تحتضن ُ طفلها وتبكي لـ تـُعلنها ( لم يضحك طفلي منذ سنتين إلا عندما أخذ قطعة
الحلوى الآن ). سنوات ٌ وقلوب ُ بني جلدته مـُجدبة، متحصّنة، متمرّدة، تنام وتصحو
على الموسيقى الكلاسيكيّة، ويمارسون الرّياضة في حدائق كـ تلك الصينيّة العظيمة،
وتتعالى قهقهاتهم أمام تلفازٍ يكاد ُ ينفجر من تزاحم النكبات ِ وتوالي المآسي البشريّة،
وهـُناك آباء وأخوات (كونسولاتا) باسم الإنسانيّة يحفِرون ويبنون ويـُطعمون، وتلك
(المينونايتيون) تـُغيث ُ باليمنى، وباليسرى تبشـّر..
واليوم تصرخ صومالنا وهي تقول: لا تجعلوا بيننا وبينكم واسِطة؛ فأنتم إخوة الدّين قبل
ألا يصبح هناك َ دين.
تلك السُّمرة الإفريقيّة، أراها في قلوب ٍ غطـّت في سـُبات اللهو والمـُجون، وشبـِعَت من
موائد الغفلة ِ والتقصير، وتناست أن لهم إخوة يلتحفون السماء ويمزقهم الفقر ويكاد
يـُبيدهم، فـ كل ّ مقطاعات الصومال تشتكي من فقر ٍ مـُدقع وجفاف ٍ مـُهلك، حتى أصبحت
أوراق الأشجار لهم غذاء، والمياه الملوثة لهم شراب، والأوبئة والأمراض لهم رفيقا،
وحتى الآن معاناتهم أزليّة ٌ بين مطرقة التنصير وسندان الفقر، وأمست غنيمة ً باردة ً
وسهلةً لـ دعاة التنصير..
وعلى الضفة الأخرى من نهر ِ الشدائد ِ، قلوب استيقظت حين غفِل الغافلون، ومساكن
لبـِناتها من جُود ٍ وعطاء، وحملة مـُباركة هـُنا وهـُناك، لـ يمتدّ جسر التواصل لـ دحر ِ
الجوع، وقهر ِ الفقر ِ، وإنقاذ الأطفال من شبح الموت... كل ّ هذا ليس تفضـّلاً من الغني ّ
على الفقير، بل هو فضل الفقيرعليك يا غني ُّ لـ تحصد حسنات كالجبال... فـ ( ياليت
قومي يعلمون )، ويا عمر بن عبد العزيز أسمِعهم مـُجدّدًا ( ضعوا الحبوب على رؤوس
الجبال حتى لا يـُقال طائر جائع في بلاد المسلمين ) ..
//