الموضوع
:
رائحة الشمس
عرض مشاركة واحدة
احصائيات
الردود
23
المشاهدات
10917
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا
اوسمتي
مجموع الاوسمة
: 5
المشاركات
4,272
+
التقييم
0.64
تاريخ التسجيل
Jan 2007
الاقامة
رقم العضوية
2765
05-07-2011, 08:00 PM
المشاركة
1
05-07-2011, 08:00 PM
المشاركة
1
Tweet
رائحة الشمس
يعتصر الألم هذه الروح ، تشف و يرق عزفها مع ازدياد عنق البوتقة ضيقا
هل جربتم دخول النفق ؟ هناك حيث تلتمع في آخره شمس ساطعة سناها يخلب لبي منذ بداية فأجدني مدفوعة بقوة خفية كبيرة كي أبلغ منبع الضوء و أستحم بدفئه و أقيم لروحي في نهاية الطريق صلاة وحشية راقصة
شيء ما يمسك بتلابيب الروح يوصلها لحافة الاختناق ، نستروح بعضا من نسيم لهنيهات ثم ما تلبث القبضة أن تزداد إحكاما و انغلاقا ، تضيق الدائرة ...تصبح بمحيط خاتم عذراء في أول ربيعها ثم ما تلبث أن تصبح ثقبا صغيرا كسم الخياط إلى أن تصبح نقطة..
عندها أحلق أجدني طليقة كفراشة خفيفة كريشة في مهب رياح أحلق في مدارات لم أرها من قبل ، فضاءات لعالم غريب
أين أنا الآن ؟ حللت في أرض كلها ضوء ، تضيق الحدقة لانبهارها بالسطوع كي تتلاءم مع هذا النور المبهر تضيق لتصبح نقطة..
كل شيء هنا شفاف بلا صوت ، بلا وزن ، بلا ظل كأنني ولجت مكانا سحريا..
أمد يدي فتدخل في عمق الأشياء لاكتشف أن لا عمق لها ...لا ماهية لها و لا كينونة
أجدني في طريق محفوف بأشجار وارفة ، هي الطبيعة التي طالما كانت لي ملاذا و ملهما نفسها لكن هنا يخضورها مختلف ، نضر و جديد كما هي ثياب العيد ، يلتمع كما هدايا الميلاد، خارجا للتو من رحم الأرض و مازالت مشيمة رحلة الخلق تلتصق به ، تزيده فطرية و بدائية
حتى السماء زرقتها مختلفة فيها صفاء من نوع عجيب و غيومها ببياض أكثر نصاعة يذكرني بغسيل جدتي حين كانت تخبأ فيه
رائحة
الشمس
أدخل الغابة بخطى مرتعشة، ارتعاش ليس منشؤه الخوف و إنما تهيب طرق باب مجهول لا أعلمه لكن الغابة ليس فيها طيور تزقزق و لا حيوانات تختبئ هنا أو هناك
فقط صمت مهيب
تحضر هنا و هناك أطياف بوجوه طائرة غير مقنّعة حتى طيف جدتي من تخبئ
الشمس
في غسيلها كان هنا حاضرا أيضا لكن هذه الوجوه تخترقني كأنها لا تراني ، أرفع يدي مقابل وجهي لأتحسس دفء أنفاسي فلا أجدها أنفاسي
رأيتني أحلق و أطير و ارتقي سماوات حتى خرجت من الحزام الأرضي ،
وضعت قدمي الحافيتين على سطح القمر
آلمني وخز مفاجئ في قدمي يشابه وخز ذوب الشمعة إذا انسكب على البشرة حارا
لكن ما لبثت أن اعتادت قدماي الوخز و بت أسير مستمتعة بسهولة و نعومة
ما أدهشني أن القمر كان يجذبني ، من قال إن القمر لا جاذبية له؟ كان يثبت خطواتي عليه وكأنني أتنزه على الأرض بخطى واثقة ، مرت نيازك مسرعة و شهاب و مذنب رأيته بمقاعد كقطار يحمل من يريد ساعة يقدر له إلى عالم أبدي
أقلني القطار في مقدمة هالي و انطلق مسرعا
سمعت الذرات الغازية لجسم المذنبة تتهامس فيما بينها ثم ما لبث الهمس أن غدا كلاما مسموعا: هل تعرف أين هي ؟ و إلى أين نمضي بها؟ يبدو أنها لم تستوعب بعد أين حلت روحها .
أين حلت روحي؟ إذن هذا هو البرزخ ، يمضون بي إلى ملتقى الأرواح
لماذا أحزن و أنا قاب القوس أو أدنى من اللقيا؟
ألقاك جدتي ، عمتي ، حبيبي، ولدي ، صديقي ، كلهم هناك و ينتظرون أطباق النور تحمل لهم رسولا من عالم مرئي يصبح بمجرد عبوره الحاجز الشفاف لا مرئيا شفافا كالحاجز نفسه
ينتظرونني بلهفة لكنهم يرفضونني و يودعونني سلاما لكل من سأعود إليهم
18- ابريل -2008
نشر في جريدة المسيرة السورية
في المجلة العربية الصادرة في المملكة العربية السعودية
في كتاب منتديات المجد الثقافية النثري الأول
وطـن في حقيبة القلب
رد مع الإقتباس