عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
2212
 
هشام زيد
من آل منابر ثقافية

هشام زيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
52

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Mar 2011

الاقامة

رقم العضوية
9778
08-14-2011, 04:03 AM
المشاركة 1
08-14-2011, 04:03 AM
المشاركة 1
افتراضي حب المومياوات....
هل جربت حب المومياوات؟..
لعلك لم تفعل..المعلم "العربي" صاحب المقهى لم يفعل أيضا.."المعطي" صاحب عربة "الصوصيص" من الأكيد أنه لم يفكر بذلك..يبقى "عباس" حارس المقبرة مشكوكا في أمره في مثل هذه الأمور..لكنه ينفي ذلك بشدة..ولعل في قرقرة نرجيلته وأدخنتها التي تعبق المكان من حوله دليل براءة لا يقبل الشك..وإذا اضفنا إلى ذلك جشاءه القوى وكحته المتواصلة كعزف خالد فسوف تقطع ببراءته حتما..
هل جربت حب المومياوات؟..
لعلك لم تفعل..
دعك من حب "هيفاء" بنت البقال التي كنت تطاردها أيام صباك..وتعتقد أن مسح المخاط من على أنفك الطويل هو الأناقة الوحيدة التي تحتاجها لتظفر بحبها..دعك من حب "عجرم" "ونجوى" وكل الاسماء الغبية التي لن تجد مومياء واحدة تحترم نفسها تحمل لقبا مماثلا لها -المومياوات يحملن ألقابا جذابة على فكرة-..دعك ايضا من أول لقاء حب لك مع فتاة في مقهى بائس ينظر إليك الناذل بسخرية وتتحاشى أن تصادف زميلا لك يجعلك نكتة الحي بسبب قبحها الأسطوري..لعلك كنت فخورا رغم ذلك بانك تجالس أنثى..أي أنثى..لكنك لن تكون فخورا مثل فخارك بحب مومياء مميزة لك..تحبها وتحبك..
أجمل ما في قصص حب الموميات أن الحب فيها متبادل دائما..وليست هناك عقدة الحب من طرف واحد..
إن الخيوط التي تلف جسد المومياء كافية لربطك بألف خيط حب وحب..
هل جربت أن تحب المومياوات..؟
كان "بوشتى" حينها في القبو..
غار خفي لم يعرف به أحد غيره..تسلل من فراشه في هدوء..غافل كلاب الحي الضالة..غافل عيون جارته التي لا تنام..حتى حارس المقبرة..تجاوز سورها بقفزة ماهرة وجثم لدقائق يلتقط أنفاسه اللاهثة المتوترة..لو لاحظه أحد فستكون الكارثة..وهو لن يبوح بسر حبه أبدا..لا أحد أحب مومياء وصرح بذلك..إن حب المومياوات حب مقدس..حب أسطوري..حب...
كان الغار ينتهي بدرجات متربة تفضي إلى قبو مظلم..لا شيء في الداخل عدا صخور وحجارة..ورمال..لا عناكب ولا زواحف..كان ذلك غريبا بالنسبة له حينما تسلل للقبو اول مرة..هذا يدل على أن المومياوات تهتم باناقتها جدا..تذكر بحركة عفوية أن يدعك انفه ويدس إصبعه يفتش عن بقايا مخاط مترسب..هز رأسه بعنف يطرد ذكريات قديمة وألقى بجسده زحفا إلى الداخل..
فتحة في جدران القبو صنعها بيديه..كان يحفر بقوة بعنف..لم يعرف لم اختار هذا الجدار يومها..ولم توجه للقبو حتى..لم لم تعد يا "بوشتى"...الحب صعب دائما..وحب المومياوات قاس جدا..لو فكرت يوما في ان تحب مومياء..فانت تفكر في العذاب حتما..تذكر أنك لن تجد أغنية واحدة لام كلثوم تبدأ بمقطع "كان حبك نار"..ولا اغنية لنانسي "بحبك يا مومي" -مومي هذا إسم دلع للمومياوات شائع جدا- وطبعا لن يكون هناك ممثل رقيع ليجسد دور الحب أمام مومياء فاتنة..سيكون عليك أن تتجرع ألم الحب ولواعجه وحدك..
إنه يزحف..
ها هي ممددة فوق ارضية رخامية..شامخة في بهاء..ساكنة في دلال..بهية القوام فاتكة الخصر رشيقة القد آسرة العيون..طبعا هذا الكلام ليس لها..هذا الوصف الغبي يصلح لوصف امرأة ما وهي تكنس او ترقص او تغتاب الناس..لكن هذه المومياء الفاتنة اجمل من كل وصف..قلبه ينبض بعنف..توقف للحظات يتأملها..لقاء المحبين صعب..وهذا لقاؤه الثاني..في المرة الأولى بادلها نظرة حب صامتة..تراقصت فوق شفتيها ابتسامة لمحها من تحت الخيوط التي تلفها..غازلته بنظرة إعجاب دافئة..ودعها بنظرة من عينيه بوعد لقاء جديد..وخرج من الغار حينها إنسانا جديدا..إنسانا يحب ويعشق ويذوب هياما في محبوبته..الآن سيكون اللقاء عاصفا..سيكون جبارا متلاطما..سيشاهد وجهها لأول مرة..يزيح الخيوط الملتفة بحرص عاشق مكلوم..يزيح الخيوط حول وجهها...فتتسارع نبضات قلبه..وتتسع عيوه لهفة لرؤية محبوبته الفاتنة..إنه يسمع نبض قلبها..يستشعر وداعة عيونها..سحر شفاهها..بقي خيط وحيد وينكشف الوجه الأسطوري..سيكتشف سر هذا النداء الخفي الذي قاده إلى هنا..سيتجلى الجمال في أوجه.. والفتنة في كمالها..وسيعزف لحن حب خالد..يمد يده فيزيح الخيط الأخير..و...
- لا أعرف يا سادة..لا تحقدوا علي..لكنني لا أعرف ما حدث بعدها
أنا مثلكم لم أجرب حب المومياوات..وخيالي يعجز عن تصور نهاية القصة..لكنني أنقل لكم بعض الشائعات التي يتناقلها اهل دوار "لاحونا" في قرية بني "قفر" دوار ال.....
عفوا هذه التفاصيل لا تهم كثيرا في قصص حب المومياوات..لعل أهم أسباب فشل قصص حب المومياوات هو أن هذه الأخيرة لا تترك لحبيبها عنوانا يفتش عنها فيه..كل المومياوات ينسين فعل ذلك..فيكتبن الشقاء على من احبهن..لن تجد عنوان موميائك الحبيبة في دليل الهاتف..ولن تقنع الشرطي البدين في قريتك بالتفتيش عنها..سيكون عليك أن تفتش وحدك..
لنعد للشائعات إذن كي لا نظل نحن أيضا نفتش طيلة حياتنا عن عنوان موميائنا الحسناء..
- قال المعلم العربي..إن "بوشتى" كان جنيا..وقدم كأس الشاي "للمعطي"..
- "المعطي"..شرب الشاي..كح..بصق..وقال في ثقة...لا مومياء ولا شيء..إنه عمل النساء..وتحسس شيئا في جنبه الأيسر..
- "عباس "حارس المقبرة..لعن المعلم العربي في سره..واحتقر المعطي..فسحب نفسا عميقا من نرجيلته ولم يقل شيئا..
- تبقى شائعة أخيرة تقول أننا كلنا نحب المومياوات.."المومياء" قد تكون حبا ميتا..إمرأة ندمت على زواجك منها..إمرأة تجيد وضع مساحيق التجميل..أو تتقن فن الوعود بجحيم الزواج الجميل..كلنا حتما وقعنا في حب المومياوات..لكن لا أحد منا صرح بذلك لاحد..
لا أحد أحب مومياء وصرح بذلك من قبل
تذكروا ذلك..وتذكروا ان تجيبوا بالنفي أو بالإشاعة أو بدخان النرجيلة حتى...إذا ما بادركم احد الوقحين بسؤاله الجبان:
- هل تحب المومياوات؟...
............