الموضوع: الجنـّــــة
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-22-2011, 11:53 PM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الحقيقة الثالثة: أن الجنة درجات، كما أن جهنم دركات بحسب أحوال المعذَّبين فيها، فإن الجنة جنات، ودرجات، بحسب أحوال المنعَّمين وأعلاها الفردوس الأعلى، قال الله تعالى: [إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً. خالدين فيها لا يبغون عنها حِولاً] (الكهف:107-108).


وروى البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجّر أنهار الجنة الأربعة ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس».



الحقيقة الرابعة: أن نعيم الجنة صافٍ غير مشوب بالأكدار والمنغّصات، وإذا كان أهل الدنيا يتنافسون نعيمها، ويقتتلون على خيراتها، وهي مؤقتة محدودة فانية، ويولّد ذلك بينهم الأحقاد والنزاع والخصومات، وينغّص عليهم اللذائذ والمسرات، فإن أهل الجنة لا يرون شيئاً من ذلك لكثرة النعيم وخلوده، فهم يتنعمون بخيرات الجنان صفواً من غير كدر، قال الله تعالى: [إن المتقين في جنات وعيون، ادخلوها بسلام آمنين. ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ إخواناً على سرر متقابلين. لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين] (الحجر:45-48). وذلك ليتم لهم النعيم المطلق والسعادة بلا همّ ولا حُزْن ولا مشقة ولا تعب، ولا يعانون مما يعاني منه أهل الدنيا من آفات تترتب على الاستمتاع بالطيبات، ورد في الصحيحين: «أن أهل الجنة شباب لا تَبْلى أجسادهم ولا ثيابهم ولا يتغوطون، ولا يمتخطون، ولا يصيبهم نَصَب ولا تعب، عرقهم المسك، وأخلاقهم على خُلُق رجل واحد».



الحقيقة الخامسة: أن من طبيعة أعمال العباد في الدنيا الموصلة إلى الجنة والمؤهلة لها الشدة والابتلاء، ومن طبيعة الأعمال الموصلة إلى النار الغرور والشهوات. بقوله تعالى: [فمن زُحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور] (آل عمران 185). وفي الصحيح: «حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات» (رواه مسلم).



الحقيقة السادسة: أن أوصاف الجنة وصور النعيم فيها وأوصاف أهلها وما يحصلون عليه من نعيمها، وإن ذكرت النصوص تفاصيل بنائها وسعتها، وحدودها، وحصبائها، وترابها، وطبقاتها، وأبوابها، ودرجاتها، وأنهارها، وعيونها، وأشجارها وثمارها، وغرفها، وقصورها، وخيامها وأسواقها، وخدمها، وغلمانها، وحورها ولذائذها، لكن نعيمها المطلق ولذائذها غير المحدودة تبقى فوق مستوى الإدراك البشري الدنيوي، يقول الله تبارك وتعالى فيما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: «أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر ذخراً، بَلْه ما أطلعكم الله عليه»، ثم قرأ صلى الله عليه وسلم: [فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون] (السجدة 17)، (رواه الشيخان والترمذي).



ومن جملة ذلك أمران تجدر الإشارة إليهما:


أولهما: رؤية الله تبارك وتعالى.

وثانيهما: الرضوان الأكبر.

أما الرؤية: فقد حجبها الله عن الناس في الدنيا لعدم أهليتهم لذلك، قال الله تعالى: [لا تدركه الأبصار] (الأنعام 103).
وأما في الجنة فيكشف الحجاب عن أهلها ويؤهلون لشرفها، فيتلذذون بالنظر إلى وجه الله الكريم قال الله تعالى: [وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة] (القيامة 22-23). وعن جرير بن عبد الله قال: «كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: إنكم ستُعرضون على ربكم فترونه كما ترون هذا القمر، ولا تُضَامُون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تُغْلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها، فافعلوا. ثم قرأ: [وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب] (ق 39)» (رواه أصحاب السنن).


وأما الرضوان الأكبر: فهو الرضا من غير سخط:
وعد الله تبارك وتعالى به عباده المؤمنين في الجنة خلافاً لما كان عليه الأمر في حال الدنيا، فإن الناس يتقلبون فيها بين الرضا والغضب، قال الله تعالى: [وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكنَ طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر وذلك هو الفوز العظيم] (التوبة 72).



وقد وضحت السنة النبوية معنى الرضوان الأكبر بقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبّيك وسعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربّ، وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحداً من خلقك فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: يا ربّ، وأي شيء أفضل من ذلك، فيقولَ: أحلُّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبداً» رواه الشيخان والترمذي عن أبي سعيد الخدري.



محمد هشام برهاني





- - - - - -

مراجع:

ـ أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (دار الكتاب العربي 1967م).

ـ شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، فتح الباري، شرح صحيح البخاري، مصطفى البالي (1963م).

ـ أبو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، شرح الإمام محي الدين النووي (دار الفكر المصرية 1981م).



الموسوعة العربية

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)