
*
*
حين يعود الماضي غدا
يجترذاكرة مهترئة أكل عليها
الدهر جلود الذات
وسحق عظام الصمت ..برحاه
وشرب ماء ملحه أجاج .. في .. كوز صدأ
وربما تجشأ تعمدا ليوحي بالشبع
في معدة خاوية
إلا من ريح صرصر !!
سأخبره بأنه لم يعد ماردا يخرج من القمقم
حين تصرخ ذاكرة النسيان
لتبوح رماد البراكين
لم يعد التعرف على ملامحه سهلاً
مجهول النسب غريب الشكل
ليس له بلد منشأ
ولا وطن بديل
ليس له في ذاكرة الجسد
ولا دهاليز العقل
حتى بواطن القلب نفت وجوده
في تجاويفها
فقط سأذكر يوم إعلان وفاته
على قارعة
الحاضر
حين تم شنقة في سنة سقطت من أوراق التقاويم
أمام جمع من رؤاه
بكافة فئاتها العمرية
الخريفية اللون تلك الرمادية المساء
التي توشحت ليال المحاق من أشهر العتمة
حتى أيام الربيع منه !!
التي اصطفت على حبال المشنقة
ذات أصيل لونه الشفق بحمرة الغروب
لتشهد بداية النهاية لحلم طويل
تسربل بالرهبة ..
لن أعيرها التفاتة
حين يومض سناء برقها في ذاكرة النسيان
لقد
أصبحت صوره ضبابية
لا يتسنى التعرف عليه
حتى عن قرب
لقد محى برق الحيا صوره
حتى ثلاثية الأبعاد
تباعد ظلها
وتنسلت أهدابها
وأصبحت بقع ضوء
خالية من الملامح باهتة التعاريف
أيها الماضي البعيد .. القريب
حين تعود غدا
لا تضع .. في حسبانك أن لك في الايام القادمة
فيء تستظل به
حين تلفح الشمس القائضة تجاعيد وجهك الكئيب
وحين يغشى عينيك ..الصفراء
غبار الهجير !!