الموضوع
:
العجوز المتصابي
عرض مشاركة واحدة
07-16-2011, 06:55 PM
المشاركة
3
نزار ب. الزين
عضو الجمعية الدولية للمترجمين العرب
تاريخ الإنضمام :
May 2007
رقم العضوية :
3374
المشاركات:
189
العجوز المتصابي
العجوز المتصابي
في عصر العولمة
مقامة*:
نزار ب. الزين*
همست
في
أذن
صديقي
أبو
سمير
،
بعد
أن
نفثت
أحر
زفير ....
قلت
يا
أخي
أعترف
لك
أني
عاشق
،
و
كأنني
غِرّ
مراهق
،
عيناها
يا
صديقي
-
آه
من
عينيها
-
تدوخان
،
خداها
بحمرة
غامضة
يتوهجان
،
و
شفتاها
تعزفان
على
أوتار
قلبي
عندما
تتحركان
،
و
إذ
أكون
بقربها
أنسى
الزمان
و
أتوه
في دهاليز المكان
.
قال
:-
و
أيم
الله
انك
لمجنون
،
أو
عجوز
خرف
و
مأفون ،
من
كان
في
عمرك
انزوى
في
محرابه
، و استغرق
في
صلواته ،
في
انتظار
ساعته
!
قلت
:
صحيح
أنني
مصدور
و
بتعدد
العلل
مقهور
،
و
قد
اشتعل
رأسي
شيبا
و
ملأت
وجهي
الغضون و البثور ؛ إلا
أن
قلبي
لا
زال
ذلك
الخافق ، و كأنه
لغرّ
مراهق
.!.
قال
:
بالله
دعك
من
حديث
الهزل
و
الخيال ، و
انقلنا
إلى
الجد
و
حقيقة
الأحوال
.
قلت
:
إذاً حدثني
عن
رأيك
بالعولمة
فهي
أحدوثة
اليوم
الشائعة
!
و بعد طول تمحيص و تفكير أجابني صديقي أبو سمير
:
قال:- هل تعلم يا أخي أن العولمة هي بنت عم الهيمنة ؟ و أنها ظاهرة إنسانية منذ البدايات البشرية ، فما امتداد الإمبراطوريات عبر البلاد ، الا
من ضروب العولمة و أشكال من التسلط و السيطرة ، تسلط القوي على المقدرات و نهب الثروات و الخيرات ، و استعباد الناس و تسخير الأجناس . ما الفارق بين حمورابي و توت عنخ آمون ، أو بين الاسكندر المقدوني و نيرون ، أو خلفاء أمية و بني العباس و العثمانيون ، و ما الفرق بين هتلر و نابليون أو بين موسليني و أباطرة النيبون ؟ كلهم هدفوا إلى الهيمنة التي نسميها اليوم العولمة!
قلت
لصديقي
أبو
سمير
بعد
روية
و
طول
تفكير،
ولكن
الاستعمار
غاب
يا
أخي
في
بطون
التاريخ
،
و
عولمة
اليوم
تجارية
و
ثقافية
،
ف
من
يمتلك
زمام
التقنية
و
جودة
الإنتاج
، و
فنون
الدعاية
و
الرواج
، فاز
بالأسواق
و
انتشرت
منتجاته
عبر
الآفاق
.
قاطعني أبوسمير بشيء من المودة ، مشوبة ببعض حدة
:
أنت
يا
صاحبي
إما
جاهل
أو
متجاهل
،
فما
الفارق
بين
البونابارتية
و
النازية
و
الفاشية
و
بين
مناهج
دول
هذا
العصر
الإمبريالية
،
إلا
باختلاف الأسلوب و
المناهج الإحتيالية ،
فالمسلوب
يبقى
مسلوبا
،
و
المنهوب
يظل
منهوبا
،
و خيرات
الضعفاء
يستمر
بابتلاعها
الأقوياء
.
لقد
كانت
العولمة
تفرض
بالحديد
و
النار
و
أساليب
الحماية
و
الاستعمار
،
و
اليوم
تفرض
عن
طريق
المنظمات
الأممية
و
دوائر
الاستخبار ،
و
عقول
العلماء
بمساعدة
العملاء
.
لا
حاجة
اليوم
لتجييش
الجيوش
من
أجل
تقويض
العروش
،
فشراء
حفنة
من
الضباط
تقلب
اعتى
بلاط
،
و
تحريك
زمرة
من
المأجورين
تذهب
بمنجزات
المخلصين
.
لقد
نطق
صديقي
بالحكمة
و
أفحمتني
معلوماته
الجمة
،و لكنني عدت لواقع الحال ، فوجدت هناك بطشا لا زال ، و إحتلالا و قتلا و إغتيال ، و أن القوي لا زال لحق الضعيف أكّال .
و إذ تركته مودعا عدت إلى خيالي و إلى أحلام الليالي،أنسج من ظلام الليل جدائل شعرها و من خيوط البدر نور وجهها ،ولم تثنني آلام مفاصلي و قرقعةعظامي ، أو ارتفاع السكر في دمائي،عن تكوين صورتها في عمق خيالي
!
حقا أنى لعاشق كأنني غرٌّ مراهق؛ ولكن لاحيلة لي فقلبي لازال بالحب خافق !
------------ ------------------------
*فن
المقامة
المقامة جنس أدبي يعتمد عل ىالترصيع البياني وتسجيع نهايات العبارات و لذا اعتبر فنا ، و يمتاز بطرافة موضوعاته وميلها الى التهكم والتندر والفكاهة ؛ و أشهر من كتب في فن المقامة
:
بديع الزمان الهمزاني
_
أحمد حسين الهمزاني
1007
ميلادية
)
و
(
الحريري
-
محمد القاسم الحريري
1112
م
.
------------------------------------
*
نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
الموقع :
www.FreeArabi.com
------------------------------------
رد مع الإقتباس