوانات الغابة ,
أن هناك أفراد من الجيش الأثيوبي التقطوا صورا تذكارية أرسلوها لعشيقاتهم وهم يحملون بأيديهم اليمنى سلاحهم وفى اليد اليسري رأس مقطوعة لمواطن أثيوبي يهزونها أمام الكاميرا فى سخرية !

وفى لقاء مع العالم الألمانى الأصل الأمريكى الجنسية أوبنهايمر صاحب القنبلة الذرية التى صنعتها الولايات المتحدة , سأله الصحفيون عن شعوره بعد أن تم استخدام قنبلتين ذريتين ضد اليابان فى الحرب العالمية الثانية بل داعى وبلا مقتضي لأن اليابان كانت فى طريقها للاستسلام بالفعل
فأشار مستشارو الرئيس الأمريكى ترومان عليه أن يستخدم القنبلة الذرية الأولى ضد اليابان كى يرهب الاتحاد السوفياتى ويضع أمريكا على عتبات قيادة عالم بعد الحرب
فوافق ترومان لهذا السبب وحده
وليتهم اكتفوا بهذا ,
بل أصر مستشاروه أن يستخدم قنبلة ثانية وأيضا ضد اليابان , وكانت حجتهم أن المعامل الأمريكية أنتجت نوعين من القنابل أحدهما ذرية إندماجية والأخرى نووية إنشطارية ولابد من تجربة القنبلتين عمليا !
فوافق ترومان ليبيد من على وجه الأرض مدينتين بأكملهما لا لشيئ إلا لغطرسة القوة ,!
فجاء أوبنهايمر للقاء الصحفي الذى سألوه فيه عن شعوره عندما سمع بالفاجعة التى تسبب فيها باعتباره أنه هو المسئول الذى نفذ هذا السلاح الرهيب الذى لم يكن هناك إنسان فى العالم يتخيل بشاعته إلا العلماء القائمين عليه
فكان رد أوبنهايمر أنه قال ( لقد تقيأت )
وعلى حد تعبير الدكتور المسيري رحمه الله يقول عن إجابته تلك , أن أوبنهايمر أصدر حكما أخلاقيا على نفسه

كما انكشف أمام المواطنين العاديين حقيقة أخرى حملتها أحداث الحادى عشر من سبتمبر كانت هى الطريق الذهبي الذى جعل هؤلاء المواطنين يسارعون للإسلام رغم أنه فى أكثر عهوده ضعفا , وجعلتهم يتبرءون داخليا من انتمائهم للجنس الغربي وقياداته التى لم تتلاعب فقط بمصائر شعوب الدول الأخرى , بل تلاعبت ـ وفقا لسياسة المصالح ـ بمصائر عشرات الألوف من مواطنيها الغربيين أنفسهم
فمع ظهور العديد من التحقيقات المكتوبة والمصورة عن حادثة سبتمبر وانكشاف الضلوع الأمريكى فيها بما لا يدع مجالا للشك , بلغت نسبة الأمريكيين الذين يثقون أن إدارة بوش كانت متواطئة فى تلك العملية إما بالمشاركة المباشرة وإما بالعلم والسكوت , لاستغلال الحادثة لتحقيق مصالحها السياسية , أصبحت نسبتهم 65 % وكان من أهم المعالجات التى ظهرت لأحداث سبتمبر ما نشره الكاتب الفرنسي تيري ميسان بعنوان( الخدعة الرهيبة )
وكذلك الفيلم الوثائقي الذى أحدث إنقلابا ( التغيير غير المحكم ـ loose of change )

وفى حرب الخليج الثانية ( عاصفة الصحراء ) ,
ظهرت اعترافات مذهلة لبعض قادة الكتائب من السلاح الطبي الأمريكى أفادت بأن الأمريكيين استخدموا طلقات مدافع وقذائف من مكونات اليورانيوم المخضب وذلك للتغلب على التحصينات الأسمنتية , فصارت تلك القذائف أشبه ما يكون بوحدات نووية مصغرة لها تأثير محدود فى منطقة الإصابة من الناحية التدميرية ,
لكن تأثيرها على البيئة لا ينقص ذرة واحدة
وهو الأمر الذى أدى لإصابة الجنود الأمريكيين بالسرطان بنسبة كاسحة , وهؤلاء الجنود استخدمتهم إدارة بوش الأب لتجربة هذا السلاح الجديد دون أن تبالى بما يصيبهم
وتلوثت منطقة الخليج بتلك الآثار لا سيما فى العراق وأيضا بقية دول الخليج العربي , وكان هذا هو السر وراء انتشار موجة الأمراض السرطانية فى المنطقة طبقا لما كشفته قناة الجزيرة فى حلقة خاصة وثائقية عن تلك الأسلحة استضافت فيها أصحاب الاعترافات من قادة الوحدات الطبية الأمريكية المستقيلين
ناهيك عن انكشاف النيات العنصرية علنا عندما تم تسمية هجمات العسكرية الأمريكية باسم ( المجد للعذراء ! ) وقبلها فى حرب العراق الأولى كان الجنود الأمريكيون يكتبون على صواريخهم قبل إطلاقها على القوات العراقية
( نادوا على الله .. فإن لم يستجب لكم فنادوا على شوارتزكوبف )
متهكمين على العقيدة الإسلامية وعلى شوارتزكوبف وزير الخارجية السوفياتى الذى انهارت بلاده قبيل حرب العراق وانفراد الولايات المتحدة بمقدرات العالم
هذه فقط بعض النماذج والأمثلة وما خفي كان أعظم !

وعنصرية الغرب ضد العالم الإسلامى عنصرية مقيتة غير متصورة تنفي فى وضوح كل إدعاءات الحرية والمساوة التى يتشدقون بها لا سيما فى نظرة الغرب للعالم الإسلامى ومواطنيه على أنهم مواطنين من الدرجة العاشرة !
بينما العكس مع اليهود مثلا , رغم أن اليهود بتاريخهم المعروف تسببوا فى كوارث لدول أوربا طيلة عهدهم بها وكانوا دائما أبدا مصدر فساد وإفساد
ورغم هذا
فمسألة اليهود خطا أحمر ضد أى انتقاد ـ ولا عزاء لأصحاب دعاوى الحرية هنا حيث تمارس الضغوط بشتى صورها من الإغراء المادى وحتى التصفية الجسدية ـ , توضح لنا حقيقة ساطعة وهى أن ما يدعيه الغرب من الحضارة والحرية , إنما هى عبارة عن أفكار معلبة , وإلا ما مارسوا القهر الفكرى بأبشع وسائله ضد أى مفكر تجرأ على نبش قبور الأسرار فى أى مجال , وكان آخر هؤلاء روجيه جارودى ,

فعنصرية الغرب فى عدائه للإسلام لا ينكرها إلا العميان والحملات الموجهة من الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن هدفها اقتصادى وحسب ـ إذ أنها بطبيعة الحال مسيطرة علي مراكز النفط دون حاجة لبذل جهد عسكري ـ ولكن الهدف الأسمى ضرب الإسلام بأى وجه وإنهاء الأمل فى خروج قوة تحرر الشعوب الإسلامية من ضعفها وتعيد لها ذاكرتها المفقودة ,
على حد تعبير هنرى كيسنجر وزير الخارجية الأمريكى أثناء حرب أكتوبر عندما قال عن تجربة الحرب التى افتتحها الجنود بصيحة ( الله أكبر ) .. إن هذا ينبغي ألا يتكرر ثانية أبدا
وهم يعلمون علم اليقين أن التفاف المسلمين على عقيدة التوحيد معناه ببساطة عودة العملاق الإسلامى مرة أخرى إلى النهوض ولهذا كانت حربهم الأخيرة حربا للغزو الفكرى بعد أن تمكنوا خلال سنوات الإحتلال للأقطار العربية من غرز الثقافات الغربية ومذاهبها الضحلة لتفتك بصحيح الدين فى نفوس الناس وحاربوا التعليم الدينى حربا لا هوادة فيها , واستغلوا وجود عملائهم على مقاعد الحكم لكى يضربوا الإسلام من داخله وصار الحكام منذ منتصف القرن الماضي أشبه بوكلاء معتمدين للسياسة الغربية فى محاربتهم لأى صحوة دينية أو حضارية ..
ولولا نهوض المفكرين والعلماء المسلمين للرد ومحاولة استبقاء جذوة العقيدة فى النفوس لكان الإنهيار شاملا وكاملا ..
واليوم فى ظل تلك النهضة الثورية التى تبحث عن الإصلاح ينبغي لنا أن نعلم أن مواجهة العداء فى الداخل أكبر من مواجهته فى الخارج , ويبدو هذا متمثلا فى ضرورة التخلص من كافة الشراذم الفكرية التى استفادت من سلطات الأنظمة البائدة فى تحقيق الأهداف الغربية , وإعادة الفكر والتنوير الإسلامى وبسط سماحته على عقيدة التوحيد وبيان حقيقة تاريخه بعد التشويه الذى استمر لنصف قرن ..
فالثورة فى مصر يجب أن تتجه إتجاها ثوريا فى مجال الفكر والتعليم بعد أن أصبح التعليم بكافة مراحله خرابا ما بعده خراب , بعد أن أصبحت السياسة الأمريكية صاحبة الإملاء الحقيقي على مناهج التعليم تحت رعاية حسنى مبارك وأضرابه فى المنطقة ,
والأمل كل الأمل فى علماء الأزهر ومفكرى الإسلام المستقلين بعيدا عن مؤسسة شيخ الأزهر والمفتى الرسمى الذى ظلوا فى أماكنهم بعد الثورة دون خجل أو حياء رغم أنهم كانوا أكبر رموز التغييب بموافقتهم وتعضيدهم لحكم مبارك وتسخيرهم الدين لخدمة نظامه ومواقفهم مسجلة لن ينساها التاريخ وينبغي ألا ننساها نحن ..
فالأزهر تلك المؤسسة العملاقة لا يمثلها شيخ الأزهر بل تمثله جبهة علماء الأزهر التى تمت محاربتها طيلة العصور السابقة واضطهاد علمائها وتهميش دورهم الفقهى الواسع وعلمهم الغزير ومشاريعهم التربوية التى ساهمت فى تأسيس الحضارة الإسلامية عبر القرون ,

الهوامش
[1] ـ صراع المصالح فى وادى الرافدين ـ أحمد فهمى ـ دار التبيان