عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2011, 03:47 PM
المشاركة 13
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
بعد أن أخذوني من البيت وعيوني معصوبة .. كنت بلا حول ولا قوة
فلاقدماي قادرتان على المشي .. ولا بدني يستطيع النهوض على قدمي
كانوا يجروني . ولو لم يفعلوا لسقطت على الأرض ..
وكانت الضربات تأتيني من كل الجوانب شرقاً وغرباً و ...
ومع كل ضربة كنت أصرخ .. يا رب
ولما فاق الأمر عن حده لم أمسك دموعي فبدأت أبكي كما الأطفال
سرنا بالسيارة لساعتين من زمن تقريباً حتى وصلنا إلى مكان أجهله .. وفيما بعد عرفت أنه مركز تحقيق
فكوا الرباط عن عيوني فرموا بي في مكان أشبه بالبيوت المحفورة داخل الجبال
وأودعوني غرفة طولها متران ونصف وارتفاعها لا يزيد عن متر ونصف المتر .. لا أستطيع الوقوف أبداً
أما أرضيتها فكانت مليئة بالرمل والحصى .. ولمحت بعض الحشرات تسرح وتمرح ..
ولم يكن هناك فراش أريح بدني عليه
فنظفت بيدي ما تحتي من الحصى واستلقيت على الأرض .. وبدني يرتعش برداً
كان هذا القبو الذي كنت فيه أشبه بالقبر
مضت علي أيام لا أدري كم كان عددها لا أعلم ليلها من نهارها .. فلم أكن أتلق منهم سوى كوب ٍمن الماء كل ست ساعات وبعضٍ من خبز متعفن ...
كنت أضطر لأكله حتى لا أموت جوعاً

بعدها اقتادوني إلى غرفة التحقيق .. وهناك جلست على كرسي بالقرب من المحقق
وفي زاوية الغرفة رجلان مفتولا العضلات مستعدان للضرب في أية لحظة يشير بها إليهما المحقق
وبدأت أسئة لا عد لها ولا حصر .. وكأنني في أصعب امتحان لي في حياتي ..
وحتى يكتشفون كذبي من صدقي .. كانوا يعيدون السؤال علي بأكثر من صيغة
وبعد ساعات طوال من التحقيق .. يعيدوني إلى الغرفة
واستمر الحال عدة أيام ..
حتى جاءوني ذات ليلة وأنا مغمى علي في أرض الغرفة .. فأخذوني واستدعوا لي طبيب السجن
وأعطاني حبات قليلة يبدو أنها مهدئة ...
بعدها زودوني بفراش رقيق وزادوا جرعات الماء والخبز لم يعد متعفناً
استرددت شيئاً من قواي .. وأحسست بأنني يجب أن أكون رجلاً كما علمتني أمي
وفي ليلة سوداء .. جاءني ثلاثة جنود وأخذوني إلى غرفة التحقيق - وكانت هذه من أشق الليالي -
حيث أجلسوني عاري البدن مكشوف العورة بانتظار المحقق
وعاد المحقق يسألني :
من أنت ؟
فقلت : فلسطيني ..
فقال : اعترف
قلت : بماذا أعترف ؟
قال : أتنكر أنك شاركت بالمظاهرات التي مرت في شوارع المدينة قبل اعتقالك بأيام
قلت : لا والله لم أفعل
قال : انت كاذب ..
قلت : أنا لا أكذب
وفوجئت بلكمة على وجهي وأخرى من الجهة الأخرى ... لكمات وصفعات لا أعلم مصدرها
وما صحوت إلا والماء البارد ينصب فوق رأسي
ويعاد علي السؤال : مع أي جهة تعمل ؟
وكان كلما أنكرت أنني أعمل لحساب أحد كان يطفئ سيجارته في جسدي ... وصرخاتي تملأ الدنيا
ولا من أحد يأخذ بيدي
وبعد سلسلة عذاب لم تنته إلا باعترافي ..
فاعترفت لهم أني فلسطيني وأحب بلدي ورميت بأحجار عليها
عندها .. وقعوني على اعترافاتي .. ومثلت أمام المحكمة
وحكموا علي بالسجن مدة ستة أشهر

......... انتهت



تحية ... ناريمان