
تكومت على جوعي وضعفي وقلة حيلتي في هذه الظهيرة القاسية الخالية من الحنان والرحمة ...الظهيرة التي استحالت ناراً حامية تحرق جسدي الناحل وتقتات من صبري وعزيمتي وأنا أناضل من أجل البقاء!!
تجاوزت مرحلة الشعور بالحاجة للعب إلى مرحلة أشد وأنكى مرحلة ستر هذا الجسد وإيوائه!!
كان أكبر حلم راود خيالي البائس الذهاب للمدرسة وأكل فطيرة الجبنة بالزعتر التي طالما حلمت بتذوقها مثل بقية أقراني تمنيت فقط لو أعرف مذاقها!!
ظللت أعاني سكرة الحرمان المتربص بطفولتي وانطفأت مصابيح الدنيا بعيني حتى استحال نهاري وليلي قطعة من السواد ..خفافيش الجوع تداهمني حتى يجافي عيني النوم وأحرم لذة الكرى ..يلفحني الزمهرير يمنة ويسرة وأنا ألتحف السماء وأغالب دمعي المرير!!
أعاني حرماني وبؤسي ..أعاني طفولتي المشردة بلا ذنب..
صباحي لايشبه صباحهم فهو المثقل بالهم وبالأنين ...تتنازعني فيه الأفكار وتقذفني في أتون محرقة الجحود والقسوة ...
تجلدني نظراتهم ككلب شارع مشرد يخشون على أنفسهم منه!!
خيبة أمل تفتت أي بادرة بائسة لاستشراف المستقبل المجهول ..تنسف قناعاتي بوجود العدل والرحمة وتحولني من طفل بريء إلى مشروع مجرم يتربص بكل من يحدق بعينيه الذابلتين احتياجاً!!
اختناق يلف مفارق بهجتي المفقودة ..وشعاراتهم الزائفة بحقوقنا تتوسد الإذاعات وتفترش المجلات يملؤون الأرض نعيقاً وتخطف الكاميرات أبهر صورة زائفة لهم ..وأنا أقبع هنا حيث لايراني ولايسمعني إلا خالقي إليه أبث وجعي وشقاء سنيني..أدعوه أن يهبني صبراً لاخضوع فيه .. وذاكرة لاتحتفي بهم..وغدًا يخلو منهم..
فقد أتعبني الخوف من وحش طريق قد يمزق طفولتي..
أتعبني الخوف من غد أموت فيه لديغا...أتعبني الخوف من الموت جوعاً...وأتعبني الخوف من قرع أحذيتهم!!
وهم هناك يحتفلون فوق جثثنا ...ويشربون دماءنا...وأصوات الموسيقى تعتلي المنازل والساحات والكازينوهات يحتفلون بعيد الحب وهم يتراقصون بين أيدي العابثات ويقدمون لهن أفخر الهدايا والملبوسات ونحن نتضور حرماناً ونتلاشى جوعا!
فهنيئاً لكم عيد الحب وكل عيد وأنتم بخير!!