عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2011, 09:27 PM
المشاركة 5
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



كآبة (1)


spleen




يصبّ شهر الأمطار الغاضب


على المدينة كلها


من قربته المفعمة بالأمواج المتدفقة


برداً مظلماً على السكان الشاحبين


القاطنين إلى جوار المقبرة


وموتاً على الضواحي المغلفة بالضباب


يفتش هرّي عن مرقد فوق البلاط


وهو يحرك جسده الهزيل الأجرب دون كلل


في حين تهيم روح شاعر عجوز


في الميازيب بصوت حزين


كصوت شبح أنهكه البرد


الناقوس ينتحب والحطبة المشتعلة


ترافق بصوت حاد صوت الرقاص المبحوح


أما أعرج (الكبّة) ونبت (البستوني)


الإرث المشؤوم لعجوز مصابة بالاستسقاء


فقد جلسا يتحدثان بحزن


عن حبهما الراحل


في لعبة مليئة بالروائح الكريهة




ترجمها عن الفرنسية


حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار



- - - - -





كآبة(2)


spleen




كثيرة هي ذكرياتي كأني عشت ألف عام


إنها خزانة ضخمة مزدحمة الأدراج


بأوراق الجرد والأشعار


والبطاقات الرقيقة


والدّعاوى والأغاني العاطفية


وخصلات الشعر الكثيفة


الملفوفة بالبراءات


إن ما تخفيه من الأسرار


أقل مما يخفيه وجداني الحزين


إنها كهف وهرم واسع يحوي من الجثث


فوق ما تحويه الحفرة الجماعية


أنا مقبرة عافها القمر, يسعى فيها


كما يسعى الندم


دود طويل ينقضّ دائماً بنهم


على الأعزاء من أمواتي


أنا بهو قديم تملؤه الزهور الذابلة


تسكنه أكداس من الأزياء


التي فات زمانها


وتستنشق فيه عبير حق مفتوح


رسوم الباستيل الشاكية


ولوحات (بوشيه) الشاحبة


لا شيء يعادل في الطول


الأيام المتعثرة


عندما يرزح تحت ركام ثقيل


من ثلوج السنين


الضجر تلك الثمرة المُرّة


لللامبالاة الكئيبة


ليأخذ أبعاداً تجعله أبدياً


فيا أيتها المادة الحية لم تعودي


سوى صخرة يحيطها رُعب غامض


تنام في قلب صحراء مغبرّة


كأبي هول تجاهله عالم غافل


وأزيل عن الخريطة


فبات مزاجه سوداوياً


ولم يعد يغني إلا على الضوء الشاحب


لأشعة الشمس الغاربة




ترجمها عن الفرنسية


حنّا الطيّار- جورجيت الطيّار






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)