الموضوع
:
||~ رمضانيـّـات ~
عرض مشاركة واحدة
08-04-2011, 11:59 PM
المشاركة
8
ساره الودعاني
كاتبة وأديبة سعودية
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 1
تاريخ الإنضمام :
Sep 2008
رقم العضوية :
5654
المشاركات:
1,905
مساء الخير استاذة امل
الشهر مبارك عليك ربي يسعدك في صيامه ويعينك على قيامه..
موضوع جميل لا احب ان يفوتني المشاركة فيه...
رمضان ... بين الشاعرين أبي نواس و ابن الرومي
ثقافة
الاثنين 17-9- 2007
محمد منذر لطفي
مقدمة : يُطلَقُ اسمُ “ رمضان “ على الشهر التاسع من أشهر السنة الهجرية ، و هو ـ كما جاء في دائرة المعارف الإسلامية ـ مشتقٌ من الفعل “ رمض “ إذا احترق ، و الرمضاء شدة الحر ... و سُمَّي بذلك للارتماض من حر الجوع و العطش الذي يحل بالصائم فيه ، و قال بعضهم إنما سُمَّي “ رمضان “ لأنه يرمض الذنوب
و يحرقها بالأعمال الصالحة .. و قيل أيضاً : لأن القلوب تأخذ فيه الموعظة و التفكير في أمر الحياة الآخرة كما تأخذ رمال الصحارى الأشعة و الحرارة من الشمس ، كما قيل أيضاً : إن العرب كانوا يرمضون أسلحتهم في “ رمضان “ ... أي يدقونها و يشحذونها بين الحجارة استعداداً للحرب في “ شوَّال “ قبل أن تهل عليهم الأشهر الحرم حيث يتوقف القتال فيها . و “ رمضان “ هو الشهر الوحيد الذي ذكره الله سبحانه و تعالى في القرآن الكريم من بين شهور السنة الإثني عشر ، و في أكثر من آية كريمة ، و فيه حدث العديد من الأحداث العظيمة في التاريخ .. “ كغزوة بدر الكبرى “ التي وقعت في السنة الثانية للهجرة و حقق فيها المسلمون انتصاراً باهراً ، و “ فتح مكة “ الذي حدث في السنة الثامنة للهجرة ... و الذي كان له كبير الأثر في توحيد كلمة العرب و صفوفهم ، و غزو “ موسى بن نصير “ الثغور الجنوبية للأندلس في رمضان عام 91 هجرية ... و الذي كان مقدمة لفتح الأندلس بكاملها في العام التالي من قبل “ طارق بن زياد “ , و استيلاء الخليفة العباسي الأول “ أبي العباس عبد الله الملقب بالسفاح “ على دمشق في رمضان سنة ( 134 ) هجرية ، و قتال السلطان “ صلاح الدين الأيوبي “ الإفرنج في سورية و بلاد الشام و انتصاره الشهير عليهم في معركة حطين ... و تحريرها منهم في رمضان سنة ( 584 ) هجرية ، و أخيراً حرب تشرين عام 1973 بين سورية و مصر من جهة و إسرائيل من جهة ثانية ... و التي حدثت في رمضان أيضاً . و قد امتاز هذا الشهر عن بقية شهور العام قبل الإسلام و بعده ، ففيه نزلتْ “ صحف إبراهيم الخليل “ عليه السلام ، كما نزلت “ التوراة “ على “ موسى “ ... و “ الإنجيل “ على “ عيسى “ عليهما و على نبينا الصلاة و السلام ، و هو ... أي رمضان من أحب الشهور إلى الله سبحانه و تعالى ، قال ابن الجوزي في كتابه بستان الواعظين : “ مثل الشهور الإثني عشر كمثل يعقوب و أولاده ، فكما أنَّ يوسف أحبُّ أولاده إليه ... كذلك فإن رمضان أحب الشهور إلى الله تعالى “ ، و قد خصَّه بهذه المنزلة لأسباب كثيرة .. لعل أهمها الآتي : 1- نزول القرآن الكريم في شهر رمضان المبارك . 2- وقوع ليلة القدر فيه . 3- كثرة العبادة فيه و الإقبال على طاعة الله . 4- كثرة التعاطف و التآلف و التحابب فيه بين الناس . 5- صيام المسلمين شهراً بكامله ... هو شهر رمضان . و الصوم عبادة قديمة لعلها بدأتْ منذ عهد “ آدم .. أو نوح .. أو إبراهيم “ عليهم السلام بدلالة الآية الكريمة : ( يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) . و قد ذكر “ الإنجيل “ الصوم و امتدحه و اعتبره واحدة من العبادات الكبرى ، كما عرف الوثنيون الصوم ، و كان قدماء المصريين أيام “ الفراعنة “ يصومون ... و عنهم انتقل إلى اليونان و الرومان ، و مازال الوثنيون في الهند يصومون حتى يومنا هذا ، كما عرفته بعض العقائد الأخرى “ كالبراهمة و المجوس و الصابئة و البوذيين و أهل الملل الذين يعبدون الحيوان أو النبات “ . و في “ التوراة “ نرى أن الصوم قد فُرض بعض الأيام في بعض المناسبات ، حيث كان من مظاهر تقشف القوم لباسهم المسوح على أجسادهم ... و نثرهم الرماد على رؤوسهم .. و تركهم أيديهم غير مغسولة . أما الإسلام فقد اعتبر الصوم واحداً من أركانه الخمسة الذي لا يتم دين المسلم إلا به ، و لا يكمل إلا بأدائه ، فهو ... أي الإسلام ـ و كما يعلم الجميع ـ قد بُني على خمس فرائض أو قواعد و هي(شهادة أنَّ لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله ـ إقام الصلاة ـ إيتاء الزكاة ـ صوم رمضان ـ حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً ) و هكذا نزلت الآية الكريمة واضحة بشان الصوم ... قال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون . أياماً معدوداتٍ .. فمن شهد منكم الشهر فليصمه . و من كان مريضاً أو على سفر فعدَّةٌ من أيام أخر . يريد الله بكم اليُسر ولا يريد بكم العُسر و لتكملوا العدة و لتكبروا الله على ما هداكم .. لعلكم تشكرون ) صدق الله العظيم . و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : “ الصيام جُنَّة ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث و لا يصخب .. إلخ الحديث الشريف “ ، و هكذا نرى أن لهذا الصوم شروطاُ و آداباً ، و هو ليس الكف عن الطعام و الشراب و نحوهما من الأمور التي تتعلق بالجسد و متطلباته ، و لا بالتقشف الظاهري .. و إنما هو حياة روحانية يزينها الذكر و البر و الإحسان و الفكر و التخلُّق بمكارم الأخلاق و صيام أعضاء الجسد جميعاً عما حرَّم الله بدءاً بالعين و اللسان .. مروراً بالأُذُن و البطن عن تناول الحرام أو المشكوك فيه .. و انتهاء باليد و الرجل ، و قد شُرع في السنة الثانية للهجرة . تلك هي فكرةٌ موجزة عن شهر رمضان .. و تعريفٌ مبسَّطٌ به . - 2 – و رمضان ـ كما يعلم الجميع يزورنا مرة كل عام ، فيوشح العالمين العربي و الإسلامي بردائه السَّماوي العطر ، و يصوم فيه من يصوم تقرباً و احتساباً .. و يفطر من يفطر فمن كان مريضاً أو على سفر ، و لكن ثمة أناس يفطرون فيه لأسباب هي بحد ذاتها بهجة للسامعين .. و لا تّخلو من عنصري الإمتاع و الفكاهة ،
و بخاصة بعضُ الشعراء القدامى و المحدثين الذين غلبتهم طبيعة الفن و نزعة التمتع بالحياة ، و الذين كانوا ما إنْ يروا إقبال شهر رمضان حتى يتفنَّنوا في التماس الحيل للتخلص منه و الهروب من لوم اللائمين ،
و يحضرني في هذا المقام الشاعر “ أبو عمرو الهندي “ .. و هو عربي أصيل من أشراف بني “ تميم “
إلا أنَّ ولعه بالخمر و تعلُّقه بها قعدا به عن منزلته ، و كان أستاذ الشاعرين “ والبة بن الحباب “ و “ الحسن بن هانئ الملقب بأبي نواس “ .. و عليه تتلمذا .. و من مدرسته تخرجا في معاني الخمريات التي ابتكراها و عُرفتْ عنهما بعده ، و كان “ أبو عمرو “ هذا يسكن بغداد ، فإذا أقبل رمضان فارقها إلى بلاد فارس حيث يعكف على الشراب في بيوت المجوس .. أو إلى أديرة النصارى في بلاد الشام ، حيث يجد فيها بغيته من الشراب و اللهو ، و يظل كذلك على هذه الحال ، حتى إذا انقضى شهر الصيام عاد أدراجه إلى بغداد ، و مما قاله في ذلك الأبيات التالية التي كان الشاعر “ أبو نواس “ يتمثَّل بها في مجالسه الخاصة ..
و يستجيدها .. و يُردِّدها : شهر الصيام دنتْ منا طلائعُهُ فارحلْ “ لفارسَ “ .. أو فارحلْ إلى الشامِ و كيف يعرفني .. من لستُ أعرفهُ .. ؟ لا الدارُ داري .. و لا الأقوام أقوامي
حَيَّوْا بأزهارهم .. حتى إذا قربتْ منها الأباريقُ .. حيَّا جامُهم جامي 3 أما تلميذه “ أبو نواس “ فقد كانت له صولاتٌ و جولاتٌ في هذا المجال بعد أستاذه “ أبي عمرو “ ، و ها هو يقول بعد أن منعه الصوم العقار : منع الصوم العُقارا و ذوى اللهوُ .. فغارا
و بقينا في سجون الصوم للهـــــمَّ أســــــارى
غير أنا سنداري فيه من ليس يُدارى
نتغنَّى ما اشتهيناهُ من الشعر .. جهارا
فاسقني حتى تراني أحسبُ الديك حمارا
و بالرغم من فسقه و فجوره في رمضان مُتخفياً ، إلا أنه كان يطلب أنْ يعوّض في شهر “ شوَّال “ أضعاف أضعاف ما فاته من متع في رمضان فيقول : استعـذْ مـن رمضـــانِ بسُـلافـــات الدِّنـــانِ و اطوِ شوَّالاً على القصف .. و تغريد القيان و ليكُنْ فـي كـل يـــومٍ لــكَ فيـه سكرتــــان أوفق الأشهر..ماأبعدها عن رمضان 4 و مع ذلك .. و مع أن الشاعر قد ملأ الدنيا فسقاً و فجوراً .. إلا أننا نراه في أخريات أيامه يتجه إلى الله العلي القدير و صاحب الملك و السلطان بهذا الدعاء الحار النابع من أعماق القلب ليُكفِّر به عما ارتكب في شبابه من سيِّئاتٍ و معاصٍ فيقول : إلهنــا .. مـا أعدلَـــك مليـكَ كــلِّ من ملــَكْ لبِّيْــكَ .. قـد لبَّيْــتُ لَــك لَبَّيْكَ إنَّ الحمد لَكْ و المُلْكَ .. لا شريكَ لَكْ
و الليل لما أنْ حلَكْ و السابحات في الفَلكْ
مـا خــاب عبدٌ ســألَكْ أنتَ لــه حيـثُ سلَــكْ لــولاكَ يـــا ربُّ هلَـــكْ يــا غافلاً.. مـا أغفلَكْ عجِّـلْ .. و بـادرْ أجـلَكْ و اختــم بخيـــرٍ عملَــكْ و لا يكتفي بذلك .. بل يُتبعُ هذا الدعاء الحار .. بدعاء حار جديد آخر أيضاً .. يتوسل به إلى الله تعالى أن يعفو عنه ما تقدَّم من ذنبه .. و أن يشمله برحمته التي وسعتْ كل شيء فيقول : يا ربُّ .. إنْ عظُمتْ ذنوبي كثرةً فلقد علمتُ بأن عفوَكَ أعظمُ
إن كان لا يرجوكَ إلاّ مُحسنٌ فبمن يلوذُ و يستجيرُ المجرم .. ؟
أدعوكَ ربّ ـ كما أمرتَ ـ تَضرُّعاً فإذا رددتَ يدي .. فمن ذا يرحم .. ؟
مالي إليك وسيلةٌ إلا الرجا و جميلُ عفوكَ .. ثم إنِّيَ مُسْلمُ 5 أما الشاعر العباسي المشهور “ ابن الرومي “ فقد مرَّ هو الآخر بما مر به الشاعر “ أبو نواس “ أيضاً ، و لكن مع اختلاف الموضوع ، ففي الوقت الذي كنا نرى فيه “ أبا نواس “ يتبرم من “ رمضان “ لأنه كان يمنعه اللهو الشراب ، فإننا وجدنا “ ابن الرومي “ يتبرمُ منه هو الآخر ، و لسبب آخر أيضاً يتمثل في طول الوقت ، و بخاصة إذا أتى رمضان في فصل الصيف ومع ذلك فإن الشاعر كان يسومه .. إلا أنه قال : شهر ُ الصيام مباركٌ ما لم يكُنْ في شهر آبْ
الليلُ فيه ساعةٌ و نهاره .. يوم الحساب
خِفتُ العذابَ .. فصمتُه فوقعتُ في نفس العذابْ كما قال أيضاً سامحه الله : شهرُ الصيام .. و إنْ عظَّمتُ حُرمتهُ شهرٌ طويلٌ .. ثقيلُ الظل و الحركَةْ
يمشي الهوينى .. فإما حين يطلبنا فلا “ السُّليكُ “ يُداينه .. و لا “ السَّلكهْ
يا صِدقَ من قال : أيامٌ مباركةٌ إن كان يكني عن اسم الطول بالبركهْ
شهرٌ .. كأنَّ وقوعي فيه من قلقي و سوء حالي .. وقوع الحوت في الشبكَهْ و مع ذلك فإنه فعل كما فعل “ أبو نواس “ من قبله ، و ارتجع إلى الله في أُخريات أيامه هو الآخر أيضاً .. و أصبح لا يذكر رمضان إلا بالخير ، فلنستمعْ إليه و هو يهنئُ الخليفة بعيد الفطر السعيد فيقول : قد مضى الصوم صاحباً محمودا و أتى الفطر صاحباً مودودا
ذهب الصومُ .. و هو يُحكيكَ نُسْكاً و أتى العيدُ .. و هو يحكيكَ جودا و كذلك تهيِّئُهُ ثانية بعيد الفطر الذي تلاه فيقول أيضاً : رأى العيدُ وجهَكَ عيداً له و إنْ كنتَ زدتَ عليه جمالا
و كبَّرَ حين رآكَ الهلالُ كفعلكَ حين رأيتَ الهلالا
[ مما قرأت واعجبني ]
خُــلــقــت حــواء مـــن ضـــلــع { آدم }
لــذلــك { هـــي } لا تـــشـــعــــر بـــالأمــــن حـــتـــى
يــــضـــع رأســهـــا عــــلـــى صــــدره !!!
رد مع الإقتباس