الموضوع: المُهَلهَل
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-23-2011, 11:01 PM
المشاركة 4
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • موجود
افتراضي
في كل مرة يدهشني عمق الفكرة للقاص مبارك الحمود التي تعالج قضايا النفس البشرية بعمق استثنائي...ودائما تتطرق الي اليتم واثره على النفس البشرية...فغالبا ما نجد احد الشخوص في قصصه يتيما وله دور رئيسي.

فها هو يصور اثر موقف واحد على تكوين شخص ( في الطفولة ) حينما قام مدير المدرسة بتحقيره امام الزملاء فزاد الطين بله....

كان والده يعامله على انه وجه شؤم تسبب في موت امه وقد رسخ ذلك في ذهنه من خلال ترديد تلك القصة عليه وكان قد استقبله والده بكل برودة حتى انه منحه للممرضة التي باركت في ولادته....

وبسب الفقر وكونه الولد الخامس ثم وكنتيجة لموت امه صار حاله مهلهلا وثوبه وسخا...وكان لاثر يتمه ان عامله الناس اقارب واغراب بطريقة سيئة وكأنه شؤم بالنسبة للجميع...حتى ان مدير المدرسة جعل منه اضحوكة للجميع ففقد جزء من حياته كنتيجة لكل ذلك...وصار يعيش على الحافة كما هم ابطال قصص مبارك الحمود...

لم يعد يشعر بقيمته في المجتمع وصارالموت عنده مطلب فاستغل فرصة حادثة الغرق ليقفز هو ليقوم بواجب الانقاذ... خلع ثوبه المهلهل وقفز في السيل بينما تراجع الاخرون الذين يلبسون الثياب الجميلة غير المهلهلة....وبدأ يغرق وظل الناس يشاهدون غرقه هو ايضا في السيل دون ان يحركوا ساكنا...
ولكن نظرته كانت نحو الثوب الذي كان سببا فيما وصل اليه حينما تعرض لذلك الموقف في المدرسة وكأنه الوحيد ( الثوب ) الذي وقف مودعا وهو دليل على فقدانه للتواصل في المجتمع فلم يهتم به احد سوى ثوبه المهلهل الذي شخصنه مبارك الحمود وكأنه تحول الى انسان صاحب قلب يندفع لانقاذ صاحبه....وهنا تتجلى الفكرة بأن المنتحر هو نتاج سوء المعاملة في المجتمع فهذه القصة دعوة للانتباه لما يشكل نفس الانسان ويدفعه لذلك الشعور بأن لا قيمة له فتصبح الحياة لا قيمة لها...

فضمه السيل بين احضانه وحضنه الموت باحضانه المتعددة..وهنا يعود القاص لشخصنة الموت ويجعل له وجوها واحضان متعددة ...
كان الامر مخيفا بالنسبة لذلك اليتيم لكنه كان مطمئنا لان كل الطرق تؤدي الى القبر....ولم يتعاطف معه في ذلك الموقف الا ثوبه المهلهل....

قصة عميقة جدا ولا ادعي بأنني فهمتها تماما...وسوف اعود لقراءتها مرات وتقديم قراءة اكثر عمقا مبينا عناصر الجمال والتاثير، لكن وفي هذه العجالة ارى بأن الاستاذ مبارك الحمود لديه قدره هائلة على معالجة قضايا النفس البشرية باحتراف شديد، وقصصه جميله بحق، مكثفه ومدهشة وتحتوي على كافة عناصر القصة لكنه يتقن بناء الشخوص في القصة بشكل استثنائي وغالبا ما تكون شخوصه نامية متطورة ودينامكية وتعمل مثل القطب المغناطيسي في توريط المتلقي ليتعاطف معها، وفي الغالب فأن هذه القصص تدعو للحياة من خلال تصوير الم النقيض، وهو - الموت - اي الانتحار باسلوب غاية في التأثير...

- فما رأيكم ايها السادة الافاضل نقاد ومحبي فن القصة القصيرة هنا في هذه القصة؟