الـهــارب
( مُهداة لذكرى الفنان رأفت العزَّام )
تبدو ليَ الغيماتُ شكلَ زَرافةٍ
تعدو لتصبحَ أيَّ شيءٍ ربَّما
بعدَ انقضاءِ تنفُّسٍ من فكرتي!
مُتقلِّبٌ هذا الوجودُ
وثابتٌ بينَ التَّردُّدِ والثِّقَةْ
سَيري ..
فهلْ يوماً سأقبضُ مُطلَقَهْ!
وبدايتي منذ ابتدأتُ نهايةٌ
والخطوةُ الأخرى بدايةُ رحلتي!
ليعودَ بي حيثُ ابتدأتُ حُضورُهُ،
يأتي بغيرِ تَوقُّعٍ .. هُوَ ذاتُهُ،
نرنو إليهِ لنُمسِكَهْ
لا شيءَ آخرَ، كُلُّنا نسعى
لنكشِفَ عنهُ بُرقُعَهُ العجيبَ ونُدْرِكَهْ
لكنهُ يبقى العَصيَّ وفيهِ أزمةُ لحظتي!
**
في الأُفْقِ عُصفورٌ يُجدِّفُ
وسطَ أزرَقَ مُشبَعٍ بالضوءِ لكنْ لا يُمَسُّ،
وهكذا تبقى الحقائِقُ،
بينَ أيدينا ولكنْ لا تُمَسُّ لعُقْمِها!
وأَدورُ مُنتشِياً بحاصِلِ حَيرَتي!
وأقولُ: شُكراً أيها اللُغْزُ الجلالْ!
لولا هِباتكَ ما رأيتُ أبي هناكَ – بما مضى –
في قلبِ أوروبا يُشيرُ بإصبعٍ نحوَ الجِبالْ
شكراً لبارقةِ الخيالْ
تعلو على أفقِ الحقيقةِ والمُحصِّلُ رعشتي!
وأنا امتدادٌ للخيالِ بواقي،
لي مَكْرُ طِفلٍ في التَّلَصُّصِ
لا الحياةُ خجولَةٌ في كشفِ فِتنَتِها
ولا أنا مؤمِنٌ بالوعظِ،
فانتبهي لسرِّكِ يا حياةْ!
فأنا تَقلُّبُ أوجُهي وتَوجُّسي،
لاشيءَ يُقنعُني سوى نبضي
وإيماني الدَّؤوبُ بالاشتِباهْ!
***
أمين الربيع