عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
20

المشاهدات
8000
 
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


رشيد الميموني is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
597

+التقييم
0.12

تاريخ التسجيل
Dec 2010

الاقامة
تطوان / شمال المغرب

رقم العضوية
9563
03-20-2011, 04:20 PM
المشاركة 1
03-20-2011, 04:20 PM
المشاركة 1
افتراضي هدية : عندما سطعت نجمة
عندما سطعت نجمة
ربما كنت أعانق الليل لآخر مرة قبل أن تتلاشى فلول الظلام ويتنفس الصبح هناك في الأفق .. وربما كان في بدايته وهو يناجيني ويستمع إلى بوحي للمرة الواحدة بعد الألف . الذي أتذكره هو أنني رافقته منذ أن أسدل ستاره على الكون ليغيب كل شيء تحت جنحه ولبثت في حضنه تارة أشكو و تارة أغفو ثم أصحو لأجده دائما يلمني بحضنه ، يهدئ من روعي .. يطيب خاطري و يهدهد أحلامي .
يبدو أنني لن أتخلص أبدا من طفولتي و أنني سأظل طفلا ما حييت .. لا يتورع عن الشقاوة و المشاكسة و العناد .. كنت كثيرا ما هفوت لأن أصير رجلا ناضجا متزنا لكنك جعلت مني مراهقا مزمنا و طفلا نزقا ، مشاغبا ، متمردا .
كل ما حولي كان ينطق في صمت .. ويصلي في خشوع .. وهاهي ظلمة الهزيع الأخير من الليل تشتد ، فيتضوع الزمان و المكان و تتألق السماء بعقود و قلادات من النجوم المتلألئة .. لكني كنت ميمما شطر الأفق الشرقي كأنني أنتظر شيئا .
هاهو السحر ينفث أريجه فتتخدر أوصالي و يرتجف كياني وتتوثب في نفسي غريزة الانتظار .. انتظار ما سيسفر عنه الأفق المظلم هناك عند تلك الربى المتعانقة في ود .
قلت لي مرة إن وجودي هو حياتك و أجبتك حينها أن حياتي هي وجودك فتمايلت من حولنا عناقيد العنب و سيقان الليلك .. وارتجف الأقحوان على نبض الياسمين ، و ارتعشت أوصال السنديان نشوة .
سألتني يوما من أكون فأجبتك ببساطة أنا هو أنا .. فاكتفيت بإجابتي لأنك كنت تعرفين كل شيء عني رغم أننا لم نلتق يوما .. ووجدت نفسي أني أعرفك أكثر مما كنت تتوقعين .
تتذكرين كيف التقينا أول مرة ؟ .. أول حديث لنا ؟ .. أول همس؟ .. ربما لم نقل شيئا ..
ضحكنا .. ابتسمنا .. تخيلنا ، حلمنا ، جرينا ، لهونا ، ثم تعانقنا حتى انصهرنا ..
الآن عرفت لماذا حين تغيبين طويلا لا أقلق .. لقد كان عناقنا و انصهارنا يومها كفيلا بجعل كل واحد منا يأخذ شيئا من الآخر . وها أنذا انتظر مكتفيا بزاد منك .. أحسه في وجداني .. بين جوانحي .. في قلبي .. ساريا في دمي .. موغلا في مسامي ..
الآن .. تبدأ بوادر فراقي عن ليلي .وفي لحظة انطفاء النجمات ، الواحدة تلو الأخرى ، وقبل أن يبزغ الفجر البهيج ، تسطع أم النجمات .. ما ذا أقول ؟.. تسطعين أنت بكل بهائك و رونقك .. تتوهجين وتتضوعين بكل العطور .. وهاهي سمائي تزدان بك كنجمة ليست كالنجمات .. نجمة تعلو وتعلو لتعانق كبد السماء ثم تكبر فيكبر وهجها ..
أعلم أنك لن تأفلي مع بزوغ الفجر وطلوع النهار .. لأنك ستكونين الشمس التي ستشرق وتتوهج في الضحى والأصيل ، وانك ستكونين القمر المنير الذي سيبزغ عبر الآكام ليرصد كل عشق سنعيشه و كل رحيق سنرتشفه .. وستجدينني أنتظرك مهما يطل الزمان ومهما ينأى المكان .. وستلقين عشقي هو عشقي .. وشوقي هو شوقي وحبي هو حبي .
ها هو الأفق يتورد و الربى تهتز معلنة عن انصهار جديد آت .. وفصل جديد من عشق سترويه الأجيال أبا عن جد .