الموضوع: وجهة نظر..!
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
3

المشاهدات
3983
 
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية

خالدة بنت أحمد باجنيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
322

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Jan 2008

الاقامة

رقم العضوية
4365
02-03-2011, 05:23 PM
المشاركة 1
02-03-2011, 05:23 PM
المشاركة 1
افتراضي وجهة نظر..!
كنت أستمع قبل أيّام إلى الحوار المسجّل بين تركي الدخيل وعبده خال في برنامج إضاءات على اليوتيوب، هذا المقطع القديم الذي عدتُ إليه لا شيء سوى أن أستمع إلى عبده خال بأذن أخرى، أذن غير تلك التي حسبتني استمعتُ بها قديمًا، وأيّ استماع هو ذاك الذي تستقبل به محدّثك بحكم مسبق جاهز لا يقف من الحديث إلا على ما يبرّر موقفه، ويريح ضميره(!!!).

كثيرة هي النقاط التي تطرّق لها مقدّم البرنامج في أسئلته، وبالتالي فكثيرة هي الأجوبة والمحاولات التي شرعت بإزاءها توضيحًا أو تبريرًا أو مقاربة أو استشهادًا...الخ، بل حتّى اعتذرًا عن مواقف سابقة قد تحسب على الضيف لا له في حوار كهذا معهودة استثارته لما يدين محاوره، علّه بذلك يكشف وجهًا آخرًا لتلك الإدانة.. التي يرعاها الإعلام بمختلف أشكاله وأحزابه.

استرعى تأمّلي بشدّة ما أثاره عبده خال بوصفه لبعض الممارسات التي تدين العلمانيّة بالعلمانيّة نفسها، إذ أنّ العلمانيّة هي في أبسط تعاريفها فصل الدين عن الدولة، وهذا المفهوم الذي رُفض وأدين كثيرًا في واقعنا ومجتمعنا-خصوصًا- لم يتعدّ رفضه وإدانته الجانب النظري، لذلك فإنّنا لو نظرنا لوجدنا من رافضيه من يقصيه نظريًّا ويعيشه واقعيّا؛ وهذه الإشارة التي لم تنل ما تستحقّه من تفسيرٍ وتعليل وأمثلة-بنظري- هي ما دفعتني لكتابة هذه التدوينة.

طلبًا للفهم حاليًّا على الأقل، فإنّ مثل هذه المناقشات أوقن وأؤمن بأهميّتها وخطورتها اللتين تتجاوزان التساؤل الفردي إلى مكاشفة لواقع نعيشه ونتفاعل معه، يتمثّل بنا مثلما نتمثّل به، وينعكس علينا مثلما ننعكس عليه، وهذه العلاقات المحتمّة طبيعيًّا واجتماعيًّا ليس لنا أن ندير ظهرنا لها، لا سيّما أنّها ليست بمعزل ولا هامش يمكن التغافل عنه.

مفردة (العلمانية) من المفردات الثقيلة التي تشكّلت لنا بخلفيّة قاتمة كالحة، تحمل شحنة عالية من السلبيّة والخطورة، ولست هنا بصدد الشفاعة لها أو مناشدة إعادة النظر فيها بقدر ما أنا بصدد الانفصام بين النظري والتطبيقي، بين القول والعمل، بين ما ندّعيه وما نحن عليه حقيقةً سواءً كان ذلك عمدًا أو جهلاً..!

عندما نحارب العلمانيّة مصطلحًا ومفهومًا وموقفًا، ونؤلّف مستنكرين ومعارضين فيها مؤلّفات شتّى، ثمّ يكون الدين لأحدنا عباداتٍ شرعيّة بينه وبين ربّه متشدّدًا كان أو متساهلاً، ثمّ يزول أثر ذلك الدين تمامًا بينه وبين بني جنسه، ألا تعدّ ذلك وجهًا من وجوه العلمانيّة؟!!.

كثيرًا –لو نظرنا- نتلقّى الأمور في إطارها العام/النظري، ونتداولها قبولاً أو رفضًا، حتّى إذا استعرضنا أنفسنا وتعاملاتنا وجدنا أنّنا أبعد ما نكون عمّا نحن أعلم الناس به وبأدقّ تفاصيله ومسائله، لأنّ معرفتنا غالبًا لا تتجاوز المعرفة النظريّة إلى اختبار تلك المعرفة وإخضاعها للتجربة والمعايشة؛ وهذا بالضبط ما يجعل مفردة مثل (العلمانيّة) تنمو وتتمّدد في بيئة ترفضها وتشدّد النكير عليها، فأيّ مفارقة تلك التي تبعث العجب مضكحًا مبكيًا؟!!.

أليس من المفارقة أن تغيب أو تغيّب مفاهيم الدين الكبرى العظيمة، ليخضع الدين بعدها إلى تعنّت وتشدّد يكبّل خطواتك فيضطرّك –طبقًا للنظرة الراهنة- أن تكون من فئة الضلاّل أو المتهاونين(!!!) لا لشيء سوى أنّ الدين بل التديّن له نمطه وطابعه الشكلي الخاص الذي يستوجب عليك الاحتذاء ولا غير!، حتّى أفضى ذلك أن بات التديّن خارج نطاق الحياة.. أيّ العلمانية دون أن نصرّح بها..!
.
.
.
خالدة..