الموضوع: الجزار
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
3581
 
ناطم الصغير
من آل منابر ثقافية

ناطم الصغير is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
6

+التقييم
0.00

تاريخ التسجيل
May 2011

الاقامة

رقم العضوية
9928
05-17-2011, 10:46 PM
المشاركة 1
05-17-2011, 10:46 PM
المشاركة 1
افتراضي الجزار
كان لزاماَ علي الاستيقاظ باكراَ لأتمكن من إتمام المهمة التي كلفتني بها دائرة الإحصاء في مراقبة حركة سوق الأغنام . وعندما وصلت إلى هناك كان البازار قد بدأ باستقبال أول القطعان , وكان علي أن أقدر أعدادها واستقصي عن مصادرها والجهة التي تباع لها لذلك لم أفطن إلى رجال الشرطة الذين طوقوا القطيع صرخ أحدهم: هذا القطيع مخالف للمواصفات ومصادر!
حاولت الخروج من القطيع لكن الشرطي لطمني بعقب بندقيته وردني ناحية القطيع.
استدركت قائلاَ وشارحاَ : أنني لست هنا في مهمة ولست معنياَ بالقطيع , لكن الشرطي لم يكن مصغياَ لما أقول واقتادونا 'إلى الشاحنة زجونا بها ونقلونا إلى حظيرة بتنا بها ليلتنا الأولى
ولعدة مرات حاولت الصراخ لكن لا من مجيب واعتقدت أن الأمر لا يعدو أن يكون التباساَ سرعان ما يكتشفوه في الغد . وفي صباح اليوم التالي دخل رجل علينا افرغ في المعلف عليقة من الشعير والتبن فتدافعت الخراف لتناوله فيما هرولت أنا ناحية الرجل
قلت له: لا بد أن يكون هناك خطأ قد حصل . أنا لست سوى موظف كلفتني دائرتي بمهمة وكنت بصدد تنفيذها عندما.......
قاطعني الرجل قائلاَ: أنا هنا لست سوى عامل حظيرة وهم لا يصغون لما أقول . ثم انصرف عني إلى سكب المياه في المنهل. كان شعوري بالظمأ في ازدياد ولكني فضلت عدم شرب المياه من الحوض القذر الذي تدوسه الأغنام بحوافرها وهي تتدافع برضى وسعادة لشربه . بتنا ليلتنا الثانية التي كانت أشد قسوة من سابقتها . وأصبحت غير قادر على تحمل العطش فتحينت فرصة قدوم العامل لأدفع الخراف عن الحوض وشربت من المنطقة القريبة من المنهل . بقي لدي مشكلة أخرى .في تسكين معدتي الخاوية . حاولت الطلب من العامل أن يأتيني بشيء غير هذا الذي تأكله الخراف ولكنه هذه المرة لم يعد مصغياَ لما أقول وتجاهل طلبي فأصبح الأمر أكثر صعوبة ولم يعد محتملاَ , حملت حفنة من الشعير ورحت أقضمها على مهل. كانت مسكناَ فعالاَ للجوع ليس ذلك فقط لكنني رحت أستسيغ طعمها …! بضع أيام كان قد مضى علينا حين دخل الحظيرة رجل يرتدي صديرة بيضاء ويضع على أنفه نظارة سميكة .فتقدمت منه محاولاَ الاستنجاد به عما أصابني وجرى لي , لكنه أمسكني بقوة من رأسي وفتح فمي بعنف ثم نظر في أسناني وما لبث أن ربت على مؤخرتي فعل ذلك مع غالب الخراف ثم ولى خارجاَ دون أن ينطق بكلمة....!
تضاءل الأمل لدي في أن يفهمني أحد ما حتى حينما دخل علينا رجلان يحمل أحدهما مقصاَ توجست الشر فحاولت الاختباء خلف الخراف لكن أحدهما ضبطني فرمى بجسده علي وثبتني بقوة على الأرض فيما شرع الآخر في جز شعري بخشونة ودون اكتراث للآلام التي تسبب بها أو لمظهري الذي لابد أن يكون قد أصبح مضحكاَ مثل البقية ومن خلال إحدى الفتحات.اخترت أكثرها أتساعاَ وقد قررت أن بإمكاني تجاوزها دفعت بقدمي عبرها وسحبت جسدي لكن رأسي بقي عالقاَ فاضطررت للصراخ مستغيثاَ فاندفع نحوي رجالاَ يحملون عصياَ وانهالوا علي ضرباَ دون شفقة أو رحمة ثم خلصوا رأسي من أخشاب السور وأعادوني إلى الحظيرة وهم يتوعدونني بالقتل إن كررت فعلتي صرت أكثر أيماناَ بعدم جدوى القيام بشيء فاستكنت إلى مكان منعزل أتلهى به بسماع ما تقوله الخراف كانت اهتماماتها في غالبها تدور عن نوع العليقة أو عن ظروف الحظيرة السيئة.
حاولت التكلم مع أحدهم و شرحت له قضيتي لكنه ضحك حين ذكرت له أنني لست منهم و قال لي معقباَ أن الجميع هنا يدعي شيئاً مشابهاَ. والجميع يدعي أنه ليس من الخراف ..! والحقيقة أنك لست سوى خروف مثلنا . عندها شعرت أنني قد تسببت بالإهانة للخروف فعدت للتراجع عما قلته وحاولت التصالح معه فبدا متعاوناَ ومتسامحاَ وصار يفسح لي المكان على منهل المياه أو أمام المعلف
..............
دخل الحظيرة بضع رجال يحملون قباناَ وطلبوا إلينا أن نصعد بانتظام الواحد تلو الأخر . كانت الأوزان متقاربة وعندما جاء دوري وصعدت حاولت أن أقول شيئاَ لرجل القبان ولكنه مثل البقية لم يهتم , بينما أبدى إعجاباَ بوزني الذي دونه على كراس صغير كان يحمله بيده ثم لطمني برفق على إليتي مشيراَ إلي بالنزول .
...............
في صباح اليوم الأخير حضروا لاقتيادنا من الحظيرة عبر إحدى دروب البلدة ..... كنت مستمتعاَ وفرحاَ برؤية البلدة من جديد وحاولت الخروج من القطيع لمناداة المارة لكنهم وفي كل مرة كانوا يهشون علي بعصيهم الضخمة أو يرمونني بالحجارة .حاولت الصراخ مرةََ أخرى حين رأيت زوجتي تقف إلى جوار رجل ضخم.. لكنها لم تكن مهتمة بالنظر إلى القطيع وبدت مشغولةَ في لملمة خصال شعرها وتثبيت فتحة تيورها . سحابة الغبار التي خلفتها الخراف بحوافرها دفعت زوجتي لإغماض أعينها بينما كنا نمر نحن من أمامها
...............
عندما اجتزنا بوابة المسلخ كانت رائحة الدماء تملأ المكان لكزني الخروف الذي عن يميني وقال : لا تخف إن الأمر لن يستغرق سوى لحظات بعدها لن تشعر بأي ألم ... وتابع . إنهم يستخدمون سكيناَ حادة .. رغم تطمينات صاحبي إلا أنني بقيت خائفاَ. فعاد للكلام : هناك وسيلة للتغلب على الخوف ما رأيك بان نهتف جميعاَ وبصوت واحد بحياة الجزار .....! أخذت الخراف تثغي وتعالت الهتافات ..... نموت ويحيى الجزار .... بالروح بالدم نفديك يا جزار ................فيما كان الجزار يحز بسكينه الحادة الرقاب المستسلمة

قصة من ناظم الصغير



التعديل الأخير تم بواسطة أحمد فؤاد صوفي ; 05-23-2011 الساعة 12:20 PM