عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2011, 07:30 PM
المشاركة 188
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي



المصدر
ديوان جراح الصميم
رقم القصيدة (22)






صَرْخَةٌ منْ مَقْبَرَةِ التَّارِيْخ






حمامةُ السلمِ تَستهدي بصيَّادِ
وهامتي لم تزلْ في حِجرِ جلَّادِ


لا تذبحوني قُبيلَ الفجرِ إنَّ دمي
يضيءُ في الليلِ تاريخي وأمجادي


لا تصلبوني قُبيلَ الليلِ وانتظروا
حتى تضيعَ بجَوْفِ الليلِ أعوادي


فلن أَحُجَّ إلى أعتابِ دعوتكم
وفي حِمى القدسِ ضجَّتْ روحُ أجدادي


ولن أصلِّي على ناقوسِ مؤتمرٍ
وفي القيامةِ ناقوسي وإنشادي


* * *

أستغرُ اللهَ ما غيَّرتُ مُعتقدي
ولا جنحتُ إلى كفرٍ وإلحادِ


لكنَّ مقبرةَ التاريخِ في وطني
تثيرُ في صدريَ المطعونِ أحقادي


لقد تحجَّرتِ الآلامُ في كَبِدي
ولمْ أجدْ آسياً فيكمْ لأكبادي


دَعوا جراحيَ تُذكي الثأرَ في دمِ منْ
لم يُولدوا فهُمُ أَولى بإنجادي


لا ترسموا ليَ أبعادي فإنَّ يدي
أحنى على الرسمِ في تحديدِ أبعادي


* * *

أَسْكنتُموني فراغَ العصرِ فاحترفتْ
كفِّي السلاحَ بأغوارٍ وأنجادِ


لا تقتلوني فما عِرضي بعرضِكُمُ
ولستمُ يا دُعاةَ السِّلمِ قوَّادي


ما كانتْ امِّي بغيَّاً في بيوتِكُمُ
ولا أبي امرأَ سَوْءٍ أو بقوَّادِ


وما زنيتُ وأولادُ الحرامِ على
صدري يعيثونَ بينَ السفحِ والوادي


أمِّي العروبةُ إيماناً وتضحيةً
ووالدي السَّيفُ والثُّوارُ أولادي


* * *

كفَّنتموني قُبيلَ الموتِ لا سَلِمتْ
يدٌ تُكَفِّنُني في ثوبِ أعيادي


فكيف تبغونَ موتي والفداءُ على
زَنديَّ يشهدُ أنَّ السيفَ ميلادي


* * *

من خيمةِ الذُّلِّ في الأرضِ العراءِ نما
حقدي وحطَّمَ أغلالي وأصفادي


هناكَ خلفَ حدودِ الموتِ في وطني
آنستُ ناراً فشبَّتْ نارُ أحقادي


مزَّقتُ كلَّ خيامِ الذلِّ واقتلعتْ
ريحُ التَّمرُّدِ تحتَ الليلِ أوتادي


عقدتُ للنصرِ بَندَ الفتحِ فاقتحمتْ
يوم الكرامةِ بابَ الخوفِ أجنادي


* * *

لا أقسمُ اليومَ بالأقصى وصخرتِهِ
بلْ بالدماءِ بأولادي وأحفادي


لن ترجعَ " اللهُ أكبرُ " في مآذنِهِ
ولن ترُنَّ نواقيسٌ بآحادِ


وأنتُمُ بينَ مُسْتَجدٍ يمدُّ يداً
وتاجرٍ همُّهُ للسوقِ إعدادي


يفاوضُ الخصمَ في بُردينِ من ضِعةٍ
بُرْدِ اتفاقٍ وبُرْدٍ نَسْجِ أجسادِ


قد حِيْكَ فوق شِعابِ الأرْزِ واصطبغتْ
خيوطُهُ بدمي من يومِ ميلادي


وفصَّلوهُ بأشكالٍ منوَّعةٍ
وطرَّزوهُ بأزهارٍ وأورادِ


وسارَ عارضُ أزياءِ السلامِ بهِ
والمعجبونَ أتَوا كلٌّ بميعادِ


تجمَّعوا وسيوفُ الثأرِ في وطني
تهتزُّ تلعنُهُمْ من طولِ إغمادِ


دارتْ عليهم كؤوسُ الذلِّ مُترَعةً
حتى الثمالة في مَحوي وإيجادي


وعادَ جسماً بلا وجهٍ يُميِّزهُ
لمَّا تعاوَوا عليهِ بعدَ إجهادِ


كفى المفاوضَ عنِّي أنَّهُ حَمَلٌ
يبغي لمَذأبةِ الأعداءِ إرشادي


* * *

يا ناسكينَ بثوبِ الزُّهدِ في وطني
إنِّي كفرتُ بنُسَّاكٍ وزُهَّادِ


أتسمعونَ ؟ أمِ الإرعادُ أطرشَكُمْ
لمَّا أفقتُمْ على قَصفي وإرعادي


ألا ترونَ ؟ أمِ الأضواءُ تحجبُكمْ ؟!
فلا تبينُ طريقٌ دونَ أرصادِ


هناكَ جُثَّةُ آمالي مُحنَّطةٌ
في متحفِ السلمِ تروي حقدَ حُسَّادي


* * *

يا نادبينَ عفافي إنَّ أدمعَكمْ
أقسى على الطُّهرِ من تمزيقِ أبرادي


رُدُّوا خناجرَكُم إنِّي سأشعلُها
شعواءَ تضربُ طاغوتاً بجلَّادِ


حتَّى تُنوِّرَ أزهارُ السلامِ على
غُصنٍ رطيبٍ كريمِ الأصلِ ميَّادِ



15-4-1978