الموضوع: القصــــة
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-19-2011, 01:09 AM
المشاركة 4
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي






القصة القصيرة الحديثة


ظهرت القصة القصيرة الحديثة في تزامن لافت في ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا. في عام 1801 في ألمانيا كان فريدريش شليغل أول من نافس نظرياً الدور الجمالي والفكري للقصة القصيرة التي بدأت تحتل حيزاً ملحوظاً في الصحافة كجزء عضوي من بنيتها وأهدافها, وفي عام 1827 علَّق غوته على الفارق الجلي ما بين القصة القصيرة الحديثة والسرديات القصيرة القديمة، متفقاً مع الناقدَين الأدبيين ڤيلاند وشلايرمَخَّر Schleiermacher على أن القصة القصيرة يجب أن تكون واقعية تتعامل مع أحداث محتملة وشخصيات ممكنة الوجود في الواقع المعيش بين الناس.



إلا أن قصص كلايست وهوفمَن ولودڤيغ تيك L.Tieck تنبو عن حدود التعريف السابق فتخرج من حدود الواقع إلى عالم الميتافيزيقا والفانتازيا، في محاولة لاستكشاف عوالم الإنسان الداخلية وخفايا عقله الباطن.


وبهذا نأى هؤلاء الكتاب في إنتاجهم القصصي عن الشروط التي فرضتها الصحافة، ومهدوا للكاتب أفقاً للإبداع، مادام الهدف جاداً وليس ترفيهياً وحسب، إلا أن هذا لاينفي كون العمل الأدبي ممتعاً فنياً.




وفي الولايات المتحدة الأمريكية لم يختلف تطور القصة القصيرة الحديثة عما كانت عليه الحال في ألمانيا، فثمة كتاب تمسكوا بالواقعية وبعرض الأحداث من منظور موضوعي، وفي خط موازٍ تطورت القصة القصيرة الانطباعية impressionist التي تتخذ شكلها ومضمونها من خلال وعي الراوي وسلوكه النفسي. ولاشك في أن مكانة القصة القصيرة قد توطدت فنياً في أمريكا من خلال الاهتمام النقدي المكثف الذي لاقته، ليس فقط بأقلام النقاد، وإنما بإسهامات الكتاب أنفسهم نقدياً، وعلى رأسهم پو.



وفي فرنسا القرن التاسع عشر حظيت قصص بروسبر مِرميه باهتمام كبير بوأه كرسياً في الأكاديمية الفرنسية ونشر سمعته حتى ما وراء الأطلسي، فكانت قصصه القصيرة نماذج رائعة عن دقة المراقبة والملاحظة للسلوك الإنساني موضوعياً من دون تحيز عاطفي.



ومن هنا يمكن فهم عدم تقبل الفرنسيين للقصة الانطباعية في نموذجها الأمريكي، على الرغم من اقتباسهم أسلوب پو السردي الذي أهمله نقاد وطنه. ومع ذلك فإن أشهر انطباعيَّين فرنسيين هما شارل نودييه C.Nodier وجيرار دي نِرڤال Nerval.



واللافت هو أن مشاهير الأجناس الأدبية الأخرى في فرنسا كالرواية والشعر قد جربوا أقلامهم بنجاح في القصة القصيرة، مثل بلزاك وفلوبير ودي ڤيني وغوتييه، إلا أن أحد أهم كتاب فرنسا في القرن التاسع عشر أي ألفونس دوديه امتاز بفرادة إبداعه القصصي الذي أظهر تقانات الكتابة وتجاربها في قرن بكامله.



أما أكبر قصاص فرنسي تميز بموضوعيته وتنوع موضوعاته وغزارتها، فهو موباسان الذي صار نتاجه القصصي مدرسة تحتذى في جميع أنحاء العالم.



إن أول القصص القصيرة الحديثة ذات الأهمية الفنية الجمالية في روسيا في القرن التاسع عشر تلك التي قدمها الشاعر ألكسندر بوشكين. فمثله مثل الفرنسي مرميه (الذي كان أول من ترجم أعماله إلى الفرنسية) طوَّر بوشكين في قصصه أسلوباً يقارب الكلاسيكية في عرض الصراع العاطفي مع التأكيد على عدم انحياز الكاتب عاطفياً إلى أحد طرفي الصراع.



وثمة نموذج مهم آخر من روسيا هو رواية الشاعر ليرمنتوف«بطل من زماننا» التي تتشكل أساساً من خمس قصص مختلفة ربطها الراوي في سياق معين هادف.
إلا أن ذروة القصة القصيرة الحديثة في روسيا تتمثل بنيكولاي غوغول، فسيد الرواية الواقعية الروسية دستويڤسكي يرى أن القصة الروسية قد خرجت من «معطف» The Overcoat غوغول، وهي أشهر قصصه.



وفي المرحلة نفسها نشرت قصص إيڤان تورغينيف الذي يبدو للوهلة الأولى مختلفاً في أسلوبه عن غوغول، إلا أن كليهما كانا في الواقع أكثر اهتماماً بمواصفات الشخصيات والأمكنة منهما في تطوير حبكة متكاملة العناصر. أما عملاقا الرواية الواقعية دستويفسكي وتولستوي فقد أسهما بنصيب وافر في تطور القصة، كل على طريقته.



ووصلت القصة الموضوعية objective story على يدي أنطون تشيخوف إلى ذروتها؛ فهو لا يبدي كبير اهتمام بالأحداث، ومع ذلك فإنه يكشف كثيراً من طبيعة حياة شخصياته، وأسلوبه في السرد مفعم بالفكاهة الساخرة والمتعاطفة مع الشخصيات، حيث أسس لتيار امتد تأثيره إلى العالم أجمع.






هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)