عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-2011, 10:52 AM
المشاركة 86
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



مباركة




عندما يظهر الشاعر


في هذا العالم الملول


بقرار من القوى العلوية


تلوّح أمه المذعورة


بقبضتيها المتشنجتين


في وجه الله الراثي لحالها هائجة


وتقول: ليتني وضعت وكراً من الأفاعي


بدلاً من أن أرضع هذا الطفل التافه


ملعونة هي ليلة المتعة الزائلة


التي حملته فيها


ليكن هذا الحمل كفارةً


عن كل ما ارتكبته من آثام


بما أنك يا رب اخترتني


من بين النساء جميعاً


لأكون موضع قرفٍ لزوجي البائس


إنني لا أستطيع أن ألقي


بهذا المسخ المخيف


كما تلقى رسالة الحب في اللهب


سأقصف عمر هذه الشجرة


لكي لا تنمو براعمها الوبيلة


وهكذا تجرَّعَتِ المرأة زَبَدَ حقدها


وهي تجهل أن القدر المحتوم


جعلها تعدّ بنفسها


في قصر الجحيم


المحرقة المهيأة لجرائم الأمومة


لكن ملاكاً خفياً بيسط حمايته


على الولد المحروم


فيسكر بالضياء


وفي كل ما يأكل ويشرب


يجد الرحيق وشراب الآلهة


يلهو مع الريح ويتحدث إلى الغيوم


ويمشي على درب الآلام وهو يغني


والروح التي ترافقه في حَجِّه المقدس


تبكي لرؤيته فرحاً كعصفور الغابة


ويراقبه بخوف كل الذين


يرغب في محبتهم


أو يغتنمون هدوءه


ليبحثوا عمن يستطيع


أن ينتزع منه شكوى


ويجرون عليه تجارب وحشيتهم


ويخلطون خبزه وخمره


بالرماد والبصاق


ويلقون جانباً, برياء


بكل ما تمرُّ عليه يده


ويعاتبون أنفسهم


لأنهم ساروا على


هدي خطاه


وزوجته تصرخ في الساحات العامة قائلة:


بما أنه يجدني جميلة حتى العبادة


لذلك سأفعل ما فعلته الأوثان القديمة


سأجعله يعيد طلائي بالذهب


وسأسكر بعطر الناردين والبخور


والمّر والخمور والسجود واللحوم


لأعرف إن كنت أستطيع


أن أزاحم الولاء الإلهي


في قلبه المعجب وعندما أسأم هذا التهريج


سوف أمد يدي القوية الهشة إلى قلبه


وأظافري الشبيهة ببراثن الجوارح


تستطيع أن تمهّد الطريق إليه


وكالعصفور المرتعش


سأقتلع هذا القلب المدمّى


وألقيه أرضاً باحتقار


لأشبع في داخلي


وحشي المفضل


لكن الشاعر الهادئ


يرفع ذراعيه الخاشعتين


إلى السماء إلى حيث تلمح عيناه


عريشاً رائعاً


وومضات روحه الكبيرة الصافية


تحجب عنه مشاهد الشعوب الغاضبة


فلتكن مباركاً يا الله يا من تمنح الآلام


كأنها دواء سماوي لأوزارنا


والرحيق الطاهر الذي يعدّ الأقوياء


لتلتقي المتع المقدسة


أنا أعرف يا إلهي أنك تحتفظ للشاعر


بمكان في صفوف السعداء


وتدعوه للمشاركة في الأعياد الخالدة


للعروش والفضائل والانتصار على الرغبات


أنا أعرف أن الألم هو الشرف الوحيد


الذي لا ترقى إليه أرض ولا جحيم


وأن صناعة تاجي الرمزي


تقوم به جهود الأكوان والأزمان


وأن كل جواهر تدمر القديمة المفقودة


والمعادن المجهولة ولآلئ البحار


التي استخرجتها يداك


لن تكون كافية لتزيين هذا التاج الباهر المضيء


لأنه من صنع الأشعة النقية


النابعة من موطن الأضواء الأصيلة المقدسة


وأن العيون الغافية على أشراقها


ليست إلا مرايا مظلمة وشاكية


بالنسبة إليها




ترجمها عن الفرنسية


حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار




هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)