عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-2011, 09:19 AM
المشاركة 51
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي




رحلة إلى جزيرة سيثير


un voyage a cythere





كان قلبي يرفرف فرحاً كعصفور


ويحلق طليقاً حول حبال السفينة


وهي تشقُّ العُباب تحت سماء بلا غيوم


كملاك أسكرته الشمس المتألقة


ما هذه الجزيرة السوداء الحزينة؟


قيل لنا إنها (سيثير)


البلد الذي اشتهر في الأغاني


والموئل الأسطوري التافه


لكل الكهول العزّاب


انظروا إليه إنه أرض فقيرة


يا جزيرة أعذب الأحلام وأحلى الأعياد


أن شبح (فينوس) الرائع


لا يزال يحوم فوق بحارك


كما يحوم الشذا


ويملأ النفوس بالحب والفتور


أيتها الجزيرة الرائعة


المفروشة بالآس


والغارقة بالأزهار


أيتها المباركة إلى الأبد


من جميع الأمم


إن تنهدات القلوب المُتعبّدة


تتصاعد فيها كالبخور


فوق بستان من الورد


وكهديل الحمام الخالد


لكن سيثير لم تَعُد سوى بقعة جرداء


وصحراء صخرية يقلقها صراخ حاد


ولكني لمحت فيها شيئاً فريداً


لم يكن ما رأيته معبداً تظلله الأشجار


تطوف به الكاهنة الشابة


التي تعشق الأزهار


وقد ألهبت جسدها نار خفية


فشقت ثوبها التماساً للنسمات العابرة


فعندما كنا نساير الشاطئ عن قرب


ونروّع العصافير بأشرعتنا البيضاء


طالعتنا مشنقة بثلاث ركائز


تنتصب سوداء في الفضاء


كشجرة الشربين


وجوارح الطير تحط على هذا المرعى


وتفتك بنهم بمشنوق قد نضج


وكل جارح منها يغرس منقاره


النتن كآلة حادة


في كل ركن مُدمّى


من هذه الجيفة المتعفنة


كانت العينان تجويفين فارغين


ومن بطنه المبقور


كانت الأمعاء الثقيلة


تسيل على الفخذين


وقد أسبعه جلادوه المتخمون


بهذه الوليمة الكريهة


بضربات مناقيرهم تشويهاً وخصياً


وتحت أقدامه


راح قطيع من الحيوانات الحاقدة


يدور ويطوف يتوسطه وحش ضخم


كأنه الجلاد يبن زبانيته


يا ساكن سيثير


يا طفل سماء رائعة الجمال


عانيت الاحتقار بصمت تكفيراً


عن مبادئك الدنيئة


وخطاياك التي حرمتك من القبر


أيها المشنوق المضحك


آلامك هي آلامي


وعندما أنظر إلى أطرافك المُدلاة


كنهر طويل ينساب بالحقد والألم


أشعر بالقيء يتصاعد إلى فمي


فأمامك أيها المسكين الذي أعزّ ذكراه


أشعر بوقع منقار كل غراب


وفكّ كل فهد أسود


فهؤلاء كانوا في الماضي


يتوقون إلى سحق لحمي


كانت السماء رائعة


والبحر أملس كالمرآة


لكن كل شيء في نظري


أصبح دامياً أسود


لاني كنت أشعر واأسفاه


كأن قلبي لفّ في كفن سميك


ودفن في هذه المنحوتة الرمزية


لم أجد في جزيرتك قائماً يا فينوس


سوى مشنقة رمزية


تتدلى منها صورتي


فامنحني يا ربُّ القوة والشجاعة


على تأمل قلبي وجسمي بلا قرَف





ترجمها عن الفرنسية


حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار





هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)