عرض مشاركة واحدة
قديم 02-22-2011, 10:44 PM
المشاركة 11
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي



فلنؤمنْ بحلول الفصل البارد


(ج 4)




قلت لأمي: أخيراً انتهى


قلت: دائماً قبل أن تفكري يقع الحادث.‏


يجب أن نبعث التعازي إلى الصحيفة‏


الإنسان الأجوف‏


الإنسان الأجوف ممتلئ بالثقة


أنظرْ، كيف، عند المضغ، أسنانه تقرأ النشيد


وعيناه، حين يحدّق تمزّقان


أما ذلك، فهو يعبر من جنب الأشجار‏


صبوراً‏


وقوراً‏


حيران‏


في الساعة الرابعة‏


في اللحظة التي كانت حبال شرايينه‏


كالأفاعي الميتة من طرفي حلقومه إلى الأعلى


وبصدغيه الهائجين يكرر ذلك اللفظ المدمى:‏


ـ سلاماً‎‏


ـ سلاماً‎‏


وأنت...‏


ترى هل شممتَ يوماً‏


الشقائق الأربع الزرقاء...؟‏


مضى الزمن‏


مضى الزمن وأرخى الليل سدوله

على أغصانِ‏ الأكاسيا العارية


الليل يتزحلق على زجاج النافذة


وبلسانه البارد‏


يمتص إلى داخله ما تبقى من اليوم الذاهب‏


من أين أتيت أنا؟‏


من أين أتيت أنا؟‏


هكذا مدهونة برائحة الليل؟‏


لمْ يزلْ تراب ضريحه طريّاً‏


أعني ضريح تينك اليدين الخضراوين الفتيتين


كم كنتَ رحيماً أيها الحبيب ـ يا حبيبي الأوحد


كم كنتَ رحيماً عندما تكذب‏


كم كنتَ رحيماً عندما تغلق جفون المرايا‏


وتقتلع القناديل من سيقانها السلكية‏


وفي الظلام الظالم تأخذني إلى مراتع الحب‏


إلى أن يجلس ذلك البخار الدائخ من حريق العطش‏


على مرج النوم


تلك النجوم الورقية‏


تدور على اللامنتهى‏


لماذا قالوا الكلام بالصوت؟‏


لماذا استظافوا النظر ببيت الملتقى؟‏


لماذا أخذوا الرغبة إلى حياء الضفائر العذرية؟‏


انظرْ‏


كيف يحيا ذلك الشخص الذي يتكلم بالكلام‏


ويعزف بالنظر‏


وبرغبة الرهبة نام مصلوباً على أعمدة الوهم‏


وكيف بقي على خدّه‏


أثر أغصان أناملك الخمس‏


التي تشبه الحروف الخمسة للحقيقة‏





يتبع
.
.

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)