عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2011, 05:21 PM
المشاركة 7
أمل محمد
مشرفة سابقة من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وذكر ابن عقبة فيهم عقيلاً ونوفلاً قال فقال أبو حذيفة أنقتل آباءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس والله لئن لقيته لألجمنه السيف قال فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر بن الخطاب يا أبا حفص فقال عمر والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال عمر يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق فكان أبو حذيفة يقول ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلتها يومئذ ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيداً فلقي أبا البختري المجذر بن ذياد البلوي فقال له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة وهو جنادة بن مليحة قال وزميلي قال له المجذر لا والله ما نحن بتاركي زميلك ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك قال لا والله إذن لأموتن أنا وهو جميعاً لا تحدث عني نساء مكة أني تركت زميلي حرصاً على الحياة فقتله المجذر ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا أن يقاتلني فقاتلني فقتلته‏.‏ فقال ابن عقبة ويزعم ناس أن أبا اليسر قتل أبا البختري بن هشام ويأبى عظم الناس إلا أن المجذر هو الذي قتله بل قتله غير شك أبو داود المازني وسلبه سيفه فكان عند بنيه حتى باعه بعضهم من بعض ولد أبي البختري‏.‏ قال ابن اسحق حدثني يحيى بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال وحدثنيه أيضاً عبد الله بن أبي بكر وغيرهما أن عبد الرحمن ابن عوف لقيه أمية بن خلف معه ابنه علي ومع عبد الرحمن أدراعاً استلبها قال هل لك في فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك قال قلت نعم فطرحت الأدراع من يدي فأخذت بيده ويد ابنه وهو يقول ما رأيت كاليوم قط أما لكم حاجة في اللبن ثم خرجت أمشي بهما‏.‏ قال حدثني عبد الواحد بن أبي عون عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أن أمية بن خلف قال له من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره قال قلت ذاك حمزة بن عبد المطلب قال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل قال عبد الرحمن فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي وكان هو الذي يعذب بلالاً بمكة على ترك الإسلام فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت فيضجعه على ظهره ثم يأمر بصخرة عظيمة فتوضع على صدره ثم يقول لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد فيقول بلال أحد أحد قال فلما رآه قال رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا قال قلت اسمع يا ابن السوداء قال لا نجوت إن نجا قال ثم صرخ بأعلى صوته يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا قال فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة قال فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع وصاح أمية بن خلف صيحة ما سمعت مثلها قط قال فقلت انج بنفسك ولا نجا به فوالله ما أغني عنك شيئاً قال فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما قال فكان عبد الرحمن يقول يرحم الله بلالاً ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري‏.‏ قال ابن اسحق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن ابن عباس قال حدثني رجل من بني غفار قال أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر ونحن مشركان ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة فننتهب مع من ينتهب قال فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل فسمعت قائلاً يقول أقدم حيزوم فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت‏.‏ قال وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن بعض بني ساعدة عن أبي أسيد مالك بن ربيعة وكان قد شهد بدر قال بعد أن ذهب بصره لو كنت اليوم بدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي منه خرجت الملائكة لا أشك ولا أتمارى قال وحدثني أبي اسحق بن يسار عن رجال من بني مازن بن النجار عن أبي داود المازني وكان شهد بدراً قال إني لأتبع رجلاً من المشركين يوم بدر لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري‏.‏ وحدثني من لا أتهم عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن عباس قالت كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضاء قد أرسلوها في ظهورهم ويوم حنين عمائم حمرا‏.‏ وروينا هذا الخبر من طريق مالك بن سليمان الهروي عن الهياج عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس بمعناه ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى يوم بدر وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عدداً ومدداً لا يضربون‏.‏ وذكر ابن هشام عن بعض أهل العلم أن جبريل عليه السلام كانت عليه يوم بدر عمامة صفراء وكان شعارهم يوم بدر أحد أحد‏.‏قال ابن اسحق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه أمر بأبي جهل أن يلتمس في القتلى وكان أول ما لقى أبا جهل كما حدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس وعبد الله بن أبي بكر أيضاً قد حدثني ذلك قال معاذ بن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة وهم يقولون أبو الحكم لا يخلص إليه قال فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه فو الله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها قال وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جسمي وأجهضني القتال عنه فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها‏.‏ قال القاضي أبو الفضل عياض بن موسى‏:‏ وزاد ابن وهب في روايته فجاء يحمل يده فبصق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلصقت‏.‏ قال ابن اسحق ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمن عثمان ثم مر بأبي جهل - وهو عقير - معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته وبه رمق وقاتل معوذ حتى قتل فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح في ركبته فإني ازدحمت يوماً أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلامان وكنت أشف منه بيسير فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش على أحدهما جحشاً لم يزل أثره به قال عبد الله بن مسعود فوجدته بآخر رمق فعرفته فوضعت رجلي على عنقه قال وقد كانت ضبث بي مرة بمكة فآذاني ولكزني ثم قلت له هل أخزاك الله يا عدو الله قال وبماذا أخزاني أعمد من رجل قتلتموه أخبرني لمن الدبرة قال قلت لله ولرسوله‏.‏ قال ابن هشام ويقال أعار على رجل قتلتموه أخبرني لمن الدائرة اليوم‏.‏ قال ابن اسحق وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول قال لي لقد ارتقيت يا رويعي الغنم مرتقى صعباً قال ثم احتززت رأسه ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبي جهل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله الذي لا إله إلا غيره قال وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت نعم والله الذي لا إله إلا غيره ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله تعالى‏.‏ أخبرنا عبد الرحيم بن يوسف الموصلي بقراءة والدي عليه قال أنا أبو علي حنبل بن عبد الله الرصافي أن أبا القاسم بن الحصين أخبره قال أنا أبو علي بن المذهب قال أنا أبو بكر القطيعي قال أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبي ثنا يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال إني لواقف يوم بدر في الصف نظرت عن يميني وعن شمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل بن هشام قال قلت نعم وما حاجتك يا ابن أخي قال بلغني أنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا قال فغمزني الآخر فقال مثلها قال فعجبت لذلك قال فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس فقلت لهما ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه فابتدراه بسيفهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال أيكما قتله فقال كل واحد منهما أنا قتلته قال هل مسحتما سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح وهما معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء‏.‏ رواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن يوسف بن الماجشون فوقع لنا عالياً‏.‏ وروينا عن ابن عقبة أن عبد الله بن مسعود وجده مقنعاً في الحديد وهو منكب لا يتحول فظن أنه قد أثبت فتناول قائم سيفه فاستله وهو منكب لا يتحرك فرفع سابغة البيضة عن قفاه فضربه فوقع رأسه بين يديه ثم سلبه فلما نظر إليه إذا هو ليس به جراح وأبصر في عنقه خدراً وفي يديه وكتفيه كهيئة آثار السياط فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال ذاك ضرب الملائكة‏.‏وروينا عن ابن عائذ ثنا الوليد قال حدثني خليد عن قتادة أنه سمعه يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لكل أمة فرعوناً وأن فرعون هذه الأمة أبو جهل قتله الله شر قتلة قتله ابنا عفراء وقتلته الملائكة وتدافه ابن مسعود يعني أجهز عليه‏.‏ قال ابن اسحق وقاتل عكاشة بن محصن الأسدي يوم بدر بسيفه حتى انقطع في يده فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جذلاً من حطب فقال قاتل بهذا يا عكاشة فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه فعاد سيفاً في يده طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة فقاتل به حتى فتح الله على المسلمين وكان ذلك السيف يسمى العون ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل في الردة وهو عنده‏.‏ وقال الواقدي وحدثني أسامة بن زيد الليثي عن داود بن الحصين عن رجال من بني عبد الأشهل قالوا انكسر سيف سلمة بن أسلم بن الحريس يوم بدر فبقي أعزل لا سلاح معه فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيباً كان في يده من عراجين ابن طاب فقال اضرب به فإذا سيف جيد فلم يزل عنده حتى قتل يوم جسر أبي عبيد‏.‏ قال ابن اسحق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ درعه فملأها فذهبوا ليحركوه فتزايل فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة‏.‏وروينا عن الطبري ثنا موسى بن الحسن الكسائي ثنا شيبان بن فروخ ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس ابن مالك قال أنشأ عمر بن الخطاب يحدثنا عن أهل بدر فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس من بدر يقول هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله قال عمر فوالذي بعثه بالحق ما أخطئوا الحدود التي حدها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقاً فإني وجدت ما وعدني الله حقاً فقال عمر يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعوا أن يردوا شيئاً‏.‏ وروينا عن ابن عائذ أخبرني الوليد بن مسلم أخبرني سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاثاً فلما كان يوم بدر أقام ثلاثاً وألقى بضعة وعشرين رجلاً من صناديد قريش في طوي من أطواء بدر ثم أمر براحلته فشد عليها رحلها فقلنا أنه منطلق لحاجة فانطلق حتى وقف على شفى الركى فجعل يقول يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان الحديث‏.‏ وروينا من طريق مالك بن سليمان الهروي ثنا معمر عن حميد الطويل عن أنس وفي آخره قال قتادة أحياهم الله حتى سمعوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم توبيخاً لهم‏.‏هذا حمل لهذا الخبر على ظاهره‏.‏ وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها أنها تأولت ذلك وقالت إنما أراد النبي صلى الله رجع إلى الخبر عن ابن اسحق‏:‏ قال وتغير وجه أبي حذيفة بن عتبة عند طرح أبيه في القليب ففطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له لعلك دخلك في شأن أبيك شيء فقال لا والله لكني كنت أعرف من أبي رأياً وحلماً وفضلاً فكنت أرجو أن يهديه الله للإسلام فلما رأيت ما مات عليه أخذني ذلك قال فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له خيراً‏.‏ ومات يومئذ فتية من قريش على كفرهم ممن كان فتن على الإسلام فافتتن بعد إسلامه منهم من بني أسد الحرث بن زمعة بن الأسود من بني مخزوم أبو قيس بن الفاكه وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة‏.‏ ومن بني جمح علي بن أمية بن خلف‏.‏ ومن بني سهم العاصي بن منبه بن الحجاج فنزل فيهم ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم )‏ ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في العسكر مما جمع الناس فجمع فاختلف المسلمون فيه فقال من جمعه هو لنا وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه لولا نحن ما أصبتموه نحن شغلنا عنكم العدو فهو لنا وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأينا أن نقتل العدو حين منحنا الله أكنافهم ولقد رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن له من يمنعه ولكنا خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو فما أنتم بأحق به منا فنزعه الله من أيديهم فجعله إلى رسول الله فقسمه في المسلمين عن بواء يقول عن السواء‏.‏ وروينا عن ابن عائذ أخبرني الوليد بن مسلم قال وأخبرني سعيد بن بشير عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما كان يوم بدر قال من قتل قتيلاً فله سلبه ومن جاء بأسير فله سلبه فجاء أبو اليسر بأسيرين فقال سعد أي رسول الله أما والله ما كان بنا جبن عن العدو ولا ضن بالحياة أن نصنع ما صنع إخواننا ولكن رأيناك قد أفردت فكرهنا أن تكون بمضيعة قال فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوزعوا تلك الغنائم بينهم المشهور أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ من قتل قتيلاً فله سلبه ‏"‏ إنما كان يوم حنين وأما قوله ذلك يوم بدر وأحد فأكثر ما يوجد من رواية من لا يحتج به‏.‏ وقد روى أرباب المغازي والسير أن سعد بن أبي وقاص قتل يوم بدر سعيد بن العاص وأخذ سيفه فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه حتى نزلت سورة الأنفال وأن الزبير بن العوام بارز يومئذ رجلاً فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه وأن ابن مسعود نفله رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سلب أبي جهل‏.‏ وأما ابن الكلبي فمضعف عندهم وروايته عن أبي صالح عن ابن عباس مخصوصة بمزيد تضعيف‏.‏ رجع إلى خبر ابن اسحق‏:‏ ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة بشيراً إلى أهل العالية بما فتح الله على رسوله وعلى المسلمين وبعث زيد بن حارثة إلى السافلة قال أسامة بن زيد فأتانا الخبر حين سوينا على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل عليه السلام قافلاً إلى المدينة ومعه الأسارى من المشركين وفيهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحرث واحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه النفل الذي أصيب من المشركين وجعل عليه عبد الله بن كعب من بني مازن بن النجار ثم أقبل عليه السلام حتى إذا خرج من مضيق الصفراء فقسم النفل بين المسلمين على السواء وبالصفراء أمر علياً فقتل النضر بن الحرث ثم بعرق الظبية قتل عقبة بن أبي معيط فقال حين قتله من للصبية يا محمد قال النار والذي قتله عاصم بن ثابت ابن أبي الأفلح وقيل علي والذي أسره عبد الله بن سلمة ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم المدينة قبل الأسارى بيوم‏.‏قال ابن اسحق وحدثني نبيه بن وهب أخو بني عبد الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه وقال استوصوا بهم خيراً قال فكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب لأبيه وأمه في الأسارى فقال مر بي أخي مصعب ورجل من الأنصار يأسرني فقال له شد يديك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك فكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا ثم فدى بأربعة آلاف درهم وهي أعلى الفداء‏.‏ وذكر قاسم بن ثابت في دلائله أن قريشاً لما توجهت إلى بدر مر هاتف من الجن على مكة في اليوم الذي وقع بهم المسلمون وهو ينشد بأبعد صوت ولا أزار الحنيفيون بدراً وقيعة سينقض منها ركن كسرى وقيصرا أبادت رجالاً من قريش وأبرزت خرائد يضربن الترائب حسرا فيا ويح من أمسى عدو محمد بقد جار عن قصد الهوى وتحيرا فقال قائلهم من الحنفيون فقالوا هو محمد وأصحابه يزعمون أنهم على دين إبراهيم الحنيف ثم لم يلبث النفر أن جاءهم الخبر‏.‏ رجع إلى الأول‏:‏ وكان أول من قدم بمصابهم الحيسمان بن عبد الله الخزاعي وكان يسمى ابن عبد عمرو وأسلم بعد ذلك فقال قتل عتبة وشيبة وأبو الحكم وأمية وفلان وفلان فقال صفوان بن أمية وهو جالس في الحجر والله أن يعقل هذا فسلوه عني فسألوه فقال هو ذاك جالساً في الحجر وقد رأيت أباه وأخاه حين قتلا. غزوة بدر الكبرى ( 2 هـ ) كما وردت في الرحيق المختوم سبب الغزوة سبق في ذكر غزوة العشيرة أن عيراً لقريش أفلتت من النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابها من مكة إلى الشام، فلما قرب رجوعها من الشام إلى مكة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد إلى الشمال ليقوما باكتشاف خبرها، فوصلا إلى الحوراء ومكثا حتى مر بهما أبو سفيان بالعير، فأسرعا إلى المدينة وأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر‏.‏ وكانت العير تحمل ثروات طائلة لكبار أهل مكة ورؤسائها‏:‏ ألف بعير موقرة بأموال لا تقل عن خمسين ألف دينار ذهبي‏.‏ ولم يكن معها من الحرب إلا نحو أربعين رجلا‏.‏ إنها فرصة ذهبية للمسلمين ليصيبوا أهل مكة بضربة اقتصادية قاصمة، تتألم لها قلوبهم على مر العصور، لذلك أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً‏:‏ ‏(‏هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها‏)‏‏.‏ ولم يعزم على أحد بالخروج، بل ترك الأمر للرغبة المطلقة، لما أنه لم يكن يتوقع عند هذا الانتداب أنه سيصطدم بجيش مكة - بدل العير- هذا الاصطدام العنيف في بدر؛ ولذلك تخلف كثير من الصحابة في المدينة، وهم يحسبون أن مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الوجه لن يعدو ما ألفوه في السرايا والغزوات الماضية؛ ولذلك لم ينكر على أحد تخلفه في هذه الغروة‏.‏ مبلغ قوة الجيش الإسلامي وتوزيع القيادات واستعد رسول الله صلى الله عليه وسلم للخروج ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً ـ 313، أو 314، أو 317 رجلاً ـ 82 أو 83 أو 86 من المهاجرين و 61 من الأوس و 170 من الخرزج‏.‏ ولم يحتفلوا لهذا الخروج احتفالا بليغا، ولا اتخذوا أهبتهم كاملة، فلم يكن معهم إلا فرس أو فرسان‏:‏ فرس للزبير بن العوام، وفرس للمقداد بن الأسود الكندي، وكان معهم سبعون بعيرا يعتقب الرجلان والثلاثة على بعير واحد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيراً واحد‏.‏ واستخلف على المدينة وعلى الصلاة ابن أم مكتوم، فلما كان بالروحاء رد أبا لبابة ابن عبد المنذر، واستعمله على المدينة‏.‏ ودفع لواء القيادة العامة إلى مصعب بن عمير القرشي العبدري، وكان هذا اللواء أبيض‏.‏ وقسم جيشه إلى كتيبتين‏:‏ 1- كتيبة المهاجرين‏:‏ وأعطى رايتها علي بن أبي طالب، ويقال لها‏:‏ العقاب‏.‏ 2- وكتبية الأنصار‏:‏ وأعطى رايتها سعد بن معاذ‏.‏ ـ وكانت الرايتان سوداوين ـ‏.‏ وجعل على قيادة الميمنة الزبير بن العوام، وعلى الميسرة المقداد بن عمرو- وكانا هما الفارسين الوحيدين في الجيش - كما سبق - وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة، وظلت القيادة العامة في يده صلى الله عليه وسلم كقائد أعلى للجيش‏.‏ وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الجيش غير المتأهب، فخرج من نقب المدينة، ومضى على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مكة، حتى بلغ بئر الروحاء، فلما ارتحل منها ترك طريق مكة إلى اليسار، وانحرف ذات اليمين على النازية يريد بدراً فسلك في ناحية منه حتى جزع ودياً يقال له‏:‏ رحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء، ثم مر على المضيق ثم انصب منه حتى قرب من الصفراء، ومن هنالك بعث بسبس بن عمرو الجني وعدي بن أبي الزغباء الجهي إلى بدر يتجسسان له أخبار العير‏.


... يتبع ...

~ ويبقى الأمل ...