الموضوع
:
رحلة سعيدة
عرض مشاركة واحدة
05-17-2011, 04:48 PM
المشاركة
6
سناء محمد
كاتبــة الشمــس
تاريخ الإنضمام :
Apr 2011
رقم العضوية :
9873
المشاركات:
357
ساد السكون أرجاء المكان ورسمت علامات الدهشة على وجوه من حولي .. من هذا الرجل النبيل ؟؟ تبدو عليه علامات اليسر ..ولا يعرفه منا أحد
..
-
أنا أدفع عنه .. اتركه وشأنه
..
أنزل عامل القطار يده ممتعضاً
-
تفضل يا سيد ..هات ثمن التذكرة
..
أخرج الرجل بضع دراهم .. و ألقاها في يده
..
امتدت مساحات بياضٍ على طول ناظري .. خوفي تقهقر أمام تَفتح باقةِ أملٍ بين جنباتي ..قد حاك الصباح لي رداءً من الطمأنينة والدفء بالرُغم من قسوة شتائي .. أسئلتي لا تكف عن العبث بخاطري .. ودهشتي قد تغلبت على ظني ويقيني .. أما زال للصفاء بقية حكاية ؟؟ وهل عادت الطيور الشاردة إلى أعشاشها غير مباليةٍ برياحٍ او عاصفة ؟؟
كنت نسيت كثيراً من كلماتي
..
واكتفيت ببعض حروفٍ أقضي بها حاجاتي .. مرارة أيامي سحقتني فما عدت أسأل عيني ما بالها لا تكف عن بث أوجاعي ..وآمنت بأني صغيرٌ على أن يراني أحدٌ من العالم الذي أبصره من نافذتي الضيقة
..
ما كنت أعرف أن امتناني لما حدث قد ذكرني بأني كائنٌ من الأحياء
..
...................
جلس بجانبي على نفس المقعد فأخذت أتفحص تفاصيل وجهه وقد بدا لي كلغزٍ كبير .. هادئاً .. رزيناً له صوتٌ بشفقة الوالد وحنان الأم .. و كان في عقده الرابع
..
قلت له بصوتٍ خافتٍ عن مسامع من حولي
:
-
شكراً لك
أجابني دون أن يلتفت إلي
:
-
على ماذا ؟
أخذ مني الارتباك مأخذه وقلت ثانية
:
-
شكراً
..
على كل شيء
نظر إلي مبتسماً
:
-
لم أفعل شيء
كانت بعض الوجوه لا
تزال تراقبنا , و كانت لحظات سكونه تشعل فتيل فضولي فتدفعني للغوص في أعماقه علي أصل إلى شيء .. قلت له لأختلق بعض الحديث معه
:
-
لازال هناك من ينظر إليك
-
هذا وجهي يجب أن يتحملوه
شعرت بأنه لا يحب كثرة الكلام فسكت عنه بقية الوقت , و أخذت أتأمل طريق رحلتي وأستمع الى معزوفة قاطرتي وهي لا تتوقف .. ولكنه باغتني بسؤال
:
-
هل أنت سعيدٌ بأيامك ؟؟
لم أفكر بإجابةٍ تناسب هذا السؤال فقلت متردداً
:
-
نعم .. لا بأس .. ولكني تضايقت قليلاً مما حدث .. صدقني أنا أملك تذكرة ولكنها ضاعت مني
..
-
ولكني لم أسألك عن أيةِ تذكرة .. سألتك إن كنت سعيداً أم لا
..
-
نعم .. ولكن لماذا لا تصدق بأنني متضايق فقط ؟
-
أنت لست متضايق بل أنت حزين
..
-
لا .. نعم .. ولكن كيف عرفت ؟؟
-
لقد قلت لي في البداية لا بأس ولو كنت سعيداً لما وجدت ما يبرر حزنك ..أنت لا تزال صغيراً على أن تعرف سعادتك من حزنك
..
-
ولكني قاربت سن العشرين
-
نعم
,
ولازلت غضاً طرياً .. غداً عندما تقسو عليك الأيام يوماً بعد آخر ستشعر بأن السعادة لحظات لا تدوم .. وعندما ستشعر بوخز الألم في نفسك ستكون معاناتك وقتها أكبر
..
ستخلق لنفسك مسرات مهما كانت أيامك قاتمة .. هذا إن كنت تبحث عن السعادة حقاً
..
-
أتمنى السعادة من كل قلبي .. وما أن تبدأ همومي تنفرج حتى يأتي همٌ أكبر يرجعني إلى أول الطريق إن لم يبعدني أكثر و أكثر
..
-
ألك عائلة ؟؟
ابتسمت له رغماً عني وقلت
:
-
لي أمٌ كبيرة السن بالكاد تستطيع المشي.. ولي أخٌ لا يعرف من حياته غير اجتلاب المشاكل وسوء السمعة .. ولدي أُختٌ بلا عقل .. قد ولدت هكذا .. وأنا المسؤول عنهم جميعاً
..
-
يا إلهي أنت تعيش في بؤرة ضياعٍ وبؤس
..
-
هل اقتنعت بجوابي إذاً لما قلت لك لا بأس ؟؟
-
ههههه نعم .. ربما
..
ولكن لم تقل لي ماذا تتمنى من هذه الحياة ؟؟
-
مممم أتمنى أن ترجع أمي لسالف عهدها ..أريد لأخي أن يدرس في الجامعة ولا يضطر لترك الدراسة مثلي .. أريد اقتناء عقلٍ لأختي
..
-
وأنت ألا تريد شيئاً لنفسك ؟؟
استوقفني سؤاله للحظة و استغربت لنفسي أن يكون لي حقٌ في شيء
!!
كتمت أنفاسي .. وسرعان ما عدت لسابق حالي
..
-
لا أعرف .. هل تصدق أنني لم أفكر يوماً بذلك ؟؟ حتى بمجرد حلم .. لم أحلم لنفسي بأي شيء
..
لكنه ربت على ركبتي وقال لي باسماً
:
-
يبدو أننا سنتحدث كثيراً في هذه الرحلة
..
يتبع ..
رد مع الإقتباس