عرض مشاركة واحدة
قديم 03-10-2011, 09:17 PM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


عدد القصائد(89)






البجعة


le cygne



مهداة إلى الشاعر فيكتور هوغو



أفكر بك يا أندروماك


هذا النهر الصغير الفقير


الذي كان المرآة الكئيبة


التي تألق عليها في الماضي


جلال آلام ترمُّلك


وهذا (السيموا) الكذاب


الذي كبّرته دموعك


كل ذلك أخصب فجأة ذاكرتي المبدعة


وأنا أجتاز (الكارّوزيل) الجديد


باريس القدية لم يعد لها وجود


فشكل المدينة يتبدّل


واأسفاه بأسرع مما يتبدّل قلب الإنسان


إني أرى وبعين الخيال فقط


معسكر الأكواخ وخيام السّيرك


والبراميل والأعشاب والكتل الصمّاء


التي لوّنها ماء الحضر بالأخضر


والأشياء التافهة المتنوعة


التي تلتمع في النوافذ


هناك كانت تنتشر قديماً


حيوانات العرض


وهناك رأيت ذات صباح


في تلك الساعة


التي يهب فيها العمال من نومهم


تحت السماء الصافية الباردة


وتطلق الدِّمن فيها زوبعة قاتمة


في الهواء الساكن


بجعة هاربة من قفصها


تضرب الأرض بقائمتيها


وتجرجر ريشها الناصع


على الأرض الوعرة


وتفتح منقارها عند ساقية جافة


وتعَفِّر جناحيها بالتراب


والحنين يشدّها


إلى جمال بحيرة موطنها


ولسان حالها يقول:


أيتها المياه متى تنهالين أمطاراً


ويا أيتها الصاعقة متى تنقضّين


فتراءى لي الطائر الخرافيّ العجيب


التاعس كأنسان (أوفيد)


وهو يتجه نحو السماء الداكنة الزرقة


الساخرة القاسية


وقد مدّ رأسه المتلهِّف


فوق عنق متشنج


كأنه ينحي باللائمة على الله


باريس تتبدل لكن شيئاً واحداً


في نفسي الكئيبة لم يتبدل


فالقصور الجديدة والمنشآت


والأكوام والضواحي القديمة


كلها أصبحت في نظري منحوتة رمزية


وأعز ذكرياتي أصبحت أثقل


من كتل الصخور


وأمام هذا (اللوفر)


تعذبني صورة معينة


إني أفكر ببجعتي الكبيرة


بحركاتها القلقة


المضحكة السامية كحركات المنفيين


والتي تغذيها رغبة سامية


وأفكر بك با أندروماك


وأنت ترتمين


بين ذراعي زوج عظيم


كالحيوان العاجز بين يدي


بيريس الرائع


وتنحنين مسلوبة الفكر


بجانب قبر فارغ


يا أرملة (هكتور)


وزوجة (هيلينوس)


وأيضاً أفكر بالزنجية المسلولة المعروقة


تدوس في الوحل مُفتشة


عن ثمار جوز الهند الإفريقية


بعينين زائفتين وراء أسوار الضباب


وأفكر بكل من فقد شيئاً


لا يمكنه تعويضه


بالذين يشربون دموعهم


ويمتصون آلامهم


كيتامى الذئبة الطيبة الناحلين


الذابلين كالأزهار


أفكر بالغابة التي أصبحت


منفى لعقلي


فتدق في صدري


ذكرى قديمة كما يدق البوق


أفكر بالبحارة المنسيين


فوق جزيرة ضائعة


بالأسرى والمغلوبين


وبكثيرين غيرهم






ترجمها عن الفرنسية


حنّا الطيّار - جورجيت الطيّار


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)