عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2011, 09:30 PM
المشاركة 24
رشيد الميموني
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
(5)


كم لبثت في مكاني أتامل العصفورين وحركتهما لا تهدأ ؟ .. كان العش الذي بدأ عصفوري تشييده قد بدأ ينتفش و يفقد بعضا من عيدانه ، فصرت أرى عملا دؤوبا لم يخل من أوقات استراحة كان يقف فيها العصفوران ربما ليتأملا ما صنعته مناقرهما الصغيرة من عمل ..أو ربما كان هناك غزل خفي لم يريدا أن أطلع عليه .. فراقني انسجامهما ..
الوقت ضحى ..وعلي أن أنزل لأسد رمقي .. ولكن كيف والعصفوران لم يغادرا الغصن المقابل لي ؟ .. هل أغامر بالنهوض وأعرض نفسي لأوخم العواقب فلا أراهما من بعد أبدا ؟ .. لأصبر قليلا ..
دوحتي تستقبل العديد من العصافير كمحطة يلقون فيها نظرة شاملة على المكان ثم أسمع حفيف أجنحتها وهي ترفرف عاليا منطلقة في حرية و دعة إلى ما شاء الله لها أن تذهب ..
حين اختفى عصفوراي لحظة ، اسرعت بالنزول ونظري لا يزال معلقا بالسماء حيث أسراب الطيور الخريفية تطير مجتمعة وهي ترسم أشكالا هندسية مختلفة .. ما أسعدها وهي تنعم بحريتها .. و أسائل نفسي ألست حرا ؟ .. ألا أفعل ما يحلو لي و أكتب ما أريد و أذهب حيثما يروق لي ؟
الجواب لا أجده صعبا .. لكن هل أنا حر بالمعنى العام و الشامل ؟ .. هنا أعجز عن الإجابة ..
و أنا في معرض التفلسف حول كلمة الحرية نسيت أنني عدت لأتناول فطوري .. وجلست على ربوة تطل على الوادي من الجهة اليمنى .. بدا لي النهر واضحا بعد انجلاء ضباب الصباح .. كل شيء كان ينطق بالبهاء .. وتحركت في رغبة الكتابة .. ماذا أكتب ؟ وعماذا أكتب ؟
خطر لي أن أكتب خاطرة تحتفي بعودة عصفوري صحبة رفيقته .. وهنا شعرت بأني أولي اهتماما مبالغا في لهذه الرفقة الجديدة .. هل هو إحساس بالغبطة إن لم أقل بالحسد تجاه عصفوري ؟.. طردت سريعا فكرة الحسد عن ذهني و استبقيت الغبطة .. إذن فهي غبطة تفضح شعوري بالوحدة .. هل ينادي لا وعيي عصفورتي أنا ايضا ؟ .. خفقان قلبي المضطرب أخبرني أنني على صواب .. إذن فلأكتب لهذين اللذين ملآ علي دنياي .. فلربما تناثرت كلماتي في عنان السماء لتصل إلى عصفورتي الساجية هناك في مكان ما من هذا العالم الرحب ..ربما تنتظرني أو تنتظر إشارة مني لتهل على عشي يوم ما .
عدت إلى عشي بالزاد وبعض البر و الأوراق وقد شمل نفسي حبور لا يوصف وقد غطى ما اعتراني من ضيق وتوتر .