عرض مشاركة واحدة
قديم 07-18-2011, 09:48 PM
المشاركة 5
عبده فايز الزبيدي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اعتذار تميم بن جميل

قال أحمد بن أبي دُواد : مَا رأينا رَجُلاً نَزلَ بهِ الموتُ فمَا شَغَلَهُ ذلكَ و لا أذهله عَمَّا كانَ يحبُ أن يفْعَلَهُ , إلاَّ تميمَ بنَ جميلٍ ؛ فإِنَّهُ كانَ تغلَّبَ على شاطئ الفراتِ ؛ و أوفى بهِ الرَّسولُ بابَ أميرَ المؤمنينَ المُعتصم في يومِ المَوْكِبِ حينَ يجلسُ للعامةِ , و دَخَلَ عليه , فلمَّا مَثَلَ بين يديه , دعا بالنّطْعِ و السَّيفَ , فأُحْضِرا , فَحَعَلَ تميمُ بن جميلٍ يَنْظُرُ إليهما و لا يقولُ شيئاً , و جعلَ المعْتَصِمُ يُصَعِّدُ النظرَ فيهِ و يُصَوِّبهُ , و كانَ جَسيماً و وسِيْماً ، و رأى أن يستنطقهُ لينظرَ أينَ جَنانُهُ و لسانُهُ من منظَرِهِ , فقال : يا تميمُ , إنْ كانَ لكَ عُذْرٌ فأتِ بهِ , أو حُجَّةٌ فأدْلِ بها.
فقالَ: أمَّا إذ قَدْ أَذِنَ لي أميرُ المؤمنينَ فإني أقولُ: الحمدُ لله الذي أحْسَنَ كلَّ شيءٍ خلقَه, و بَدأَ خلْقَ الإنسانِ من طينٍ , ثمَّ جَعَلَ نسلَهُ مِِنْ سُلالةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ . يا أميرَ المؤمنينَ , إنَّ الذُّنوبَ تُخْرسُ الألسنةَ , و تَصْدعُ الأفئدةَ , و لَقَدْ عَظُمَتْ الجريرةُ و كَبُر الذَّنبُ , و سَاءَ الظَّنُ , و لمْ يبقَ إلاَّ عفُوكَ أو انتقامُك, و أرجو أنْ يكونَ أقربُهما منكَ و أسرعُهما إليك أولاهما بامتنانكَ , و أشبهَهُما بخلائقك . ثُمَّ أَنْشَاء قائلاً:
1. أَرَى المْوتَ بينَ السِّيفِ و النَّطْعِ كامِناً = يُلاحِظُني منْ حيثُما أتلفتُ
2. و أكبرُ ظّنِّي أنَّكَ اليومَ قاتِلي = و أيُّ أمريءٍ ممَّا قضى اللهُ يُفْلِتُ
3. وَ مَنْ ذا الَّذي يُدلي بِعُذْرٍ و حُجَّةٍ = و سيفُ المَنايا بين عينيه ِ مُصلتُ
4. يعزُّ على الأوسِ بنِ تَغْلِبَ مَوْقِفٌ = يُسَلُّ عليَّ السَّيْفُ فيهِ و أَسْكُتُ
5. وَ مَا جَزَعي مِنْ أَنْ أَمُوتَ و إنَّني =لأعلمُ أنَّ الموتَ شيءٌ موَقَّتُ
6. و لكنَّ خَلْفي صبيةٌ قَدْ تركتُهم= و أكبادُهم من حَسْرَةٍ تَتفَتَّتُ
7. كَأنِّي أراهُمْ حينَ أُنْعَى إليهمُ = و قَدْ خَمَشوا تلكَ الوجوه و صَوَّتوا
8. فَإنْ عِشْتُ عاشوا خَافِضينَ بِغِبْطَةٍ = أَذُودُ الرَّدى عنهم و إنْ مُتُّ مَوَّتوا
9. فكمْ قَائلٍ لا يُبْعِدُ اللهُ رُوْحَهُ =و آخَرَ جَذلانٌ يُسَرُ و يَشْمَتُ

قال: فَتَبَسمَ المُعْتصمُ و قال: كَادَ والله يا تميمُ أنْ يسبقَ السيفُ العذَلَ , اذهبْ , فقدْ غفرتُ لك الصَّبْوَةَ , و تركتُكَ للصِّبية. *

*العقد الفريد ,للفقيه أحمد بن عبدربه الأندلسي , تحقيق محمد عبدالقادر شاهين , طبعة المكتبة العصرية 1425 , ج 2 ص 30 - 31 .

وسائلٍ عَنْ أبي بكرٍ فقلتُ لهُ:
بعدَ النَّبيينَ لا تعدلْ به أحَدا
في جنَّةِ الخُلدِ صِديقٌ مَعَ ابنتهِ
واللهِ قَدْ خَلَدتْ واللهِ قَدْ خَلَدَا